سيبلغ عدد من تمت إعادة دفنهم حتى 11 تموز/ يوليو 2008 م 3215 ضحية حيث يتم إعادة دفن مجموعات من الضحايا في ذكرى الإبادة الجماعية التي تعرّض لها سكان سريبرينتسا المسلمون على مرأى ومسمع من الأممالمتحدة، وحلف شمال الأطلسي. وذلك بعد أن تم سحب أسلحة أهلها المتواضعة بذريعة إدخالها في المناطق التي أعلنتها الأممالمتحدة في ذلك الحين (آمنة)! الامر الذي عرّض الآلاف للقتل على أيدي القوات والمليشيات الصربية وهم عزل من السلاح. وكان البوشناق المسلمون قد أعادوا في 31 مارس 2003 م دفن 600 ضحية من ضحايا الإبادة في سريبرينتسا في الفترة ما بين 11 و19 تموز/ يوليو 1995 م. وقد عثر عليهم داخل مقابر جماعية لا تزال تظهر تِبَاعًا. وقالت إحدى أمهات الشهداء: لا يزال طيف ابني يرافقني، ولا يزال القتلة ينكرون جريمتهم، ولا تزال سريبرينتسا ضمن اللعبة السياسية الدولية. وقد خيمتْ أجواء الحزن على البوسنة في ذكرى أكبر مذبحة عرفتها أوربا بعد الحرب العالمية الثانية. ------------------------------------------------------------------------ جديد الذكرى 13 ------------------------------------------------------------------------ بين عام وآخر يطرأ الجديد على قضية الإبادة التي تعرض لها المسلمون في سريبرينتسا حيث لا تزال الحقائق تتكشف، والصراع مستمرًّا، فقد أعربت جمعية (أمهات سريبرينتسا) عن عدم رضاها على تولي الشرطة الصربية مهمة توفير الحماية لفعاليات إحياء الذكرى 13؛ لان الشرطة الصربية مشاركةً في جريمة الإبادة، وهو ما حدا بالجهات الرسمية الى إدخال تعديلات على الإجرءات الأمنية، وهي توفير قوة أمنية تمثل الجهات الثلاث البوسنية والصربية والدولية بحكم أن سريبرينتسا تقع في مناطق الحكم الذاتي التي يهيمن عليها صرب البوسنة. وكانت جمعية أمهات سريبرينتسا قد أعربت عن استغرابها لمنطق تولي القتلة حماية ضحاياهم. ومن التقاليد التي دأب عليها المسلمون تنظيم (مسيرة الموت) التي انطلقت في موعدها يوم 8 تموز/ يوليو، وهي تحاكي تلك المسيرة التي قطعها رجال وشباب سريبرينتسا عبر الغابات والأحراش في تموز/ يوليو 1995 م وهم عزل في محاولةٍ للنجاة من المجزرة التي تمت تحت أعين الأممالمتحدة وحلف شمال الأطلسي!. وقد كُتِبَتِ النجاة لأكثر من 2500 شخص تمكنوا من عبور غيابات الموت إلى الحياة بعد وصولهم إلى الأراضي المحررة آنذاك. وكان ذلك بمثابة حياة جديدة كُتِبَتْ لهم، بينما قضى الآلاف نَحْبَهُمْ رَمْيًا بالرصاص أو الذبح على يد الهمج الصرب. كما تم تنظيم ماراثون درجات هوائية لمسافة 203 كيلومتر يوم 9 تموز/ يوليو، وظل المشاركون في الماراثون ثلاثة أيام في سريبرينتسا، وتولت (مؤسسة المرحمة) الخيرية في سراييفو وتوزلا تكاليف الماراثون والمسيرة. لقد تزايد تأثير (جمعية أمهات سريبرينتسا) وغيرها من المؤسسات والشخصيات السريبرينتسية، نذكر على سبيل المثال تلك الرسالة التي بعثت بها الجمعية إلى نائب المبعوث الدولي رافي غاريغوريان بعد لَمْزِهِ المجاهدين وتوجيه اتهامات لهم، مذكرةً إياه بما اقترفته الأممالمتحدة وحلف شمال الأطلسي والدول الغربية من جرائم في البوسنة ولا سيما في سريبرينتسا وسكوته عن المرتزقة الروس واليونانيين والرومانيين الذين شاركوا الصرب في جريمة الإبادة في سريبرينتسا!. أكثر من سريبرينتسا يحاول البعض، وكذلك جهات دولية معروفة، أن تختزل حرب الإبادة التي استهدفت المسلمين البوسنويين في مجزرة سريبرينتسا، بينما الإبادة شملت مناطق كثيرة في البلاد ولا سيما شرق البوسنة: - زفورنيك، ويقدر عديد الضحايا ب 20 ألف ضحية. - فيشي غراد، ويبلغ عديد الضحايا 3 آلاف ضحية. وهو الرقم نفسه في جوراجدة وبريتشكو شمالا، ويزيد عن ذلك في بيهاتش بالشمال الغربي، وما يزيد عن 12 ألف ضحية في سراييفو، منهم 4 آلاف طفل. وهكذا تنبع من شقوق كل إقليم هناك إبادة حقيقية تتحدث عنها الأرقام والسجلات. وسر الاهتمام بسريبرينتسا يتمثل في الوقت القياسي الذي قُتِلَ فيه أكثر من 10 آلاف ضحية خلال 3 أيام!. ولا تزال المقابر الجماعية في جميع مناطق البوسنة، ورفات وعظام الضحايا المستخرجة من المقابر الجماعية تروي فظائع تلك الإبادة التي لم تكن في سريبرينتسا لوحدها. فقبل أسابيع قليلة من الذكرى 13 لمجزرة سريبرينتسا وتحديدًا في 1 تموز/ يونيو الماضي أدى مفتي توزلا الشيخ حسين كفازوفيتش صلاة الجنازة على 28 ضحية عُثِرَ عليهم في مقبرةٍ جماعيةٍ بزفورنيك، وكان أصغر الضحايا - ويُدْعَى أمير سليموفيتش - يبلغ من العمر 18 سنة، بينما كان أكبر الضحايا - وهو رامو توسكوفيتش - قد ناهز 86 سنة من عمره عندما قتل لا لشيء سوى أنه مسلم!. وفي 20 تموز/ يونيو تم معرفة هوية 55 ضحية عُثِرَ عليهم في مقبرة جماعية، بينهم 10 أطفال، وجميعهم من ضحايا سريبرينتسا. وقد تزامن ذلك مع محاكمة مسؤولين في الجبل الأسود قاموا بتسليم 16 مسلمًا إلى الصرب في البوسنة لقتلهم. وفي 5 تموز/ يوليو تم إعادة دفن 47 ضحية من ضحايا الإبادة في بريتشكو. وقد أَمّ رئيس العلماء في البوسنة الدكتور مصطفى تسيريتش المصلين على الضحايا. الأممالمتحدةوهولندا في قفص الاتهام لم يكتفِ المسلمون في البوسنة بإدانة الدور المشبوه لكلٍّ من الأممالمتحدة والقوات الهولندية التي كانت تابعة لها في سريبرينتسا فحسب، بل تقدموا بشكوى ضدهما أمام محكمة لاهاي، وذلك لأول مرة وبعد 13 سنة على جريمة الإبادة. فقد استمعت محكمة لاهاي إلى عددٍ من ضحايا سريبرينتسا الذين يُحمّلون القوات الهولندية التي كانت تعمل تحت راية الأممالمتحدة مسؤولية الإخلال بواجب حماية المدنيين الذين كانوا في عهدتها. وقال أحد مقدمي الدعوى في هذه القضية المرفوعة ضد الدولة الهولندية، ويُدْعَى حسن نوهانوفيتش: إن أمه ووالده وشقيقه وأفرادًا من عائلته طُرِدوا من القاعدة الهولندية، وسلمهم جنود هولنديين إلى الصرب الذين قتلوهم. وحسن كان حينها في السابعة والعشرين من العمر، وكان يعمل مترجمًا للكتيبة الهولندية المكلفة من الأممالمتحدة بحماية سربرنيتشا عندما سقطت بيد الصرب. ويؤكد حسن على أن القوات الهولندية طلبت منه أن يخبر الضحايا المسلمين بضرورة مغادرة الجيب الذي لجئوا إليه أملا بالحصول على حماية من جنود الأممالمتحدة الهولنديين. وكانت الأممالمتحدة قد أعلنت سريبرينتسا منطقة آمنة، وفي ظل تلك الوضعية استولى عليها الصرب. وأكد نوهانوفيتش بأن القوات الهولندية كانت تُدْرِك أن الأشخاص الذين طردتهم سيتعرضون لخطر الموت، لكنهم لم يأبهوا لذلك، وتابع: الهولنديون أنفسهم كانوا يريدون الرحيل بأسرع وقت ممكن. وفي الفترة من بين 11 و19 تموز/ يوليو قتل الصرب ما يزيد عن 10 آلاف مسلم في سريبرينتسا دون أن يَرِفَّ للغرب جفن. وفي تلك الفترة فُصِلَ الرجال - بما فيهم الأطفال - (عكس ما رَوَّجَتْهُ بعض وسائل الاعلام الغربية) في منطقة بلوتتشاري أمام أعين الجنود الدوليين الهولنديين الذين لم يحركوا ساكنا. وفي 2002 م استقالت الحكومة الهولندية بعد تحقيقٍ أظهر أنها أرسلت جنودًا في إطار مهمة ''مستحيلة'' إلى سربرنيتشا، لكن الحكومة الهولندية رفضت تقديم اعتذاراتٍ، مؤكدةً أن قواتها كانت تحت قيادة الأممالمتحدة، وأن صرب البوسنة مسؤولون عن المجزرة. وبِدَوْرِها أقرّت الأممالمتحدة عام 1999 بأنها لم تنفذ مهمتها بحماية المدنيين، لكنها رفضت تحمل المسؤولية. وقد اعتبرت محكمة جرائم الحرب في لاهاي ما حصل في سريبرينتسا مجازر إبادة. وقال سمير غوزين، وهو واحد من نحو 6000 آلاف شخص تقدموا بشكاوى: إذا لم تُصدر المحكمة حكمًا لصالحنا، فسوف نستأنف الحكم، وإذا رفضت الشكوى ضد الأممالمتحدة، فسنقتصر على هولندا. انتصار معنوي وفي الذكرى 13 للمجزرة تحقق نصرٌ تاريخي ومعنوي للضحايا اذ برّأت محكمة جرائم الحرب في لاهاي يوم 7 تموز/ يوليو القائد السابق للجيش البوسني في سريبرينتسا ناصر أوريتش من جميع التهم المتعلقة بارتكاب جرائم حرب ضد الصرب سنتي 1992 و 1993 م. وقال القاضي فولفغانغ تشومبورغ انه حصلت هناك اعتداءت بيد أنه لا توجد أدلة على أن ناصر أوروتش كان مُتَوَرِّطًا في تلك الاعتداءت أو كان قادرًا على منعها أو محاكمة مقترفيها. وتابع: الاعتداءات تتعلق بأسرى كانوا في سجنين في الفترة ما بين ايلول/ سبتمبر 1992 واذار/ مارس ,1993 وخلص القاضي إلى أن ناصر أوروتش برئ من جميع التهم المنسوبة إليه، وبإمكانه العودة إلى حياته الطبيعية. وقال ناصر أورتشيفيتش بعد خروجه من المحكمة (السجن) أنه سعيد باطلاق سراحه، وبتأكيد المحكمة على أن المسلمين في سريبرينتسا لم يرتكبوا أية جرائم حرب. وأضاف: كنت واثقا من براءتي حتى بعد الحكم عليّ سنة 2006 بالسجن لمدة سنتين، وهذا ما دفعني إلى الاستئناف لتحقيق هذه النتيجة السعيدة التي توقعتها. وعن الذكرى 13 لمذبحة سريبنتسا قال أوروتش: التوقيت مُهِمٌّ جِدًّا، وقد حضر أوريتش، كما وعد، الذكرى في سريبرينتس، للتأكيد على أننا كنا الضحايا وليس الجناة، وأنه لا يمكن المساواة بين الطَّرَفَيْنِ. وعن إدانة المسؤولين الصرب لإطلاق سراحه قال: عليهم أن يخجلوا من أنفسهم، ويتذكروا مجازر سريبرينتسا، فأيديهم ملوثة بالدماء، ولا يمكنهم رميي بالحجارة!. وبإطلاق سراح أورتشيفيتش يُسْدَلُ الستار على أكثر القضايا المثيرة للجدل في أروقة القضاء وصفحات الجرائد والمجالس الخاصة والعامة في يوغسلافيا السابقة؛ لأن المتهم هو قائد الضحايا في سريبرينتسا، وليس الجنرال راتكو ملاديتش المسؤول الأول عن تلك الفظائع الذي لا يزال طليقا!. ------------------------------------------------------------------------ محكمة العدل الدولية وصعوبة إثبات 'الإبادة الجماعية' ------------------------------------------------------------------------ هل القانون الدولي ضد الإبادة الجماعية ساري المفعول اليوم؟ وهل من المستحيل تقريباً إثبات الإبادة الجماعية، التي تعد وسيلة خطابية وسياسية قوية في المحكمة؟ هذان السؤالان أُثيرا بكثرة في لاهاي بعد قضيتين طرحتا هناك خلال الأسبوع الماضي. في القضية الأولى، لم تجد ''محكمة العدل الدولية'' ما يكفي من الأدلة لتحميل صربيا مسؤولية الإبادة الجماعية في البوسنة والهرسك في مطلع التسعينيات. أما في القضية الثانية، فقد امتنعت ''المحكمة الجنائية الدولية'' عن وصف الفظاعات التي تُرتكب في إقليم دارفور السوداني بالإبادة الجماعية . ويجد مصطلح ''الإبادة الجماعية''، الذي تم سكه خلال المحرقة النازية لليهود، تعريفه القانوني في ''اتفاقية الإبادة الجماعية'' التي وُقعت عام 1948؛ حيث تُعرف الاتفاقيةُ المذكورة الإبادةَ الجماعية بأنها شكل من أشكال الفظاعات القتل مثلاً أو التسبب في أذى جسماني أو نفساني- التي تُرتكب ب''نية'' تدمير مجموعة معينة. وفي هذا السياق، تقول البوسنة إن صربيا ارتكبت جريمة الإبادة الجماعية في حق المسلمين البوسنيين خلال التفكك الدامي ليوغسلافيا السابقة بين عامي 1991 و.1995 غير أن ''محكمة العدل الدولية'' رفضت معظم ادعاءات البوسنة على اعتبار أنه لا توجد أدلة كافية لإثبات نية تدمير المسلمين هناك، باستثناء حالة واحدة المذابح التي وقعت في سريبرينيتشا عام 1995 وتسببت في مقتل ما يزيد على 7000 رجل وطفل بوسني. وبهذا تكون المحكمة قد جعلت إمكانية تحميل دولة ما مسؤولية الإبادة الجماعية أمراً مستحيلاً تقريباً على اعتبار أنها تنص على شرط أن تكون الجريمة قد ارتكبت بنية الإبادة. والحال أن المحكمة كان بمقدورها أن تستنتج نية صربيا من النسق الأكبر؛ إلا أنها بدلاً من ذلك اعتمدت معياراً عالياً يشبه إلى حد كبير المعيار الذي يُستعمل لتحديد ذنب أحد الأفراد أو براءته. وعلى رغم ذلك، فقد أعادت المحكمة في الوقت نفسه التأكيد على إمكانية تحميل الدول، وليس الأشخاص فقط، مسؤولية أعمال الإبادة الجماعية. حيث وجدت أن صربيا، بعدم منعها حدوث مذابح سريبرينيتشا، لم تفِ بالتزامها في إطار القانون الدولي لمنع حدوث جريمة الإبادة الجماعية. ومع ذلك، فلا يسع المرء إلا أن يخلص إلى أن إثبات مسؤولية جريمة الإبادة الجماعية بات اليوم مهمة مستحيلة. في لاهاي، يبدو أن ''لويس مورينو أوكامبو'' قد فهم الرسالة؛ إنه كبير المدعين العامين في ''المحكمة الجنائية الدولية'' -وهي محكمة لا تعترف بها الولاياتالمتحدة. حيث أصدر ''مورينو أوكامبو'' يوم الثلاثاء الماضي تقييمه للفظاعات المرتكبة في دارفور، غير أنه لم يُضمنها أي اتهامات بجرائم الإبادة الجماعية. وبدلاً من ذلك، أعلن ''مورينو أوكامبو'' أن مسؤولاً حكومياً سودانياً وقائد إحدى مليشيات ''الجنجويد'' يتحملان مسؤولية جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، ومن ذلك شن هجمات وحشية على المدنيين في دارفور. والواقع أنه اختيار ذكي، ذلك أنه من الأفضل متابعة هذين الشخصين على أساس يمكن إثباته بدلاً من إطلاق تصريح رمزي حول الإبادة الجماعية وركوب خطر خسران القضية. وبأخذ كل هذه التطورات بعين الاعتبار، على المرء أن يتساءل حول ما إن كان من الممكن فعلاً إثبات حدوث جريمة إبادة جماعية أمام محكمة قضائية. ذلك أنه نادراً ما تمت محاكمة لقضية من قضايا الإبادة الجماعية، ثم إنها نادراً ما كانت أساساً للإدانة. ونتيجة لذلك، فإن البعض قد يميل إلى الإحجام عن استعمال المصطلح أصلاً . إلا أن ذلك ينمُّ عن قصر نظر في الواقع؛ إذ ينبغي النظر إلى القرار القضائي في قضية صربيا والبوسنة واتهامات دارفور باعتبارها مقاربات معينة تندرج في إطار جهد أكبر يروم وقف الفظاعات التي ترتكب في حق المدنيين. ذلك أن ''اتفاقية الإبادة الجماعية'' ليست مجرد وسيلة بين أيدي المحاكم الدولية؛ وإنما هدفها حث الدول على التدخل لمنع جرائم الإبادة الجماعية. ولعل الأهم من ذلك يتمثل في ضرورة أن تتجاوز الحكومات دوامة الدلالات اللفظية. فبغض النظر عن الاسم الذي نطلقه عليها، فإننا نعرف الفظاعات المروعة عندما نراها. وبالتالي، ينبغي التعامل مع هذه الجرائم بردود سياسية وإنسانية، تكون قوية حين تقتضي الضرورة ذلك. أما سكان البوسنة ودارفور، فعليهم أن يلتفتوا إلى دول أخرى من أجل حشد دعمها وتأييدها. فمن الواضح أنه لا يمكن الاعتماد على المحاكم ------------------------------------------------------------------------ محكمة العدل: مذابح مسلمي البوسنة تمثل إبادة جماعية ------------------------------------------------------------------------ قالت محكمة العدل الدولية في لاهاي يوم الاثنين ان المذابح التي تعرض لها مسلمو البوسنة في عام 1995 على أيدي قوات صربية تستوفي كافة الشروط لاعتبارها عملية إبادة جماعية. غير أن المحكمة لم تحدد بعد من هو المسؤول عن هذه المذابح. يشار إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تحاكم فيها دولة لارتكاب عملية ابادة جماعية، وهي جريمة طبقا لمعاهدة الأممالمتحدة الموقعة في عام .1948 ويفتح هذا الحكم الباب أمام مواطني البوسنة للمطالبة بمليارات الدولارات من التعويضات. وكانت دولة البوسنة والهرسك طلبت من محكمة العدل الدولية النظر فيما إذا كانت صربيا قامت بعملية إبادة جماعية خلال الحرب التي استمر من عام 1992 إلى عام .1995 يذكر أن 100 ألف شخص على الأقل قتلوا خلال هذه الحرب، والتي أشعل شرارتها تفتت يوغوسلافيا السابقة. وسعى المسلمون والكروات في البوسنة إلى الانفصال عن بلجراد، وهو ما عارضه صرب البوسنة. ------------------------------------------------------------------------ موقف صربيا ------------------------------------------------------------------------ وتدفع البوسنة بأن بلجراد حرضت على الكراهية العرقية وأمدت صرب البوسنة بالسلاح ودبرت حملات التطهير العرقي ضد المسلمين والكروات، وشاركت في عمليات القتل، وهو ما يرقى إلى إبادة جماعية تشبه جرائم النازي في الحرب العالمية الثانية. من جانبها تقول بلجراد إن الصراع في البوسنة كان داخليا بين المجموعات العرقية، وتنفي أي دور للدولة في عمليات الإبادة الجماعية. وبدأت قضية البوسنة والهرسك ضد جمهورية صربيا والجبل الأسود قبل عام. وكانت هيئة من القضاة بدأت التداول في الحكم منذ انتهاء جلسات القضية في مايو/آيار من العام الماضي. ويعد الحكم حكما ملزما. يذكر انه قتل ثمانية آلاف شخص من النساء والرجال والأطفال المسلمين على أيدي الجنود الصرب البوسنيين الذين اجتاحوا مدينة سبرينيتشا الواقعة في شرق البوسنة عام خمسة وتسعين رغم أنها كانت تحت حماية الأممالمتحدة. وسبق أن أدانت محكمة جرائم الحرب في لاهاي بالفعل أفرادا بتهم الإبادة الجماعية في البوسنة واعتبرت مذبحة سربرينتشا جريمة إبادة جماعية.