كشف مدير ديار الرحمة ومركز الإسعاف الاجتماعي لبئر خادم، السيد عززان، أن الجزائر قد سجلت خلال السنتين الماضيتين تراجعا ملحوظا في عدد الأشخاص من دون مأوى، وتزامن هذا مع تزايد في عدد مراكز الإيواء الخاصة بهذه الفئة على المستوى الوطني والتي تجاوز عددها 340 مركزا. وأشار ذات المسؤول، في لقاء خاص جمعه ب ''الحوار'' على هامش خروج فوج عمل للتكفل بهذه الشريحة من المجتمع نهاية الأسبوع الماضي. وأوضح أن الوقت الأنسب للتأكد من تراجع عددهم يكون ليلا عندما يعود المتسولون إلى منازلهم، وذكر أن الإسعاف الاجتماعي يساهم حاليا في التمهيد لفتح تحقيق وطني حول التسول بالجزائر بالتعاون مع الوزارة الوصية. الحوار: تخرجون مرتين في الأسبوع إلى الشارع لمد يد العون للأشخاص من دون مأوى، كيف يكون ذلك؟ - السيد عززان: هدفنا من الخروج إلى الشارع بيداغوجي بالدرجة الأولى، فنقوم بإرساء بيداغوجية الشارع ونرمي من خلال هذه الطريقة إلى كسب ثقة الأشخاص من دون مأوى بالتقرب منهم بصفة مستمرة في خرجاتنا الميدانية، ونحثهم على العودة إلى منازلهم إلى على الأقل أو مرافقتنا إلى المركز، ونستثمر كل وقتنا وطاقتنا لإقناعهم بأن الوضعية قد تغيرت عما كانت عليه في السابق، وان مدة إقامتهم فيه لا تتجاوز 48 ساعة، فقلما ننجح في إقناع شخص ما بمرافقتنا من أول مرة نلاقيه فيها، كما أن عدد الأشخاص من دون مأوى الحقيقيين قد تراجع مؤخرا. ما سبب تراجع عدد الأشخاص من دون مأوى؟ - لقد قل عدد الأشخاص من دون مأوى منذ سنتين تقريبا، ويمكن إرجاع ذلك إلى تزايد عدد المراكز الخاصة باستقبال الأشخاص في شدة والذي تجاوز 3 في المائة و40 مركزا على المستوى الوطني، كما تم تجهيز كل ولاية بمركز إسعاف اجتماعي يستقبل الأشخاص في شدة لمدة 48 ساعة يوجهون بعدها إلى مراكز أخرى حسب ما تقتضيه كل حالة، ففي السابق كانت العاصمة والمدن الكبرى الأخرى ملجأهم الأول. لدى استقبالكم للحالات كيف تتمكنون من توجيهها إلى المراكز الخاصة؟ - لدى استقبالنا للشخص نقوم بفتح تحقيق حوله، ونحاول إرجاعه إلى أهله وإذا لم نتمكن أمام رفضه القوي، من الحصول على معلومات حول عائلته، نعمل على توجيهه إلى المركز الخاص بهذه الفئة في ولايته، وهذا يرفع من حظوظ التقائه بأصدقائه ومقربيه وبالتالي ارتفاع حظوظ إصلاح وضعيته الاجتماعية. ما هي الفئات التي تصادفونها خلال عملكم الميداني؟ - عالم الأشخاص من دون مأوى عالم واسع جدا، حيث يضم العديد من الفئات، المتسولين، المتشردين، الفارين، متعاطي الكحول والمخدرات، المرضى العقليين، وغيرهم من الفئات، وكل حالة تتطلب معاملة خاصة. تحضرون إلى المركز جميع من يبدون الرغبة في مرافقتكم؟ - نولي الأهمية الكبرى للنساء الحوامل، والنساء مع أطفالهن والأطفال والمسنين، أما بالنسبة لمدمني الكحول والمخدرات فنخصص لهم خرجات خاصة يرافقنا خلالها عناصر الأمن الوطني أين يساعدوننا على توجيههم إلى مراكز مكافحة الإدمان، فلا يمكننا المجازفة بإحضارهم إلى المركز خوفا من أن يتسببوا في أذية بقية النزلاء. فالتكفل بالأشخاص من دون مأوى ليست من مهام وزارة التضامن الوطني بمفردها وإنما مهمة العديد من القطاعات، كوزارة العدل للتكفل بالأحداث، ووزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات للتكفل بفئة المجانين والمرضى العقلين. صرتم على إطلاع جيد بأماكن توزيع هؤلاء الأشخاص، هل يسهل هذا من مهامكم؟ - خلال عملنا اليومي نقوم برسم خارطة أو بطاقة تقنية عن مواقع تمركز هذه الفئة عبر الشوارع والأحياء، وتمكنا حاليا من إحصاء أن غالبية الموجودين حاليا في الشوارع هم من فئة المرضى العقليين والمتسولين القادمين من المناطق المجاورة للعاصمة، الذين يتخذون من التسول حرفة لكسب لقمة العيش ويستعملون حتى الأطفال لاستعطاف الناس. وسنقوم بتزويد الوزارة بالمعلومات اللازمة لفتح تحقيقها. التحقيق يستهدف الأشخاص من دون مأوى بصفة عامة أم المتسولين الذين يبيتون في الشارع فقط؟ - نقوم من خلال عملنا على التمهيد لفتح تحقيق وطني بالتعاون مع وزارة التضامن حول التسول في الجزائر، وهذا للمساهمة في بناء استراتيجية لمكافحة الظاهرة على أسس متينة. عملكم في استقبال الأشخاص من دون مأوى إذن تمهيدي لإعادة إدماجهم اجتماعيا؟ - عمل الإسعاف الاجتماعي يحتوى على ثلاثة مستويات، فالمستوى الأول أو المرحلة الأولى مرحة استعجالية، أين يتم الاعتماد على الفرق والأجهزة المتنقلة لمساعدة الأشخاص في شدة، أما المرحلة الثانية فهي مرحلة الإيواء الاستعجالي أين يتم نقلهم بعد مكوثهم بمركز الإسعاف الاستعجالي لمدة 48 ساعة إلى مركز آخر، وأخيرا مرحلة الإدماج الاجتماعي وحتى المهني في بعض الأحيان، بعد ظهور نتائج التحقيق حول الشخص. كم يلزمكم من وقت لإقناع الأشخاص لمرافقتكم إلى المركز؟ - تختلف المدة من شخص لآخر وقد تطول في الكثير من الأحيان، إلا أننا ننجح في الأخير في كسب ثقتهم من خلال خلق مجال اتصال بيننا وبينهم. لاحظنا أنكم لا تقومون بتوزيع الوجبات الساخنة على الأشخاص من دون مأوى كما كانت عليه الوضعية في السابق، ما سبب ذلك؟ - توقفنا منذ 3 سنوات عن تقديم الوجبات الساخنة ليلا للأشخاص من دون مأوى لعدة اعتبارات على رأسها حدوث حالات تسمم غذائي لدى تناولهم لتلك الوجبات بعد تخزينهم لها لمدة معينة، ولاعتياد بعض الأشخاص على الشارع من باب أنهم يضمنون الوجبة الساخنة في الليالي الباردة، فلا يمكن أن نشجع الظاهرة. عملكم في الميدان يتطلب تظافر جهود فرقة متعددة الاختصاصات، مم تتشكل الفرق المتنقلة؟ - تتكون الفرق المتنقلة من مربي الشوارع مكونين على بيداغوجية الشارع، تتضمن أخصائيين نفسانيين وأطباء وممرضين، ففي العديد من الأحيان نصادف حالات على حافة الموت تتطلب إسعافات أولية في عين المكان قبل نقلها إلى المستشفى. كم حالة قمتم بنقلها إلى المركز خلال السنة الجارية؟ - منذ نهاية شهر رمضان الفارط جمعنا لحد الآن 30 حالة من دون مأوى، في حين كنا في السابق نجمع شهريا ما بين 60 إلى مائة حالة شهريا، فخلال السنة الماضية فقط كنا نجمع 40 حالة شهريا خلال فصل الشتاء.