تعرف تجارة الألبسة والتجهيزات المستوردة في الأسواق والمحلات الجزائرية رواجا كبيرا وانتعاشا لا مثيل له، حيث أصبحت تسوق منتجات جديدة ومتنوعة، كما هو الحال بالنسبة للسلع الواردة من الصين و''تايوان'،' فأضحت التجارة أفضل مما كانت عليه من خلال غزوها لتباع بالأسواق العاصمية بأسعار جد منخفضة وبنوعية جد رديئة وسط تبادل التهم ما بين مسؤولي وزارة التجارة الذين يؤكدون صلاحية المنتجات والحالات التي وردت على الأخصائيين والتي تؤكد على وجود الخطر. تشكل الألبسة رخيصة الثمن التي أغرقت السوق الشعبية خاصة، والتي تشهد إقبالا منقطع النظير خطرا على صحة المستهلكين، إلى درجة أنها خلقت نوعا من الجدل بين الأطباء ومسؤولي مديرية التجارة. فهناك إجماع من طرف الأطباء والأخصائيين أن هذه المنتجات التي تباع بأسعار جد منخفضة، خطيرة ومضرة بصحة المواطنين، فيما تشجع مديرية التجارة التجار على استيرادها، وتنفي ما جاء على لسان الأطباء، وتؤكد على أنها صحية 100 بالمائة باعتبارها تخضع للرقابة وتعرض على المخابر قبل وصولها الى التجار، ليبقى السؤال مطروحا إن كانت فعلا تسبب أمراضا خطيرة، فهل المشكل يرجع فعلا إلى عملية تخزينها وإلى انعدام المخازن على مقاييس الحفظ أو إلى عدم خضوعها للمراقبة وعرضها على مخابر الجودة والنوعية؟ استقبال ثلاث حالات إصابة بالحساسية بعد العيد وللإجابة عن هذه الإشكالات من الناحية الصحية، أوضحت السيدة ''فراح. ز'' طبيبة عامة بمستشفى مايو بباب الوادي ليومية ''الحوار''، أن كل المنتجات المستوردة التي تدخل السوق الجزائري تهم جسم الإنسان، كالأحذية والملابس، قائلة إن هاتين الأخيرتين لديها علاقة وطيدة مع الصحة. وأشارت أن هناك مصادر طبية أكدت في أكثر من مناسبة أن الأحذية ذات النوعية الرديئة قد تؤدي إلى الإصابة بسرطان الجلد، وبأمراض أخرى مستعصية العلاج في حال عدم التفطّن وتحديد المواد الأوليّة التي صنعت منها وقد تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه. مضيفة أن جل المستهلكين والمستعملين لهذه المنتجات من المتوافدين على المستشفى لتلقي علاج الالتهابات الجلدية المفرطة وبعدد كبير، وهم من ذوي الدخل المحدود يقتنونها بحسن نية، وهم لا يدركون بأن السعر المنخفض هو الفخ الذي يجلب لهم الأمراض وأغلبيتهم لا يعلمون حتى من أين مصدر هذه الأخيرة، وهل يملك هؤلاء التجار رخصة بيع وهل خضعت هذه المنتجات إلى كشف يثبت عدم وجود خطر على صحة الإنسان. هذا وأضاف السيد ''فتحي بن أشوه''، طبيب في الصحة العمومية بالعيادة المتعددة الخدمات بباب الوادي، انه استقبل ثلاث حالات لمواطنين اشتروا مباشرة بعد عيد الفطر أحذية صينية، تعرضوا إلى التهابات جلدية ولدت لديهم حساسية مفرطة، مشيرا إلى أن أسعارها منخفضة تتراوح ما بين 50 و90 دينارا، مرجعا السبب إلى النوعية الرديئة للمادة التي صنعت بها هذه الأخيرة وخاصة مادة الصباغة، قائلا ''إن اللون أضحى يجذب كثيرا الزبائن، دون مراعاة المواد المتكونة والمصنوعة منه''، داعيا في ذات الأمر إلى ضرورة التقيد بثقافة الاستهلاك خاصة أن هذه الألبسة قد تشكل خطرا على هؤلاء الأشخاص وبوجه الخصوص فئة الأطفال، مضيفا أن هذه الألبسة تصدر منها روائح كريهة، سواء التي تباع داخل المحلات التجارية وفق سجل تجاري، أو التي تباع في المراكز التجارية وعلى الأرصفة في الأسواق الفوضوية. مديرية التجارة ترجع السبب إلى طريقة التخزين وتؤكد أنها تخضع إلى المخابر والمراقبة كشف السيد ''عياشي دهار '' ممثل عن مديرية التجارة لولاية الجزائر ليومية ''الحوار''، أن كل أنواع المنتوجات التي تدخل على مستوى الحدود البحرية، البرية والمطارات تخضع للرقابة، وفق مرسوم تنفيذي وقانون، مؤكدا أن مصالح المديرية تعمل على تطبيقه بكل دقة وصرامة قائلا ''الهم الوحيد بالمديرية هو حماية والحفاظ على صحة المستهلك''. وأرجع سبب تعرض المستهلكين لأمراض الحساسية إلى مشكل طريقة تخزين هذه الألبسة في المخازن، أو ربما السبب الحقيقي إلى الفرد بحد ذاته، وليس تلك الألبسة التي تؤدي إلى حساسية ، موضحا أن هذه المنتوجات يتم عرض عينة منها على مخابر الجودة والنوعية كمخبر ''لوكاك '' بولاية بومرداس، حيث يتم دراسة نوعيتها، سواء أكانت قابلة للاستهلاك أم لا، هذا الأخير فيه لجنة مشكلة من عدة متدخلين تقنيين وأعضاء يقومون بالتحاليل التركيبية الكيميائية للمنتوج. هذا وأضاف أن حتى المنتوجات من الأواني المنزلية المصنوعة من مادة البلاستيك، تخضع للرقابة التقنية كباقي المواد الأخرى المصنوعة، وأعطى مثالا على النعل وتسمى بالعامية ''البلغة'' المصنوعة بالمادة البلاستيكية، مشيرا إلى أنها تخضع للتحاليل وللرقابة من قبل أخصائيين، ليتبين أنها مصنوعة بمواد أولية سليمة، ومنتجها صحي وليس فيه أي خطر على المستهلكين. المديرية تشجع التجار على الاستيراد ولكن بطريقة قانونية وصحية هذا، وأشار ممثل مديرية التجارة إلى أن الكل يتساءل ما هي أسباب تداول وتواجد هذه السلع بكثرة في أسواقنا اليوم، مشيرا إلى أن السبب يكمن في أن السوق الجزائرية معروفة بأنها حديثة النشأة، وتحتوي على سلع محلية وعالمية، فالتجار أحرار في استيراد المواد التي يفضلونها ويحققون فيها أرباحا، وكل واحد وعلى طريقته، قائلا ''نحن على مستوى مديريتنا ليس لدينا مانع، والأهم من ذلك هو أن نتدخل بطريقة قانونية ونخضع لرقابة من طرف مصلحة الجودة وقمع الغش''. مضيفا بخصوص المنتوجات المعروضة في الأسواق بأنها تباع وتشهد إقبالا وتهافتا عليها من طرف المستهلكين، لا مانع، لكن الأهم من ذلك ألا تكون خطيرة ومضرة بصحته. إجراءات لمراقبة جودة المنتجات وتعزيز العمليات الوقائية قال السيد عياشي إن وزير التجارة الهاشمي جعبوب قد أعلن عن إعداد برنامج يهدف لتطوير وإعادة تأهيل الأسواق التجارية بالجزائر. وأفاد أن هذه المنشآت الجديدة ستساعد على مراقبة النوعية وجودة المنتوجات المطروحة للبيع ومراقبة ومعرفة مستوى العرض والطلب للتحكم في استقرار الأسعار، ولفت الانتباه إلى وجود قرار وزاري يشترط وجوب المعالجة القبلية لهذه الملابس والتجهيزات لحماية صحة المواطن. كما صرح أيضا أن عدد التجار الجزائريين في هذا المجال يزيد عن 3700 تاجر منهم 240 تاجر جملة و2500 تاجر تجزئة، كما كشف أن قيمة الألبسة المستوردة قدرت ب 13 مليون دولار في ,2008 موضحا ان الدول التي تصدر في هذا المجال هي ايطاليا، ألمانيا، الصين، فرنسا والدول العربية. كما قامت بتعزيز مختلف عملياتها الخارجية التي تندرج في إطار عمليات الرقابة الوقائية، مضيفا أن عمليات التدخل تجاوزت 900 ألف عملية على المستوى الوطني نجم عنها تحرير 179 ألف مخالفة، وتم متابعة 162 ألف و270 تاجر أمام الجهات القضائية وغلق 11 ألفا و820 محل تجاري بسبب مخالفة قواعد وتشريعات الممارسة التجارية وعرض منتجات غير مطابقة للمعايير المتعلقة بالصحة وسلامة المستهلك وعدم احترام قواعد الوسم وعدم وجود اسم محدد لصاحب السلعة والجهة المستوردة. صرامة كبيرة في التعامل مع السلع التايوانية في انتظار صدور القانون الجديد هذا وكشف ممثل مديرية التجارة، أن المنتجات المستوردة من بلدان جنوب شرق آسيا تخضع لشروط صارمة في المراقبة على الحدود الجزائرية البرية والبحرية والجوية بسبب رداءتها وعدم احترامها للشروط الصحية والجودة المعمول بها دوليا، موضحا أن مشروع القانون الجديد لحماية المستهلك موجود على طاولة الرئيس، في انتظار التوقيع ونشره في الجريدة الرسمية للشروع في تطبيقه، هو قانون معدل ومتمم للقانون 02,89 المتعلق بالقواعد العامة لحماية المستهلك الذي يتوفر على أزيد من 100 نص تطبيقي، وسيكون بمثابة الخلفية القانونية والتشريعية لحماية المستهلكين والاقتصاد الوطني من الممارسات الطفيلية في المجال التجاري، وكذا تمكين 30 جمعية وطنية نشطة في مجال حماية المستهلكين من التأسيس كأطراف مدنية ضد الغشاشين والمتلاعبين بصحة المستهلك الجزائري. كما ينص القانون الجديد على تحويل جمعيات حماية المستهلك إلى جمعيات ذات منفعة عامة تتأسس كطرف مدني على مستوى المحاكم للتقاضي بخصوص جميع عمليات الغش التي تتعرض لها المواد المصنعة أو المستوردة أو المعروضة للبيع على مستوى الأسواق في الجزائر، كما نص القانون على مخالفات جديدة مشددة جدا على المخالفين بالنظر للتطور الحاصل في مجال الغش العلمي والتكنولوجي التي جعلت من اكتشاف الغش عملية جد معقدة وخاصة في المواد الصناعية أو بعض المنتجات الغذائية المدمرة لصحة الإنسان ومنها الأدوية أو الملابس الداخلية وملابس الرضع والأطفال والمواد الغذائية السريعة التلف والتجهيزات الكهربائية والتي تشكل خطرا على حياة الأفراد.