من بين أخطر الآفات الاجتماعية التي أصبحت منتشرة وبشكل مخيف في مجتمعنا آفة الزنا أو البغي الذي صار تجارة رابحة وحتى متعة، رغم ما يحمله من مخاطر وعواقب وخيمة صحيا وأخلاقيا واجتماعيا، فما بالك إن كانت زنا المحارم وهي عبارة عن إقامة علاقة جنسية بين الأقربين والأسر التي حرمها الله سبحانه وتعالى. وتعد هذه الفاحشة كبيرة من الكبائر التي يعاقب عليها الشرع والقانون. وفي هذا الخصوص اتصلت ''الحوار'' بالدكتور ''يوسف بلمهدي'' مسؤول ومستشار بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، لمعرفة حكم الشرع لكل من يقترف فاحشة ''زنا المحارم''، وهل تدريس كل ما يتعلق بالثقافة الجنسية يتنافى مع ديننا الحنيف وكان له هذا التصريح. ''تعد جريمة الزنا من الكبائر والموبقات التي ذكرت في القرآن والسنة وقد أجمعت الأمة على حرمة الزنا والتشييع بحكم الزاني والزانية سواء كان محصنا أم غير محصن. وذكر النبي (صلى الله عليه وسلم) أن ''من أعظم الكبائر الاشراك بالله سبحانه تعالى، عقوق الوالدين وأن يزني المرء بحليلة جاره''، لأنه يفترض أن يكون الجار ممن تراعى حقوقه وتحفظ حرمته، تبعا لقوله (صلى الله عليه وسلم) ''ما زال جبريل يوصني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه''. فإذا كانت الزنا بحليلة الجار الذي يفترض أن يؤمن جانبه يعتبر من أكبر الكبائر، فإن زنا المحارم أعظم من ذلك جزاء لاعتبار أن يكون القريب نسبا ودما أكثر حرمة من الجار، فالجريمة مضاعفة والوزر كبير ونسأل الله السلامة. غير أنه في زنا المحارم أشد وأنكر وهذا يدل على أن الفاعل أشد وأقبح من الحيوان الذي يتنزه عن أمه (عن رحمه) وعن محرمه، فكيف ذلك لمن أعطاه الله عقلا وفؤادا. بل إن النبي عندما نصح الشاب القوي الذي قال للنبي (صلى الله عليه وسلم): ائذن لي في الزنا فأنا شاب قوي. فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) وقد وضع يده على صدره أترضاه لأمك وأختك وذكر محارمه فجعل الشاب يقول: في كلهن لا أرضاه في كل واحدة منهن فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) كذلك لا يرضاه الناس لأمهاتهم وأخواتهم. لأن جواب الشاب وسؤال النبي هو ما تقتضيه الفطرة السليمة فكيف إن كان الإنسان يفعل هذا بأمه وأخته، مخالفا للفطرة وهو أقبح القبائح التي لا يجوز وقوعها في مجتمع المسلمين ولأمر ما أمرنا النبي (صلى الله عليه وسلم) أن نفرق بين الأبناء والأولاد في المضاجع إذا بلغ سنه العاشرة احتياطا على أن لا يقع شيء لا تحمد عقباه وأن لا يلتحف الأخ والأخت في فراش واحد، وهذا ما ينبغي أن يتعلمه الأبناء صغارا ويتواصى بين الآباء في بيوتهم. وإن كان ضيق السكن وظروف الناس لا تسمح بالتوسع أكثر في غرف النوم إلا أن الاحتياط واجب والفصل أوجب، وهناك تدابير أخرى كتحريم الخلوة للأجنبي وكراهة الخلوة مع من لا يؤمن جانبه. كما إن الأخ السكيرا أو المعاقر للخمر والمخدرات فإنه لا يحسن تركه مع أخته ومع من يخشى عليه منه لضعف الدين عنده وقلة التربية والوازع الديني، بل إن بعض العلماء ذهبوا إلى وجوب أن تلبس الأخت أمام أخيها لباسا محترما وإن كانت محرما له فاللباس المثير يجلب اجتنابه حتى ولو كان الانسان في بيته مع أخته وأخيه. لا مانع من تدريس التربية الجنسية لكن في حدود اللباقة والأدب أما فيما يخص تدريس التربية الجنسية داخل المدارس فهنا يجب علينا توضيح الأمر. فإذا كان يقصد بالتربية الجنسية ما يردنا من المنظومة الغربية فهذا فيه تحفظ كبير، فهم في برنامجهم يدرسون الجنس وليس الحياء ونحن أمة لدينا قيم وتحفظات فعيب أن ندرس أبناءنا أشياء عن الجنس، بل ندرس أشياء قريبة من جنس الإنسان في حدود الأدب واللباقة. وفي هذا السياق قال نبينا الكريم ''رحم الله نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء من التفقه في الدين''. فكثير من الأحكام المتعلقة بالعلاقة الجنسية نقرأها في كتبنا وبالتالي ليس هناك من داع للضجة التي تثار من قبل بعض الأشخاص، فالبنت تقرأ عن المياه التي تخرج منها والفتى يقرأ عن المني والهذي وهذه متعلقة بالتربية الجنسية كذلك معرفة أحكام الطهارة، الطفل عندما يخشى ويسأل عن السبب هذه أيضا تربية جنسية. ضف إلى ذلك القرآن الكريم وما يعلمنا في هذا الخصوص فعندما تحفظ البنت والفتى آياته الكريمة فإنهما يجدان أنه تحدث عن الخلوة وعن أحكام النظر، أحكام الزواج. كذلك يزخر الفقه الإسلامي بمعلومات ندرسها في المساجد والتي تتحدث عن العلاقة الجنسية المحرمة الزنا، إضافة إلى العلاقات المحرمة والشاذة كاللواط او السفاح. زيادة عن هذا نتحدث عن العادة السرية عند الطرفين، فمن زعم أن الإسلام ليس فيه تربية جنسية فإذا كانت بعض المدارس الغربية تريد أن تصدر لنا ما تدرس في مؤسساتها فهذا مرفوض عندنا لأن هذه الأخيرة لا يهمها الحلال والالتزام بقدر ما يهمها كيفية الوصول إلى تنظيم العلاقات الجنسية بين الأشخاص، ولا يهمهم إذا كانوا في إطار الزواج أو خارج إطاره أو كانت العلاقة بين مثليين وهذا الذي نرفضه نحن داخل مجتمعاتنا.