ينبغي أن نقرر أولا إلى أن مسائل الصعود والهبوط، الهمة والفتور، زيادة الإيمان ونقصانه، هذه مسائل بشرية يعاني منها كل إنسان، ولا يخلو منها بشر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة، فمن تكن فترته إلى السنة فقد اهتدى، ومن تكن إلى غير ذلك فقد ضل) رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح. والشرة النشاط والرغبة، أما الفترة فالضعف والانكسار. 2 ليس معنى كلامي السابق تبرير تقصيرنا في ما افترضه الله تعالى علينا، فهذا حدٌّ أدنى لا يجوز التنازل عنه بحال، لكن معنى كلامي أن النفس تصيبها حالة من النشاط فتزيد من الطاعات والعبادات والأعمال الصالحة، ثم تأتيها حالة من الفتور فتقعد عن هذه النوافل، أما الفرائض فهي خارج هذه المعادلة تمامًا، وهذا ما أشار إليه نص الحديث بوضوح: (فمن تكن فترته إلى السنة فقد اهتدى، ومن تكن إلى غير ذلك فقد ضل). 3 أنت في حاجة شديدة لأن ترفعي الإيمان في قلبك، وأن تستشعري حب الله تعالى وقربه منك سبحانه، فعليك ببرامج رفع الإيمان، فأكثري من الطاعات والعبادات وأفعال الخير والدعاء والقراءة في كتب رقائق القلوب كي تستشعري خب الله تعالى، وكي ينغرس في قلبك الخوف منه جل شأنه، وكي يكون قلبك حيًّا كقلب نبي الله صالح عليه السلام حين قال لقومه: (قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير) سورة هود. 4 يجب أن تبحثي عن وسيلة تضبطين فيها مسألة صلاتك، وهذه بعض الأمثلة العملية :- أ. ليكن لك من زوجك معين على ذلك فتصليان معا، أو تتواصيان على الالتزام بها والسؤال عنها كلما حان وقتها. ب. ابحثي عن الرفقة الصالحة التي تعينك على ذلك، وتواصين بينكن في ذلك. ج. استخدمي المنبه لتنبيهك مع كل وقت صلاة، وإذا تنبهت فقومي مسرعة للصلاة ولا تأجليها أبدا. د. إذا كان الكمبيوتر متاحًا دائما في البيت فأنزلي عليه البرنامج المذكر بالصلاة حتيينبهك دوما، ولا تنسي: قومي مباشرة حين تذكيرك دون تأخير لأي سبب كان. ه. ضعي مواقيت الصلاة كما تضعين ما عليك من أعمال في يومياتك، واعتبريها أحد أجزاء يومك، فكما تذهبين لإحضار الأولاد من المدرسة مثلا أو تذهبين للسوق لشراء حاجياتك، ضعي الصلاة كأنها مهمة من مهمات يومك. وآخر ما أنصحك به هو استخدام أسلوب الثواب والعقاب، الثواب حين تلتزمين بالصلاة كلها، بمكافأة نفسك بأن تشتري شيئا تحبينه مثلا أو تمارسي أمرا ترغبين فيه، والعقاب حين تقصرين بأن تحرمي نفسك من شيء تريدينه وتحبينه، أو تفرضي عليك مبلغًا تتبرعين به لله تعالى عقوبة على التقصير، أو تقللي من عدد ساعات نومك كلما قصرت، وحين تحسين أنك محتاجة للنوم ولست قادرة على إدارة يومك والقيام بأعمالك بشكل جيد حينها ستجدين نفسك تلتزم بالصلاة. وغني عن الذكر بالطبع أن الثواب والعقاب يزدادان بزيادة الالتزام أو بزيادة التقصير. الصلاة لا يمكن أن تكون في دائرة التقصير بحال، إنها العهد بين الإيمان والكفر كما أخبر رسولنا صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه، كما أنها من أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة، فالله الله في الصلاة يا أم محمد، وربي أولادك عليها منذ الصغر.