يشتكي العديد من أرباب العمل خلال شهر رمضان من تأخر العمال المفرط للالتحاق بمناصبهم ومواعيد العمل المحددة من قبل مصالح الإدارة، رغم رزنامة العمل الاستثنائية التي تقتضيها ظروف العمل خلال شهر الصيام. وقد استفحلت هذه الظاهرة عند فئة النساء خاصة منهن الأمهات العاملات سواء بالمؤسسات العمومية أو الخاصة. تزامن شهر رمضان هذا العام مع الإجازة الصيفية وهو أمر لم نعهده منذ سنين. الأمر الذي أدى إلى حدوث انقسامات بين الصائمين سببها التغيرات التي تحدث في أوقات النوم فانقسم الصائمون إلى نوعين، منهم من يتمتعون بالإجازة الصيفية والمتوقع أن أكثرهم سيقضي الليل في السهر وينام بعد وجبة السحور وصلاة الفجر، والنوع الآخر هم الموظفون الملتزمون بدوام ثابت حتى وإن تأخر موعد بدء الدوام إلا أن عليهم الاستيقاظ صباحا للذهاب إلى العمل، وهذا يعني أن العائلة الواحدة وفي البيت الواحد ستنقسم إلى فريقين فريق يحاول السهر والآخر يطلب بعض النوم لالتزامه بموعد استيقاظ محدد وفي الغالب فإن الفريق الذي يفضل السهر تكون كلمته هي الأعلى في النهاية ويسود السهر في أغلب منازلنا في شهر رمضان. وحسب الجولة الاستطلاعية التي قامت بها ''الحوار'' إلى بعض المؤسسات العمومية والخاصة بالعاصمة وجدناها شبه خالية من موظفيها في الفترات الصباحية، رغم أن أوقات الدوام محددة ابتداء من التاسعة صباحا، ولكن الأمر الملاحظ أن كل الموظفين يتأخرون عن أوقات دوام عملهم بمدة تزيد على نصف ساعة وغالبا ما تفوق ساعة كاملة. وحسب بعض الموظفين أكدوا على أن عادة التأخرات لا تكون بكثرة ومستمرة في الأيام العادية إلا في شهر رمضان الفضيل، هذا الشهر الذي يرتبط في ذهن الكثير من الناس بالسهر ليلا والنوم نهارا، وهو نمط من الحياة اقتصر بكثرة على فئة النساء والأمهات العاملات ثم تليها فئة الرجال. وفي هذا الشأن تقربنا من السيدة ( ز - ل ) وهي موظفة بمؤسسة عمومية وأم لأربعة أطفال، قالت إنها في شهر رمضان الفضيل تتأخر عن موعد التحاقها بالعمل في الوقت المحدد، وهو الأمر غير المعتادة عليه في الأشهر الأخرى، مرجعة سبب التأخر إلى المسؤولية المزدوجة بين العمل والبيت وهو أمر يجبرها على بذل جهد للتوفيق بين مسؤولية الأولاد وتحضيرات الطبخ والتنظيف وغيرها من الأمور المنزلية، معتبرة في نفس الوقت العادات والتقاليد السائدة في المجتمع الجزائري ككل، سببا آخر يتركها تتأخر عن دوام عملها، مؤكدة أنه في الشهر الفضيل تكثر اللقاءات الاجتماعية بين الأقارب والأصدقاء إلى ساعة متأخرة من الليل، وكذلك مشاهدتها لمسلسلات وحصص أخرى عبر القنوات الفضائية عادة تكون في ساعات متأخرة من الليل، وهو ما يعرضها إلى الخمول والنعاس. ويقول ''حكيم '' وهو عامل بمؤسسة خاصة، وآثار التعب والنعاس بادية على تقاسيم وجهه ولاسيما أنه مدمن على التدخين، إنه لا يستطيع النهوض باكرا للالتحاق بدوام عمله في الوقت المحدد، مرجعا السبب إلى أنه يسهر مع أصحابه إلى ساعات متأخرة من الليل، ثم يدخل ليكمل السهر في متابعة برامج القنوات الفضائية لينام ساعتين ثم ينهض للسحور، مؤكدا أن هذه العادة تلازمه مع موسم كل شهر رمضان الذي يجده فرصة للسهر إلى غاية بزوغ الفجر، وفي نفس الوقت أكد على أن هذه عادة كثيرا ما سببت له مشاكل مع مسؤوليه في العمل.