يحل فصل الصيف في المناطق الداخلية حاملا معه الكثير من الروتين والرتابة إلى الشباب، حيث لم تعد تكفي المنشآت الرياضية ولا مقاهي الأنترنت من استيعاب أعدادهم الكبيرة فلجأوا إلى استحداث طرق توفر لهم جوا من المتعة مثل تأجير حافلات وتنظيم رحلات لنقلهم إلى المناطق الساحلية. يضطر العديد من الشباب والمراهقين في المناطق الداخلية مع بداية فصل الصيف من كل عام وأمام قلة المرافق الترفيهية إلى اللجوء إلى طرق تضمن لهم الحصول على قدر من الترفيه والاستمتاع. حيث تقوم عدة مجموعات منهم بالاتفاق مع أصحاب حافلات النقل الحضري لأخذهم إلى المناطق الساحلية مقابل مبالغ معينة، تبدأ الرحلة في ساعة مبكرة من النهار على أن تنتهي الرحلة في مساء اليوم نفسه بعودة الحافلة، وتكلف الرحلة الشخص الواحد مبلغ 500دج وهو مبلغ يراه العديد من الشباب والمراهقين في متناول الكثير منهم خاصة وأنهم من عائلات فقيرة ومتوسطة الحال لا تملك الإمكانيات المادية لبرمجة رحلات لكافة أفراد العائلة، لكن هذا الوضع لم يثن الشباب والمراهقين وحتى الأطفال عن رغبتهم في الوصول إلى الشاطئ والاستمتاع ولو ليوم واحد بزرقة البحر. رحلات موجهة لترفيه محدود يلجأ أصحاب الحافلات إلى جمع عدد معين من الشباب والاتفاق معه على مبلغ الرحلة وموعدها والوجهة التي سيقصدونها، وتعتبر شواطئ بومرداس الجزائر العاصمة و بجاية الوجهة المفضلة الأولى للشباب خاصة وأنها غير بعيدة عن الولايات الداخلية مثل البويرة والمسيلة وبرج بوعريريج، حيث يمكن التوجه إليها في الصباح الباكر والعودة في نفس اليوم مع ضمان استمتاع الشباب بوقت أطول خلال الرحلة يقول السيد ''بوعلام ن'' صاحب حافلة ومبرمج لمثل هذه الرحلات من ولاية المسيلة، أنه ومع بداية كل صيف يلجأ إلى تقديم عروض للشباب بنقلهم إلى الشواطئ خاصة وأن سيارات النقل الجماعي أو الحافلات العادية قد لا تضمن لهم العودة في نفس اليوم، إلا أن منظمي مثل هذه الرحلات يقومون بالاتفاق مع الشباب وإرجاعهم في المساء أو الليل إلى بيوتهم، وهو الأمر الذي طمأن الشباب وزاد من إقبالهم على مثل هذه الرحلات، ويضيف السيد بوعلام أن الرحلات مرخص لها من طرف البلدية والشرطة ولا يمكن لأصحاب الحافلات التوجه إلى المناطق الساحلية واصطحاب الشباب دون الحصول على هذه الرخصة وتبين كثافة الرحلات المتوجهة إلى المناطق الساحلية رغبة الشباب في الخروج من الرتابة والملل اللذان يطبعان يوميات كثير من شباب المناطق الداخلية، حيث تشهد فترة نهاية الموسم الدراسي وبداية العطلة ارتياد الشباب والمراهقين لقاعات الأنترنت أو قاعات الرياضة التي لم تعد تكفي أعدادهم الهائلة وأصبح تفكيرهم منصبا على إيجاد متنفس ولو لساعات قليلة يخرجهم من هذا الروتين المتعب في نظر الكثير منهم، يقول ''محمد'' تلميذ ثانوي أنه وبعد عام كامل من الدراسة نجد أنفسنا مجبرين على ارتياد مقاهي الأنترنت أو تنظيم مباريات في كرة القدم بين الأحياء، وهذه الأخيرة لا يمكننا إجراؤها أمام الارتفاع الشديد في درجات الحرارة إلا بعد السادسة مساء، حيث تنخفض قليلا درجات الحرارة أما باقي اليوم فلا نجد نشاطا ترفيهيا آخر لكن الرحلات البحرية استطاعت أن تنفس عنا قليلا على الأقل مرة أو مرتين في الأسبوع كل حسب إمكانياته المادية، وهناك من الشباب وحتى الأطفال من يعمل في الأسواق أو محلات غسل السيارات من أجل توفير ثمن هذه الرحلة التي نرى أن أسعارها ترتفع عاما بعد آخر، أما صديقه أمين فيرى أن الرحلات البحرية أصبحت حلا للعديد من الشباب الذين يرغبون في الاستمتاع بالبحر بعيدا عن حرارة المدن الداخلية العالية، كما أنها فرصة للتجمع الأصدقاء وممارسة رياضات بحرية لا يمكننا ممارستها في مدننا. رحلات لا تخلو من النهايات المأساوية لا تخلو الرحلات البحرية التي يقوم بها شباب المناطق الداخلية نحو البحر من المشاكل وأحيانا من الخطورة، حيث يعمد أصحاب الحافلات إلى زيادة السرعة من أجل ضمان الوصول في أقرب وقت ممكن إلى البحر والعودة منه في نفس اليوم، وهو ما أدى في كثير من الأحيان إلى وقوع حوادث مرور خطيرة على غرار ما وقع السنة الماضية حين هوت حافلة لنقل المسافرين في وادي مرتفعات جبال تابلاط بولاية المدية، حين كانت متوجهة من وادي سوف إلى إحدى شواطئ العاصمة كانت تقل شبابا ومراهقين لقي عدد منهم حتفهم في نفس المكان، وشهدت حافلة أخرى من ولاية المسيلة حادثة عطب جعلت عددا كبيرا من المراهقين والأطفال يقضي ليلته في العراء، إضافة إلى القلق الكبير الذي تملك عائلاتهم التي لم تنم ليلتها من شدة الخوف، وهناك من اضطر منهم إلى تأجير سيارات والتوجه إلى مكان توقف الحافلة، كما تشهد هذه الرحلات أيضا حوادث غرق مؤلمة كان آخرها مع إعلان نتائج امتحانات السنة الرابعة متوسط في مدينة سور الغزلان بولاية البويرة، حيث توفي أحد التلاميذ الفائزين غرقا وهو الذي لم يمض على نجاحه سوى يومين اثنين، حيث جمع مبلغا من المال كانت عبارة عن هدايا تلقاها من أقاربه بعد نجاحه المميز إلا أن القدر لم يمهله إتمام فرحته وغرق في رحلة بحرية جمعت عددا من الفائزين في هذا الامتحان، وإن كانت الرحلات البحرية هي فرصة للعديد من الشباب للاستجمام والراحة إلا أنها أيضا رسمت مع استهتار بعض الشباب والسائقين مآسي لكثير من العائلات الجزائرية.