مرة أخرى يحل شهر رمضان الكريم على الأسرة الأردنية حيث يطل عليهم حاملا تحت أجنحته الصورة المعهودة لطوابير الانتظار التي تشاهد في المخابز وعند بائعي القطايف ومواقف الحافلات، ويفرد جناحيه مطمئناً الفقراء إن هناك من يعتني بهم على الأقل خلال هذا الشهر الكريم. تتنافس الشركات الكبيرة والجمعيات بإنشاء «موائد الرحمن» والتي تنتشر في جميع أنحاء البلاد لتقدم وجبات إفطار رمضانية لمن هم أقل حظا وهي ناجحة بشكل كبير. ولا بد من التوقف عند مكرمة الملك عبد الله الثاني الذي أمر بإرسال قوافل الخير الهاشمية من الديوان الملكي الهاشمي مباشرة إلى (12) ألف أسرة أردنية موزعة على محافظات الشمال والوسط والجنوب والبادية الشمالية والجنوبية والوسطى والمخيمات. ويرى بعض الأردنيين شهر رمضان الفضيل كشهر للعبادة والاهتمام بمن هم أقل حظاَ، أما البعض الآخر فهو بالنسبة لهم شهر الربح وذلك من خلال تقديم السهرات الرمضانية بعد الإفطار والتي أحيانا تبقى لساعات الصباح الباكرة حيث يتم تقديم المشروبات الخاصة بهذا الشهر وهي قمر الدين وعرق السوس والتمر الهندي بالإضافة إلى المشروبات الغازية والحلويات. وفي الأردن تغلق الحانات ومحلات بيع الكحوليات خلال الشهر الفضيل، وتزدهر محلات بيع التمر الهندي وتقديم النارجيلة. يقول ضرار حوراني «إن شهر رمضان هو شهر عبادة وصوم وعلينا جميعا احترام بعضنا البعض ومراعاة حرمة هذا الشهر الفضيل». ويضيف «إن البعض يستغل هذا الشهر ويتوجه لإنقاص وزنه أو التوقف عن التدخين وممارسة الرياضة وهذا شيء ايجابي». يقول أحمد هلال «بأن حركة السير قبل وبعد الإفطار تصبح في غاية الخطورة وتزداد الحوادث حيث إن الجميع يكون في عجلة من أمره للذهاب للإفطار». ويضيف «إن الساعات التي تستبق موعد الإفطار تصبح ساعات جنونية حيث الطوابير على المواصلات والتعامل مع مزاجية سائقي التاكسي مما يجعل الوضع سيئاً». تخلو شوارع عمان خلال ساعة الإفطار من السيارات والمارة حيث الكل مرتبط بموعد مع مائدة الإفطار وتصبح بعض المناطق مهجورة تماما. أما بعد الإفطار، فتسري الحياة في شوارع عمان مجددا، فتتسابق الفنادق وأماكن الترفيه في تقديم كل ما هو جديد خلال فترة شهر رمضان المبارك، وتكتظ المقاهي بالزوار وتنتشر رائحة النارجيلة بمختلف نكهاتها من التفاح والسوس في الجو. تقول الموظفة الأردنية منال كورو «إن شهر رمضان يعطي الفرصة لإرجاع الحياة الاجتماعية التي يفقدها الإنسان من خلال ساعات العمل الطويلة»، وتضيف إن ما يلفت النظر هو ارتفاع الأسعار بحيث تصل إلى رقم خيالي في بعض الفنادق وأماكن السهر والتي تتنافس في إحضار المطربين خلال هذه الفترة. ويزين الأردنيون منازلهم بالنجوم والأهلة بمناسبة رمضان مما يجعل هذا الشهر يتميز عن باقي شهور السنة. وتكثر في شهر رمضان مظاهر قد تكون قاسية لاناس يبحثون في «أسواق البالة» عن قطع ملابس قديمة تحضيرا للعيد وينتشر أطفال في الشوارع طالبين المساعدة المالية. تقول منى عباسي وهي موظفة بنك بأن «معظمهم يستغلون طيبة الناس في هذا الشهر لطلب المساعدة وهذا شيء يعد استغلالا للعواطف»