يعد الانكباب على سيرة أخناتون تحديا كبيراً ومغامرة حقيقية، فالأعمال المتخصصة الكثيرة التي تناولته جعلتنا إزاء حقيقة لا مراء فيها، وهي أننا نعرف الشيء القليل فقط عنه، وحتى هذا النزر الذي وصلنا عن أخناتون يبقى مثار نقاش وجدال واسعين في صفوف المختصين. وكل محاولة مشابهة هي بمثابة مجابهة لغز محير، عدا بعض الاستثناءات القليلة، حتى عندما يتعلق الأمر بالفرعون نفسه، أوبالرجال والنساء الذين أحاطوا به، أوكل من ساهم ولعب دورا في مدينة الشمس، إضافة إلى أنه يصعب التعرف عليهم، وتتبع شجرة أنسابهم. وعلى الرغم من الفجوات الكثيرة التي تخترق الفترة العمارنية إلا أنها ما انفكت تغري الخيال، وذلك لأنها الفترة التي توافق المحاولة الأولى لتوحيد آلهة مصر القديمة، بما في ذلك الإله ''آمون رع''، في شكل الإله الواحد ''آتون''. ويلف الغموض العديد من الجوانب المتعلقة بحياة أخناتون ومن أحاط به. من تكون نفرتيتي؟ هل هي أميرة ميتانية أم أنها مصرية خالصة؟ ما كانت دواعي الفراق، إذا كان هناك من فراق أصلاً، بينها وبين زوجها الإله في آخر سنوات حكمه؟ ما هي ظروف موت من يعني اسمها ''الجميلة أتت''؟ وأين يوجد قبرها؟ هكذا تبدأ هذه الرحلة في الكشف عن الخبايا التي لمست هذه الشخصية المهمة في التاريخ، تحاول قراءة زواياه المتباعدة وكل التفاصيل والعلامات المميزة التي شملت فكر ذلك الزمن.. وهنا يقف الروائي الفرنسي جيلبرت سينويه Gilbert Sinoué كاتب هذا الكتاب ''أخناتون .. الإله اللعين'' موقف الفاعل لا موقف الناقل لسيرة متباعدة الآراء.. ولقد كان لميلاده واقترابه من تاريخ مصر أثره البالغ في تنمية الروح الفكرية التاريخية خاصة فيما يتعلق بالمسائل التاريخية الفرعونية، فقد ولد سنة 1947 بمصر وعاش الروائي الفرنسي جيلبرت سينويه فترة مراهقته فيها كما أخبر عن نفسه الشيء الذي نثر على كتابته تلك الخصوصية وذلك الاقتراب الحذر.. ومن ثم فقد ضمّنَ جهوده في كتابٍ سيصدر عن قريب عن دار الجمل للنشر وذلك بترجمة متميزة بقلم الكاتب المغربي الروائي عضودار الأدباء الثقافية عبد السلام المودني.. ومن بين ما كتبه الفرنسي جيلبرت ''أنا يسوع''، ''العقيد والطفل الملك''، ''الأميرة''، ''آخر الفراعنة'' و''ابنة النيل''، حيث ترجمها الكاتب محمد بنعبود إلى اللغة العربية وصدرت عن منشورات دار الجمل.