يبدو أن يوم الفاتح نوفمبر لهذه السنة وعلى غير العادة، سيكون متميزا وغير عادي بالنسبة للكتاب الجزائريين، الذي سيجدون أنفسهم أمام ثلاثة مواعيد هامة، فبالإضافة إلى الاحتفالات بمناسبة الذكرى الخامسة والخمسين لاندلاع ثورة التحرير المجيدة، سيفتح المعرض الدولي الرابع عشر للكتاب أبوابه أمام جمهوره من عشاق الكلمة والراكضين وراء خير جليس، هذا إلى جانب انعقاد مؤتمر اتحاد الكتاب الجزائريين لانتخاب قيادة جديدة تتسم بالشرعية عن طريق الاقتراع، وبالتالي تغلق صفحة الماضي وما صاحبها من لغط وجدل وسجال على مدار سنوات بين أهل القلم، حيث كانت وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية، الورقية منها والالكترونية شاهدة على أحداثها. وعلى أمل فتح صفحة جديدة يتم من خلالها الانطلاق نحو آفاق أكثر رحابة تنبئ بمستقبل جميل ينتظره جل الكتاب منذ أمد بعيد، لكن إلى أي مدى يمكن أن تكون هذه البادرة فاتحة خير في ظل حالة التشنج الكبيرة التي تصاحب الإجراءات التنظيمية وفي ظل حالة الغضب والرفض والاستنكار من طرف عشرات الكتاب المرموقين الذين يعارضون بشدة انعقاد المؤتمر في ظل الظروف الراهنة وأمام تعنت القيادة الحالية التي رفضت مطلبهم المتمثل في إجراء ندوة وطنية جامعة ومنها تحديد آليات وأطر المؤتمر؟.. قام أكثر من مائة كاتب خلال الأشهر الفارطة بتوقيع بيان يطالبون فيه القيادة المكلفة بتسيير شؤون اتحاد الكتاب الجزائريين بالذهاب إلى ندوة وطنية جامعة وشاملة يحضرها كل الكتاب الجزائريين من أجل التصالح فيما بينهم وفتح باب النقاش الهادف والبناء ووضع دراسة تتوافق مع ظروف ومتطلبات المبدعين وشروطهم ومنها الذهاب إلى المؤتمر الذي تحدد فيه العناصر المبدعة التي تتشكل منها القيادة الجديدة، لكن قرار القيادة الحالية القاضي برفض إقامة ندوة والذهاب مباشرة إلى المؤتمر والإعلان عنه وتحديد موقعه والالتزام بشروط تم تحديدها مسبقا لم يلتزم بها أغلب الفاعلين الثقافيين، أثار حفيظة الكتاب الموقعين مرة أخرى وقاموا بداية هذا الأسبوع بالتجمع أمام مقر اتحاد الكتاب بشارع ديدوش مراد وسط العاصمة ومحاولة الدخول إلى المقر إلا أن القيادة المسيرة منعتهم ورفضت استقبالهم. القيادة الحالية حددت موعد المؤتمر ومكان انعقاده، ووزعت الدعوات على الكثير من الكتاب لكن بمقابل ذلك يصر الطرف الآخر من الكتاب الرافضين لانعقاد المؤتمر على التمسك بمطلبهم حتى أنهم قاموا بتحرير وتوقيع بيانات أخرى تم توجيهها إلى رئيس الجمهورية ووزير الداخلية ووزيرة الثقافة وآخرها والي الجزائر يناشدون من خلالها التدخل العاجل من طرف السلطة التنفيذية لمنع انعقاد المؤتمر وتأجيله حتى تتضح الرؤية النهائية لاسيما وأن البيانات الموقعة والمرسلة إلى مختلف وسائل الإعلام واتحاد الكتاب العرب تتضمن الكثير من الاتهامات والانتقادات للظروف المحيطة بتنظيم وإجراء المؤتمر الذي لن يحضره أغلبية الكتاب المعروفين والمقتدرين والذين لهم صيت بارز في الحركية الثقافية الوطنية والعربية. وفي خضم هذه الأحداث المتواترة يكتسي المشهد الآن سكونا رهيبا والجميع يترقب ما سيحصل خصوصا إذا علمنا أن المعارضين من الكتاب أكدوا أنهم لن يتراجعوا ولن يسمحوا بتهريب الاتحاد الذي هو ملك لكل الكتاب على حد سواء كما صرحوا به في عديد المنابر الإعلامية، في الوقت الذي تصر فيه القيادة الحالية على المضي قدما نحو ما سطرته، وإن دل ذلك فإنما يدل على حالة التشرذم الحاصلة بين المبدعين الجزائريين الذين دخلوا في حرب داحس والغبراء من أجل تولي قيادة الاتحاد الذي لن يزيد الكاتب إبداعا ولن يجعل الغث سمينا، فلننتظر المؤتمر.. ربما يصلح العطار ما أفسده الدهر.