لعلها ربما المرة الأولى التي يستيقظ فيها الرئيس الأميركي باراك أوباما على خبر سار منذ وصوله الى البيت الابيض، خرج هذه المرة عن إطار الكابوس الافغاني، والتعقيدات العراقية، والحربين المفتوحتين فيهما، وتعثر مساعيه السلمية في الشرق الاوسط، والاستخفاف الاسرائيلي به، وتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على المجتمع الأميركي. ففي السادسة صباحاً، بتوقيت واشنطن، دخل المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس إلى حجرة رئيسه، فأيقظه من نومه، ليزف له نبأ منحه جائزة نوبل للسلام. وبدت موجة من الشك وعدم التصديق في ردود الأفعال التي أعقبت إعلان فوز الرئيس الأميركي بالجائزة لهذا العام، خاصة أنه لم يمض أكثر من تسعة أشهر في منصبه، مع العلم أنّ ترشيحه للجائزة كان في الأول من شباط الماضي، أي بعد أيام على دخوله البيت الأبيض خلفاً لجورج بوش، مع الإشارة إلى أنه لم يكن ضمن قائمة المرشحين الأوفر حظاً للفوز. ولعل تعليق صحيفة «وول ستريت جورنال» قد عكس هذه المفاجأة حيث عنونت، على موقعها الالكتروني: «أوباما يحصل على نوبل للسلام: في مقابل ماذا؟»، مشيرة إلى أنه «أصبح باستطاعة أي زعيم سياسي أن يحصل على جائزة للسلام لمجرد أنه يعتزم تحقيق السلام في وقت ما في المستقبل» .وفي كلمة ألقاها بعد ساعات على إعلان فوزه بالجائزة، قال أوباما «إنني للأمانة أشعر أنني لا أستحق أن أكون في صحبة العديد من الشخصيات التي أحدثت تحولات عديدة واستحقت جائزة نوبل»، لكنه رد في المقابل على من يقولون بأنه لا يستحق هذا التكريم، قائلاً إنّ «الجائزة على مدى تاريخها لم تمنح فقط لتكريم إنجاز ما، بل إنها استخدمت أيضا كوسيلة لمنح قوة الدفع لطائفة من القضايا». وكانت لجنة نوبل النروجية أعلنت عن منح أوباما جائزتها «لجهوده الاستثنائية لتعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب»، وكذلك «لرؤية أوباما وجهوده من أجل عالم خال من الأسلحة النووية»، مشيرة إلى أنّه «بفضل مبادرة اوباما، تقوم الولاياتالمتحدة حاليا بدور بناء اكبر في التحديات الكبرى التي يواجهها الكون ويتوقع أن تتعزز الديموقراطية وحقوق الإنسان». ورفض رئيس اللجنة ثوربيورين ياغلاند ما قاله صحافيون بأن فوز أوباما في الجائزة جاء مبكرا، مشيراً إلى أنها تعبير عما حققه بالفعل على مدى العام المنصرم، مع العلم أن ترشيحه للجائزة كان في الأول من شباط الماضي، أي بعد أيام على تسلمه مهامه. وقال ياغلاند «نتمنى أن يساهم هذا بقدر ضئيل في ما يحاول فعله». وأشار ياغلاند إلى أنّ الرئيس الأميركي لم يتلق الاتصال الهاتفي الذي تجريه اللجنة عادة مع الفائزين بجائزة نوبل للسلام لإبلاغهم بفوزهم، معتبراً أنّ «إيقاظ رئيس من نومه في منتصف الليل ليس شيئا يجب عمله». كما أثنى على الجهود التي بذلها أوباما لفتح حوار مع أخصام واشنطن، وأيضاً على الخطاب الذي وجهه إلى العالم الإسلامي من القاهرة. ومن المتوقع أن يتسلم أوباما الجائزة، وهي تتضمن ميدالية وشهادة وشيكاً بقيمة 10 ملايين كورون سويدي (حوالى مليون يورو) في العاشر من كانون الأول المقبل، الذي يصادف ذكرى وفاة مؤسس الجائزة السويدي ألفرد نوبل، ليصبح بذلك رابع رئيس أميركي يحصل على الجائزة بعد تيودور روزفلت (1906)، ووردرو ويلسون (1919)، وجيمي كارتر (2002). وقال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس إنّ اوباما سيتبرع بمبلغ الجائزة الى مشروعات خيرية. وكانت قائمة المرشحين للفوز بجائزة نوبل للسلام هذا العام قد حطمت رقما قياسيا ببلوغها 205 مرشحين، بين أفراد ومنظمات، وكان من أبرزهم رئيس وزراء زيمبابوي المعارض السابق مورغان تسفانجيراي، والأمير غازي بن محمد بن طلال، والطبيبة الأفغانية سيما سمر، علماً بأنّ حملة أطلقت على شبكة الانترنت لترشيح نجم البوب الراحل مايكل جاكسون، فيما كان أعضاء في مجلسي النواب والشيوخ قد رشحوا المتموّل الأميركي غريغ مورنسون، الذي بنى نحو 90 مدرسة في أفغانستان.