كلنا يتذكر تلك الحملة الشعواء التي قادتها بعض الحكومات الغربية ضد الجزائر قبل بضعة سنوات، حين سنت الحكومة الجزائرية قانونا لتنظيم الشعائر الدينية لغير المسلمين بالجزائر، بعد تسجيل خروقات لا حصر لها في هذا المجال، حتى أن بعض تلك الدول حاولت توظيف الملف توظيفا خاطئا على طاولة مفاوضات انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية بطريقة أو بأخرى. كما يتذكر الجميع تلك الحملة المضادة التي قادتها الدول الغربية وهي تدافع عن حرية التعبير لما قام شرذمة من المنتسبين إلى قطاع الإعلام هناك بتشويه صورة النبي محمد صلى الله عليه وسلم والتعدي على قدسية مكانته والسخرية منه برسوم كاريكاتورية أقل ما يقال عنها أنها سخيفة أبانت ازدواجية المعايير الغربية، وأن كل ما تتشدق به تلك المجتمعات لا تقبل أن تحاكم إليه إذا كان المعتدى عليه من سلالة ''العربي كحل الراس''. وما لم أفهمه كما يفهمه حتى بعض الأوربيين أنفسهم تصويت السويسريين على منع بناء المآذن حال تشييد المساجد في بلد الحياد الأوروبي، في تعبير صارخ عن نظرة الآخر الدونية والمشوهة إلينا، على أساس أن كل من يمت بصلة إلى هذه المآذن إرهابي عنيف مهلك للحرث والنسل على حد تعبير القواميس المصرية المزيدة والمنقحة المطبوعة مؤخرا عقب مباراة الفراعنة والخضر الفاصلة في أم درمان. ودون أن نحمل طرفا دون الآخر مسؤولية هذا الوضع، فإننا نعترف كمسلمين بالمساهمة في صنع فوبيا-إسلام قوية في شتى أصقاع العالم، بجهل منا أو دونه، أو بقصد منا أو دونه، وكان يكفي لو أن واحدا فقط من هذه الضفة يملك إمبراطوريات من القنوات الفضائية المتخصصة في الغناء بالصدور والأرداف تخصيص خمسة دقائق في اليوم للغناء بالأفواه للتأثير في المجتمع الغربي عموما بأننا شعوب نفرق بين الغناء والرقص، لا كما يروج له من أننا شعوب نخلط بين الغناء والرقص، بل حتى أننا نرقص على أنغام الحزن، ونوظف أعضاء في الرقص تصلح لأشياء أخرى غير الرقص. ولا يستغربن أحد في قابل الأيام أن يخرج علينا البرادعي الياباني الجديد بتحذيرات شديدة اللهجة باسم منظمة الطاقة الدولية من إمكانية حمل مآذن المساجد لرؤوس نووية أو بكتيرية تهدد السلم والأمن الدوليين، لاسيما وأن ديننا الحنيف يجيز الزواج بالكتابيات من أمثال المصوتات والمصوتين على قانون حظر بناء المآذن في سويسرا، والذين يرتضون الأزواج من الضفة الجنوبية ولا يقبلون بمآذن مساجدهم.