تعرف تجارة مواد التنظيف بأنواعها المختلفة سواء المستوردة والمحلية في الأسواق والمحلات الجزائرية رواجا كبيرا وانتعاشا لا مثيل له ، حيث أصبحت تسوق منتوجات جديدة ومتنوعة كما هو الحال بالنسبة للمنتوجات الواردة من فرنسا، ألمانيا وتركيا، وغيرها فأضحت التجارة أفضل مما كانت عليه من خلال غزوها، لتباع بأسواق العاصمة بأسعار جد منخفضة وبنوعية جد رديئة أيضا، قد تكون قاتلة وسط تبادل التهم ما بين مسؤولي التجارة الذين يؤكدون صلاحية المنتوجات، والحالات التي وردت على الأخصائيين والتي تؤكد على خطورتها. تشكل مواد التنظيف رخيصة الثمن التي أغرقت السوق الشعبية خاصة ، والتي تشهد إقبالا منقطع النظير خطرا على صحة المستهلكين ، إلى درجة أنها خلقت نوعا من الجدل بين الأطباء ومسئولي مديرية التجارة ، فهناك إجماع من طرف الأطباء والأخصائيين، أن هذه الأخيرة بها مواد ضارة تحوي على سموم، تدخل منازل المواطنين فيتعاملون معها ويكثرون من استعمالها ، ولكن دون وعي بدرجة خطورتها وطرق الوقاية منها ، في حين أن مديرية التجارة تشجع التجار على استيرادها، وتؤكد أنها تخضع للرقابة وتعرض على المخابر قبل وصولها إلى التجار ، ليبقى السؤال مطروحا هل استعمال مواد التنظيف يمكن أن يشكل فعلا خطورة على مستعمليها ؟ وهل المشكل فعلا يرجع إلى انعدام المقاييس ؟ أم عدم خضوعها للمراقبة وعرضها على مخابر الجودة والنوعية ؟ استقبال عشرات من حالات الإصابة بالحساسية الجلدية بالمستشفيات والعيادات العمومية وللإجابة عن هذه الإشكالات من الناحية الصحية ،أوضحت السيدة ''فراح ز '' طبيبة عامة بمستشفى مايو بباب الوادي ليومية '' الحوار ''،إن كل مواد التنظيف المستوردة أو التي تصنع ببلدنا وتدخل السوق الجزائرية تهم المستهلك ، كاستعمالها لتنظيف الأفران ، الزجاج ، النحاس ، الأرضيات، الأواني والملابس وغيرها ،فهذه الأخيرة لا نستطيع الاستغناء عنها في المنزل وبالتالي لها علاقة وطيدة مع الصحة ، وأشارت أن هناك مصادر طبية أكدت في أكثر من مناسبة أن هذه المواد غائبة عن معايير الصحة وسلامة المستهلك وقاتلة بلا منازع ، وأسواقنا تحوي الكثير منها من صنع محلي ومستورد ،فهي تعمي العيون وتصيب الجهاز التنفسي وتؤدي إلى الاختناق، كما أنها تتسبب في أمراض أخرى مستعصية العلاج ،في حال عدم تفطن وتحديد المواد الأولية التي صنعت منها ، وقد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه ، مضيفة أن جل المستهلكين والمستعملين لهذه المواد من المتوافدين على المستشفى لتلقي علاج الالتهابات الجلدية المفرطة وبعدد كبير، اغلبهن النساء اللواتي خضعن للعلاج بمصلحة الأمراض الجلدية ، لا يدركن ولا يعلمن من أين مصدر هذه الأخيرة، وهل يملك التجار رخصة البيع؟ وهل خضعت إلى كشف يثبت عدم وجود خطر صحة الإنسان؟ فهناك حالات كشفن لنا أنهن يشترينها من عند تجار بائعي الأرصفة ، وكذا من عند أصحاب السيارات التي تمر عبر الأحياء ، كما هو الحال بالنسبة إلى سائل ''الجافيل'' ،فيشترونه بسعر منخفض بقيمة 50 دينار للقارورة ذو سعة 5 لترات وأيضا بالنسبة إلى سائل'' الصانيبون'' لاستعماله في المراحيض ولمسح الأرضيات ، ولكن دون النظر إلى أضرار وخطورة هذه المواد الكيماوية ، فتحولها مع الزمن أو ربما في دقائق معدودة إلى ضحايا ، فقد تنجم عنها احتراقات ، تقشف وثقب ، تشوه مباشرة جلد الإنسان. هذا وأضاف السيد '' فتحي بن اشوه'' طبيب في الصحة العمومية بالعيادة المتعددة الخدمات بباب الوادي، أنه استقبل حوالي 20 حالة خلال الشهرين الأخيرين، وهن نساء ماكثات في المنزل تعرضن إلى التهابات جلدية على مستوى أيديهن ولدت لهن حساسية مفرطة على شكل اكزيما، مرجعا السبب ربما إلى النوعية الرديئة للمادة التي صنعت بها هذه الأخيرة ، وخاصة أن الكثير من هذه المواد مسرطنة وذات خطورة عالية ،داعيا في ذات الأمر إلى ضرورة التقيد بثقافة الاستهلاك، وخاصة أن هذه المواد الكيماوية قد تشكل خطرا على هؤلاء وبوجه الخصوص فئة الأمية،مضيفا انه نظرا لنقص التوعية بمخاطرها أو العدم قراءة الكتابة على المنتوجات ماذا يمكن أن تفعل بصحة مستخدميها ،هي الأسباب الرئيسية التي تزرع أمراضا لا تحصى ، سواء التي تباع داخل المحلات التجارية، أو التي تباع على الأرصفة في الأسواق الفوضوية. الأطباء يؤكدون هذه المواد سامة ولابد من التقيد بالحذر والوقاية تعتبر المعدات الواقية الشخصية من أهم وسائل الأمان ومن الضروري أن يكون العامل على دراية بطريقة عمل واستخدام هذه المعدات، وفي ذات السياق أكد كل من الطبيب ''بن اشوه'' و الطبيبة '' فراح ''، أن كل أنواع مواد التنظيف التي يتعرض لها الإنسان ، هي مواد كيميائية سامة تؤثر على العين ، التنفس والجلد ، فهي تحتوي على حوامض يمكن أن تصيب العيون أو الجلد بحروق، إضافة لاحتوائها على أبخرة سامة، معطيا مثالا على مواد تنظيف أسطح الأرضيات وكذا البلاط أو غيرها تدخل في تركيبها مادة الكلور، لذلك لا بد من أن يكون المكان الذي تستخدم فيه ذا تهوية كافية وكذا استعمال الكمامات ، إذ يؤدي استنشاق هذه الأبخرة إلى الاختناق وضيق التنفس،كما أشارا إلى بعض مواد التنظيف المعبأة في أوعية مضغوطة ذات خطر كبير على العيون، محذرا مستخدمها التأكد من أن فوهة الرش موجهة بعيداً عن وجهه، ولا يمكن تخزينها في أماكن حارة. وأوضح أن خلط مواد التنظيف مع بعضها يمكن أن تسبب الوفاة، فعمليات المزج بين مادتين أو أكثر تكون قاتلة ولو بمقادير صغيرة، أو يمكن هذه السوائل تدخل العين بسرعة وتؤذيها وتسبب ربما العمى ، وهذا يستدعي وضع وجه المصاب تحت الماء البارد وينقل المصاب إلى العيادة أو المستشفى، وحتى للجلد أيضاً نصيبه، فقد يتعرض نتيجة ملامسة المواد الكيميائية السامة لإصابات موضعية، مما يؤدي إلى التسمم ، الخدوش والحروق ويسبب حساسية في الجلد أو إكزيما، وأكثر لمنطقة المتعرضة هي اليدين ،وهنا لا بد من وضع قفازات خاصة ،فالتأثيرات الحادة والمزمنة تظهر مباشرة أو بعد فترة قصيرة جداً من التعرض للمواد السامة، بعد دخولها الجسم بتركيز عال دفعة واحدة أو على دفعات، وهناك تأثيرات مزمنة تظهر نتيجة التعرض المتكرر إلى تركيزات منخفضة من المواد السامة ولفترة طويلة من الزمن. مديرية التجارة ترجع السبب إلى طريقة التخزين وتؤكد أنها تخضع إلى المخابر والمراقبة كشف السيد ''عياشي دهار '' ممثل عن مديرية التجارة ليومية ''الحوار ''أن كل أنواع المنتوجات لمواد التنظيف التي تدخل إلى أسواق الجزائر، سواء تلك المنتوجات المستوردة أو المحلية تخضع إلى الرقابة وفق القانون ، مؤكدا على ان مصالح المديرية تعمل على تطبيقه بكل دقة وصرامة قائلا ''الهم الوحيد لعمل المديرية هو الحماية والحفاظ على صحة المستهلك ''، وأرجع سبب تعرض المستهلكين لأمراض حساسية مشكل إلى الفرد بحد ذاته، أي طريقة الاستعمال وتخزين هذه المواد الكيماوية السامة، فهناك أنواع لا بد من تخزينها بأمكنة آمنة وذات تهوية كافية، وأنواع أخرى متأثرة بالرطوبة فلابد من حفظها في صناديق خاصة مزودة بوسائل امتصاص الرطوبة، وأن يكون موقع التخزين أي المطبخ يحتوي على نظام تهوية جيدة، أيضاً المواد القابلة للتفاعل مع بعضها، يجب أن تخزن بعيدة عن بعضها البعض، موضحا أن هذه الأخيرة يتم عرض منها عينة على مخابر الجودة والنوعية كمخبر ''لوكاك ''،حيث يتم دراسة نوعيتها سواء كانت قابلة للاستهلاك أم لا ، هذا الأخير فيه لجنة مشكلة من عدة متدخلين تقنيين وأعضاء يقومون بالتحاليل التركيبة الكيماوية للمنتج ، ليتبين أنها مصنوعة بمواد أولية سليمة وليس فيه أي خطر على المستهلكين. حجز 20كلغ ،713 تدخل و64 محضرا للمتابعة القضائية خلال نوفمبر المنصرم إن إلزامية الاستيراد أو الصناعة المحلية للمنتجات مواد التنظيف، حسب قرار وزارة التجارة ،لا بد أن يتم بطريقة قانونية ، وبالرغم من الرقابة المشددة والقوانين الردعية التي تتعلق بصحة المستهلك الجزائري ، إلا أن الأسواق الجزائرية لا تزال غارقة بمنتجات غير مطابقة للمواصفات القانونية، مستوردة من دول أوروبية وآسيوية وأخرى محلية ، كل هذه المواد بعضها يمكن أن تسبب في حالات من الحساسية الجلدية المفرطة أو حوادث اختناقات قاتلة لمئات الجزائريين وللعلم أن وزارة التجارة قد أصدرت قوانين لحماية المستهلك، وأيضا لمعاقبة كل مستورد أو منتج محلي وحتى التاجر، يمارس استعمال غير الصالح أو المقلد أو كل الأساليب الملتوية، لا بد أن يعاقب وفق قانون 03 09 الصادر 25 فبراير 2009 والمتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش، وكذا قانون 03 06 المتعلق بالعلامات التجارية ، الذي ينص على إلزامية تسجيل جميع العلامات التجارية على مستوى المعهد الجزائري للملكية الصناعية حتى تتمكن الجهة المالكة للعلامة ومختلف المصالح ومنها أجهزة المراقبة على الحد من مكافحة ظاهرة تقليد العلامات، وتهريب المنتوجات المقلدة إلى السوق الجزائرية. وفي هذا الشأن كشف ''بوعلجة إسماعيل'' مفتش رئيسي للجودة وقمع الغش بمديرية التجارة لولاية الجزائر، أن نتائج التحقيق الذي تجريه هذه الأخيرة في كل مرة على مستوى العاصمة ، تبين فيه أنّ نصف مواد التنظيف أثبتت عدم مطابقتها للمقاييس المعمول بها ، هذه الأخيرة تشهد رواجا كبيرا في محلات وأسواق العاصمة ، مؤكدا انه خلال شهر نوفمبر الفارط ، تم حجز 20 كلغ غير مطابقة للمقاييس ''مغشوشة '' ، ولاسيما أن غالبيتها من الدول المستوردة بقيمة مالية قدرها 26745 دينار ، من مجموع ما تم إحصاؤه ما لا يقل عن 27 كمنتج محلي لمواد التنظيف، وأزيد من مائة وعشرة مستورد على مستوى العاصمة ، مؤكدا أن مصالحهم تقوم بدوريات مستمرة بأسواق الجملة والتجزئة والمحلات لمراقبة لكل هذه المواد على غرار الانواع الأخر. وفي سياق مماثل أضاف ذات المسؤول أن مصالحهم قامت أيضا خلال شهر نوفمبر الفارط بإحصاء حوالي 713 تدخل من العدد الإجمالي10 ألاف و374 على مستوى العاصمة فقط، وحوالي 64 محضر للمتابعة القضائية من مجموع عدد المحاضر الاجمالية 2315 حين تم اقتراح بغلق منتج واحد لهذه المواد، مضيفا أن مصالحهم قد باشرت في تحقيقاتها، لتحديد مصدر وهوية المستورد ووجهة البضاعة المحجوزة، فضلا عن مباشرة الإجراءات العقابية وفي مقدمتها فرض غرامة مالية بأضعاف قيمة البضاعة المحجوزة، وإحالة الملف على العدالة لمتابعة المستورد قضائيا مثلما تنص عليه القوانين.