أكدت الجزائر أول أمس على لسان رئيس المجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي محمد بابس التزامها الراسخ والثابت من أجل عالم خال من الألغام المضادة للأشخاص، وذلك في وقت أدت فيه الألغام الذي تركها الاستعمار الفرنسي إلى مقتل 3236 شخص منذ عام 1963 كما أدت إلى إعاقة 3526 آخرين. وأوضح بابس خلال افتتاح لقاء حول ''نزع الألغام خدمة للتنمية البشرية '' أن الجزائر تنادي عاليا بهذه المرافعة، والتي تؤكد التزامها الراسخ والثابت من أجل عالم خال من الألغام، مشيرا إلى أن الجزائر وعلى الرغم من جروح التاريخ التي لازالت تعاني منها فقد انضمت إلى اتفاقية ''أوتاوا'' التي حددت تاريخ أفريل 2010 للقضاء على الألغام المضادة للأفراد في العالم. وبيّن بابس أن الأمر يتعلق ب''خيار قوي'' للجزائر لما نعلم أن ''بعض جيراننا لم ينضموا إلى اتفاقية اوتاوا''، ومضيفا أن ''الجزائر قد وافقت إجمالا على التخلص من الألغام مقارنة بأولئك الذين يضمرون لنا الشر''. ولدى تطرقه ''للتركة'' التي خلفها المستعمر للجزائر والمتمثلة في زرع ألغام على طول الحدود الشرقيةوالغربية من خلال ''الخطين المعروفين'' شال وموريس، أشاد رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي بما قامت به فرق وزارة الدفاع الوطني في عملياتها لنزع الألغام، مشيرا بعدها أن''العلاقة'' بين نزع الألغام والتنمية البشرية التي تم التطرق إليها خلال أشغال المجلس التي تظل مؤسسة استشارية، مضيفا أن حصيلة سيتم إدراجها في تقرير المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي حول التنمية البشرية. وعاد بابس في كلمته إلى عقد مصالحه الربيع الماضي دورة مشتركة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لفرنسا التي كانت تهدف إلى نقل نظرة تقدير للمجتمع المدني الفرنسي المنظم لمساءلة الذاكرة حول نزع الألغام الإنساني والألغام المضادة للأشخاص والخسائر التي تسببت فيها للجزائر، مردفا في الإطار ذاته بالقول ''إنه من الصعوبة التغاضي عن تلك المرحلة لأننا لا زلنا أمام الآثار التي خلفها الاستعمار''. وفي السياق ذاته، بين رئيس اللجنة الوزارية المشتركة لمتابعة عملية إزالة الألغام وتنفيذ اتفاقية أوتاوا العقيد حسين غربي أن الألغام التي زرعها الاستعمار الفرنسي على طول الحدود الجزائرية أدت إلى مقتل 3236 شخص منذ عام ,1963 كما أدت إلى إعاقة 3526 آخرين، مذكرا أن جيش الاستعمار الفرنسي زرع أكثر من 10 ملايين لغم أرضي مضاد للأفراد والجماعات خلال الثورة التحريرية بين نهاية عام ,1954 وحتى إعلان الاستقلال في 5 جويلية ,1962 وهي العملية التي كانت تهدف إلى منع تسلل المجاهدين وتهريب السلاح لصالح الثورة من المغرب وتونس إلى الجزائر. وأبرز غربي تمكن عناصر الجيش الوطني الشعبي منذ عام 1963 إلى الآن من إزالة 8 .7 مليون لغم أرضي زرعته القوات الفرنسية على طول الحدود الشرقيةوالغربية خلال الثورة التحريرية من المجموع الكلي، موضحا أن 416 ألف لغم تم تدميرها في الفترة بين 2004 و ,2009 كما أكد المسؤول ذاته أن قوات الجيش قد أنهت تطهير 700 كيلو متر مربع على الحدود الغربية مع المغرب، إضافة إلى 480 كليومتر مربع على الحدود الشرقية مع تونس من الألغام بفضل جهود قوات الجيش ودعم برنامج الأممالمتحدة لإزالة الألغام، ملفتا النظر في هذا الإطار إلى أن السلطات الفرنسية قد أخلت بما تم التوافق عليه في اتفاقيات أيفيان عشية اعتراف فرنسا باستقلال الجزائر وتنصلت من التزاماتها الأخلاقية والسياسية بشأن إزالة هذه الألغام أو كشف حقولها للسلطات الجزائرية آنذاك. وأوضح غربي أن التزام الجزائر باتفاقية أوتاوا يظهر من خلال تدمير الجيش الجزائري للجزء الأكبر من مخزون الألغام المضادة للأشخاص والجماعات التي كانت بحوزته، حيث تم تدمير 159 ألف لغم من مجموع 163 ألف لغم يملكها الجيش. وفي هذا السياق، ثمنت الأممالمتحدة جهود الجزائر لتنفيذ الالتزامات الواردة في اتفاقية أوتاوا من خلال رسالة وجهها ممثل الحملة الدولية الأممية لمنع استخدام الألغام بجنيف أيمن سرور إلى المشاركين في اللقاء،حيث أشاد فيها بجهود الجزائر في إزالة الألغام، مشيرا إلى أن الجزائر حققت تقدما نموذجيا في مسعى إزالة الألغام المضادة للأفراد والجماعات.