تحول موعد الدخول المدرسي إلى ما يشبه صراع '' الديكة '' بين مختلف مسؤولي نقابات قطاع التربية التي اقترح بعضها تأجيل موعده إلى ما بعد رمضان، وطلب آخرون بمراجعة الجدول الزمني للحصص ، في حين ذهب البقية إلى التشديد على عدم التدريس صبيحة يوم الجمعة وإيجاد حل لتعويض ساعاتها خلال أيام الأسبوع ، وهي مواقف كلها تعكس أننا البلد الوحيد ربما في العالم الذي يحتار فيه الأساتذة والتلاميذ مع كل سنة دراسية جديدة عن الموعد الرسمي للعودة إلى مقاعد التدريس والموعد الرسمي أيضا للخروج في عطلة. وتبقى هذه القضية التي تتكرر سنويا من بين النقاط السوداء التي تعاني منها منظومتنا التربوية دون ذكر طبعا قضية تدني مستوى التحصيل المدرسي والتسرب المدرسي، وكذا ضعف مستوى التلاميذ عموما وما إلى ذلك من المشاكل الأخرى، التي تحول دون تمكن المدرسة الجزائرية من أداء رسالتها على أكمل وجه . لكن إذا كان توفير الكتاب المدرسي في الوقت المطلوب وبالعدد الكافي، وانجاز قاعات تدريس جديدة للتخفيف من الاكتظاظ ، وكذا حل مشاكل الأستاذ المهنية والاجتماعية يمكن تبرير تأخر معالجتها من قبل السلطات العمومية لكونها تتطلب موارد مالية ضخمة قد لا تقدر عليها الدولة دفعة واحدة ، وهي تسعى لتسويتها من سنة لأخرى وفق ما هو متوفر ومتاح ، فان استمرار '' البريكولاج '' ، بخصوص التحديد المسبق لمواعيد الدخول المدرسي ومواعيد الخروج في العطل الرسمية ، وجعلها أمرا '' مقدسا '' لا تتغير ب '' النفحة '' كما هو جارٍ حاليا ، يثير أكثر من علامة استفهام خاصة وأن ذلك لا يتطلب أي إمكانات مادية ، بل ولا يحتاج إلى أي مجهود سوى إعطاء هذه المسألة الأهمية والجدية التي تستحقها فعلا . إن هذا التذبذب في تحديد مواعيد الدراسة وأوقات الراحة يكشف للأسف مدى الاستخفاف الذي يتعامل به مع المسألة، سواء من قبل الوزارة الوصية أو من طرف الأسرة التربوية، وحتى من قبل أولياء التلاميذ حول هذه القضايا الأساسية التي لا تقل أهمية عن الكتاب وظروف التمدرس الأخرى . إن عودة مثل هذا الجدل مع اقتراب كل دخول مدرسي حول التوقيت ومواعيد العطلة عوض فتح ملفات كيفية تحسين التحصيل لدى التلاميذ، ونوعية الكتاب، وطريقة رفع الملكات العلمية عند الأساتذة والمدرسين، تعد كلها مؤشرات على أن منظومتنا التربوية ما زالت في مرحلة '' الحضانة '' ولم تتخطاها قط ، رغم أن سنها يقول أن الجزائر احتفلت منذ شهر فقط بالذكرى ال 47 لاسترجاع سيادتها الوطنية كاملة غير منقوصة، وهو ما يعني أن قطاع التربية بحاجة إلى قرارات حازمة وصارمة ومقدسة من قبل الجميع، وليس إلى ''مزايدات'' وجدل عقيم حول أيهما أسبق البيضة أو الدجاجة.