استفحلت في الآونة الأخيرة ظاهرة جديدة وسط الأحياء الجزائرية خاصة الفقيرة منها التي باتت تعج بعصابات الشوارع على أنواعها، فبين المتاجرين بالمخدرات والأسلحة إلى الاعتداءات العارمة والعامة التي تمس شرائح المجتمع على اختلافها وذلك باللجوء إلى أساليب قد لا يضعها الإنسان في الحسبان. فبعد أن منعت السلطات الأسلحة البيضاء التي تشمل السكين السيوف، الشاقورة.. من الاقتناء كون حاملها يعتبر متلبسا، تحولت عمليات الاعتداء عند العصابات وقطاع الطرق إلى عمليات تقوم بها كلاب ''البيت بول'' أو ''الروث ويلر'' والبولدوغ وغيرها من الحيوانات الصالحة للأمن والحماية المدربين لهذا الغرض. رغم أن القانون الجزائري يعاقب كل شخص يترك حيوانه الخطير في الشارع دون أي خوف حسب المادة 441 من قانون العقوبات الذي ينص على السجن لمدة 10 أيام إلى شهرين للجاني وكذا فرض غرامة مالية تقدر ب 100 دج إلى 1000 دج، إلا أن العديد من تلك العصابات والمجرمين لا يأبهون لذلك ويواصلون اعتداءاتهم على المواطنين. اعتداءات ومواقف حرجة يتعرض لها المواطنون في هذا الإطار التقينا سعيدة موظفة تقطن بباب الزوار روت لنا كيف تعرضت للاعتداء من قبل شخص مجرم برفقته ''البيت بول'' الذي حرضه ضدها وقام بسرقة هاتفها النقال وصياغتها ونقودها بطريقة جد مرعبة لم تكن تتخيلها حتى! قائلة: ''من هول الحادثة بقيت في المنزل أسبوعا كاملا وأنا أتناول المسكنات لم أتخيل يوما أن يحدث لي هذا بهذه الطريقة البشعة حيث تستغل الحيوانات في إيذاء البشر''. وقد أضاف الشاب خير الدين وهو طالب بجامعة باب الزوار أن هؤلاء المنحرفين يستعملون حيواناتهم لغرض الاعتداء علينا وإحراجنا كما أنهم معروفون في الميدان فهم يأخذون كلابهم كبيرة الحجم بحوالي 50 سم ويزن الضخم فيها 50 كلغ إلى الأماكن شبه الخالية للاعتداء على المارة وعامة تكون هذه الكلاب مدربة للهجوم. أما عزيز فيقول ''أنا أعيش في حي ديار الشمس العارم بالمخدرات والكحول والآفات الاجتماعية والمعتدين. فأنا أعرف اثنين من الشباب يقطنان في حينا عمرهم يتراوح ما بين 22 و30 سنة كلهم أسياد هذه الكلاب الشرسة ومطرودون من المدرسة لسلوكاتهم العدوانية في مستوى السابعة متوسط. وإثر ظروفهم المعيشية المزرية وجد هؤلاء أنفسهم مضطرين للسرقة والاعتداء على الغير''. ويضيف ''في هذا الحي شاب معروف اسمه مصطفى رئيس عصابة، سجن خمس مرات بسبب اعتداءاته بالسلاح الأبيض وتمويل المخدرات وهو معرض للسجن مرة أخرى إن ضبط عنده سلاح أبيض، وعليه فهو يستخدم هذا النوع من الكلاب المؤذية والشرس وكل السكان القاطنين بعين المكان وكذا القريبين منه مستاؤون إزاء هذه الظاهرة المتفشية في حيهم لما تشكله عليهم من خطورة وتهديد فقد أقر العديد من القاطنين أنهم عصابة يتصرفون بكل وقاحة ،ناهيك عن أنهم يقومون بتصرفات وأعمال غير شرعية خاصة عمليات السطو المتكررة في محطات الحافلات''. أما جميلة طالبة جامعية فتقول ''مازلت أتذكر كيف هاجمني وحش بشري مستعملا كلب البيت بونوقام لسرقة حقيبة يدي وكل ما كنت أحمله من مجوهرات، وقد كان يبدو على ذلك الشخص المجرم تأثير المخدرات في طريقة حديثه ونظره إلي ومعاملته لكلبه. وعند عودتي إلى المنزل سقطت مغشيا عليّ ومنذ تلك الحادثة قررنا الانتقال من الحي الذي كنا نقطن فيه لكثرة العصابات وقطاع الطرق به''. من جهة أخرى يقول نبيل 22 سنة إن هذه العصابات لا تكتفي فقط بتعاطي المخدرات وتناول الكحول والزطلة والسطوعلى ممتلكات الغير وكذلك التجارة غير الشرعية والمحرمة دون نسيان الكلاب التي يتم شراء أكلها من القصابات بالاعتماد على الصيد فعندما يكون الصيد جيدا يقدمون لهذه الكلاب لحما طازجا ما بين 2 أو 3 كيلوغرام وفي حالةالدخل الضئيل يكتفون بالقليل. ولا يكتفون بهذا فقط بل يطلقون ألقابا على الكلاب الأكثر شراسة كلقب ''الشيكور'' ويعتبرونه الأفضل والأخطر إذا أحسن العمل. سوء تدريب الكلاب تهديد للمجتمع في لقائنا مع رشيد وهو أحد المختصين في تدريب الكلاب، أوضح في محاولة للاستفسار عن نوعية الزبائن المقتنين للكلاب وعن مدى خطورة هذه الحيوانات على المجتمع فقال: يجب التمييز بين نوعين من الزبائن، العائلات التي تطلب تدريب كلابهم عامة على أساس الطاعة لأنها موجهة لغرض الحراسة والشباب الذين يأخذون البيت بول والروث ويل حيث يصرون على تدريبهم قصد الهجوم والطاعة طبعا. فمن جهتنا ندرب الكلاب تعليم الطاعة قبل المهاجمة لأن الكلب المدرب بطريقة سيئة قادر على مهاجمة الفرد في أي وقت ولأي إشارة حتى ولو كان ذلك قصد المداعبة والدلك ولا يمكن لسيده التحكم فيه. وعن أماكن شراء هذه الكلاب وأثمانها يجيب رشيد ''نجدها في كل مكان والأكثر شهرة الشويتي المتواجدة في أولاد فايت بالشراقة وخروبة كما يتراوح سعرها ما بين 15000 دج إلى 25000 دج''. ومع تفشي هذه الظاهرة في مجتمعنا يمكن القول إنه لمن المؤسف استغلال هذا الحيوان أي الكلب أبشع استغلال لأغراض دنيئة عوض أن يكون الرفيق الحامي والصديق الوفي لصاحبه.