دقت النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية ناقوس الخطر بشأن استفحال ظاهرة هجرة الأدمغة نحو الخارج وحتى في الداخل، مسجلة أكثر من 3000 طبيب جزائري يتوزعون على مستوى الدول الأوروبية في مقدمتها فرنسا، ومئات الأطباء هاجروا ولاياتهم الداخلية والشمالية والجنوبية بحثا عن فرص العامل في العاصمة، داعية إلى وجوب تحسين ظروف الأطباء ومقترحة راتبا يقدر ب 10 ملايين سنيتم في الشهر. وكشف الدكتور الياس مرابط ل ''الحوار'' أن أكثر من 3000 آلاف جزائري متواجد في الدول الأوربية، وأن مئات منهم فضلوا الهجرة الداخلية بحثا عن فرص العمل، ما أفرز بذلك خسارة كبيرة للجزائر بالنسبة لظاهرة الهجرة الخارجية، وخسارة مماثلة للولايات الداخلية بالنسبة لظاهرة الهجرة الداخلية التي فقدت أطباءها بعد أن فضلوا تركها للعمل في ولايات الوسط لتوفر مناصب الشغل بمختلف أسلاكه، ملفتا إلى أن أطباء الولايات الداخلية يتركون ولاياتهم لأنهم لم يجدوا فرصة العمل وعلى هذا الأساس يأتون إلى العاصمة لأجل البحث عن أي شغل حتى لو كان خارج تخصصهم واشتغلوا في التجارة. وربط رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية أسباب استفحال ظاهرة هجرة الأدمغة بالظروف الاجتماعية والمهنية والعلمية التي يفتقدها الأطباء في الجزائر، مبرزا أن الأطباء لم يتركوا بلدهم لأجل تحقيق الهجرة وإنما لأنهم يعيشون في ظروف مدقعة وغير مواتية للشهادة العلمية الكبيرة التي يحصلون عليها في الجزائر بعد سبع سنوات من الدراسة، حيث يجد الجزائريون في الدول الأوروبية كل الظروف المواتية والتي تمكنهم من تسخير ما دروسه في الجامعة الجزائرية على أرض الواقع وتسمح لهم بتقاضي أجور خيالية يستحيل أن يتقاضاوها في الجزائر. وفي هذا السياق أكد رئيس النقابة إلحاحه على الجهات المعنية وجوب الوقوف وقفة جدية عند هذه الظاهرة واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة التي من شأنها أن تعيد الطبيب الجزائري إلى دياره، كما يجب أن تضع إستراتيجية وطنية للأجل الحد بالمقابل من ظاهرة هجرة لأدمغة الداخلية وأن تسعى لأجل توفر كل الإمكانات حتى لا يسعى الطبيب نحو البحث عن العمل في ولاية غير ولايته التي تحتاجه، مقترحا أجرا شهريا يساوي ال 10 ملايين سنيتم. ويؤكد الياس مرابط أن الهجرة الداخلية أفرزت خللا في ميزان التغطية الصحية، وتجاوزت المقاييس والمعايير الوطنية في توزع الأطباء، كاشفا أن الجزائر توفر طبيبا واحدا لكل 800 مريض على مستوى ولايات الوسط، بينما توفر على مستوى ولايات الجنوب والداخلية طبيبا واحدا لكل 6000 مريض وهذا ما يزيد من حجم الخطورة في عملية تكريس تغطية صحية متوزانة. على صعيد آخر كشف رئيس النقابة أنهم يعقدون مكتبهم الوطني يوم ال 27 من هذا الشهر الجاري يناقش الأعضاء من خلاله عدة ملفات في مقدمتها مسألة مطالبهم المهنية والاجتماعية على غرار القانون الأساسي ونظام التعويضات والأجر ومدى استجابة الجهات الوصية لها، وعلى ضوئها يتم مناقشة ما إذا كانوا سيعودون لخيار الحركات الاحتجاجية أو يجمدونها، ملفتا إلى أنهم لن يتخلوا عن هذا الخيار ما لم تعر السلطات المعنية بالا لهم وأهملت مطالبهم المهنية والاجتماعية.