اهتزت شوارع العاصمة مساء أول أمس على وقع إيقاعات انبعثت من عمق قارة هي الأكثر إثارة بين قارات المعمورة وأكثرها ثراء من حيث ''التنوع الحضاري والفكري والثقافي لشعوبها، فقد شهد آلاف الجزائريين الذين توافدوا من كل بلديات العاصمة إلى الشارع الرئيسي الرابط بين ساحة صوفيا، البريد المركزي، وملعب الشهيد فرحاني بباب الوادي انطلاق فعاليات المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني الذي اختارت وزارة الثقافة أن تكون افتتاحيته شعبية واضعة عيون الجزائريين على تفاصيل الحدث. فبعد إعلان وزيرة الثقافة ''خليدة تومي'' عن انطلاق فعاليات التظاهرة التي حضرتها شخصيات سياسية جزائرية وافريقية وعدد من الوجوه الفنية والثقافية ارتفعت أنغام جزائرية أصيلة من تقديم الفرقة النحاسية التابعة للحرس الجمهوري المكونة من 20 فارسا أبدعوا في تقديم كوكتال موسيقي جزائري عكس ثراء وتنوع التراث الموسيقي الجزائري وخصوصية كل طابع من الطبوع الجزائرية، وقد كانت البداية على ايقاع إحدى أشهر أغاني الفنان القبائلي ''ادير'' تلتها إيقاعات شاوية وصحراوية ووهرانية .. لتسجل أغنية ''الحمد لله ما بقاش استعمار في بلادنا'' بحنجرة عميد الأغنية الشعبية الجزائرية ''الحاج محمد العنقى'' حضورها ضمن الحدث والتي تجاوب معها الحضور بكل حرارة، وارتفعت وتيرة الاستعراض بدخول العربة الجزائرية التي تضمنت مجسمات لأهم المعالم والقطع الأثرية الجزائرية مرفوقة باستعراضات لعدد من الفرق الفولكلورية في مختلف الطبوع أهمها فرقة قرقابو ''بن سيبيا'' من ورقلة وفرقة ''بابا مرزوق'' من الوادي و فرقة ''الهبي'' من بشار وفرقة ''مشرية'' من النعامة وفرقة ''السعادة'' من المسيلة و'' اثران'' من تيزي وزو تقدمها عرضان صحراويان من عمق عاصمة الاهقار تمنراست التي تباهت بزيها الأزرق صانعة الفرجة الثقافية التي زادها استعراض الأحصنة والجمال عمقا وأصالة. معالم إفريقية تطل من الشرف الجزائرية ورغم التقاطع الكبير بين ملامح الشعوب والثقافات الإفريقية والتشابه الكبير بين عموميات وتفاصيل كل دولة إلا أن أنامل أزيد من 300 نحات وفنان جزائري وأجنبي تحكمت خصوصية 53 دولة افريقية كل منها على حدى من خلال تجسيد 53 معلما تاريخيا أفريقيا ظهرت أولى ملامحها مع دخول عربة دولة جنوب إفريقيا التي جسدت وبصورة مصغرة مدى ثرائها الثقافي من خلال احتوائها على عدد من المجسمات الممثلة للتراث المادي لجنوب إفريقيا، فيما انعكس ثراؤها اللامادي ضمن أداء الفرقة الفولكلورية المراقة للعربة. ولعل التشابه والتقاطع بين الثقافات الإفريقية عزز من إمكانية مشاركة بعض الفرق الجزائرية ضمن القوافل الإفريقية، حيث شاركت فرقة ''أولاد علي'' من غليزان ضمن العرض الذي قدمته الفرقة الشعبية لانقولا وظل الجمهور الجزائري ولساعات متأخرة من الليل يتابع توافد العربات الإفريقية عبر مسيرتها من شارع صوفيا وقوفا أمام المنصة الشرفية وصولا إلى باب الوادي في جولة استعراضية سياحية افريقية. من البنين إلى الكاميرون إلى الكاب فير إلى إفريقيا الوسطى إلى جزر القمر إلى الكونغو والكوت ديفوار والكوت ديفوار الديمقراطية والكونغو والغابون وغينيا وغينيا الاستوائية وتونس ...وصولا إلى عربة الصحراء الغربية التي ارتفعت أصوات ممثليها عالية تحيي الدولة الجزائرية ومطالبة بالحرية والاستقلال، فيما لوحظ غياب أغنى الدول الإفريقية تراثا وثقافة الجارة المغربية.