الكل قرأ التاريخ، لكن إلا القليل من يتعلم وينهل منه، خذوها من عندي قاعدة كما أخذت جميلة بوحيرد بقواعد قادتها ومبادئ ثورتها، التي حفظتها واحتفظت بها وبذلك فهي ربما الوحيدة وحدها من تعلم وتحفظ تاريخا كان لابد لنا أن نحفظه جيدا، نعم لأنها لم تخطئ ولم تتخلى عن مبادئ آمنت بها عندما ضاقت بها السبل اليوم وحاجتها الماسة للدعم ورفع الغبن عنها، فخرجت ورمت بنفسها إلى الشارع ليحتضنها شعبها، وببساطة لأنها ثورة وتاريخ، وبذلك لم تخالف قواعد قادتها وقادة الثورة ومبادئها، ذلك ما تعلمته وأدركته جيدا الماجدة المجاهدة الرمز فلجأت إليه، ووظفته اليوم فاستنجدت بشعبها وحده ضاربة بعرض الحائط كل العروض والخدمات والمساعدات وإن كانت سخية، ورفضت جميلة الجميل لأنها هي صاحبته علينا وعلى الأمة العربية وأكبر منه اليوم، وهذه هي الأشياء التي رأتها مخالفة أو دخيلة على تاريخها البطولي ومعتقدها الثوري، وهي جزء منه ومن صلب هذا الشعب الذي هو جيل من جيل ذلك الشعب نفسه الذي نصح به الشهيد العربي بن مهيدي بأن ترمى الثورة إلى الشارع في عهده ليحتضنها، وكان ذلك عن وعي ودراية تامة من الشهيد البطل ومن الشعب ودوره في ثورة التحرير، وهو شعب لم يخيب الظن كما هي دراية وظن الماجدة المجاهدة جميلة بوحيرد به اليوم. لقد كانت في خرجة أو استغاثة جميلة جميل آخر علينا يضاف ويبقى دين ندين به لجميلة وغيرها من المجاهدين والشهداء، وهي تلك اللحمة والحملة التعبوية التي أحدثتها في نفوس الشعب الجزائري، وكانت بمثابة الاختبار الحقيقي الناجح عقب نجاح تلك اللحمة التي شاهدناها وشاهدها العالم أجمع وعشناها بروحنا، من خلال الحدث الرياضي في كرة القدم من تصفيات كأس إفريقيا والعالم، والذي ثار فيه الشعب بصوت واحد ملتفا ومتوشحا بالعلم الوطني، معبرا عن وطنيته وحبه لبلده وتمسكه بمبادئه وعقيدته الثورية فأدهش العالم وبدد كل الشكوك حتى لا نقول الأمنيات الدنيئة، اليوم وفي الوقت الذي كانت فيه بعض الشخصيات والجهات ضيقة الفكر تفكر بريب وتعليق بالسلب عن دواعي دعوة الماجدة المجاهدة جميلة بوحيرد من الشعب مساعدتها والوقوف بجانبها، في تلك الأثناء كان الشارع في أوج تضامنه التام مع رمز بطولته ووحدته وتاريخه، ولا حديث غير عن جميلة وجميلها وسبل إرجاع الجميل لها وهناك من حمد الله وشكرها لأنها فسحت له المجال ولم تفتحه لغيره ليهب ويهب ماله وروحه لها لمساعدتها والتعبير عن امتنانه لها ولدورها البطولي وما قدمته لهذا الوطن الكبير، ذلك ما يبقيها كبيرة وستظل كبيرة بكبر شعبها الذي قاتلت وناضلت وجدت لتجده اليوم ثروة ثورة ما تغنيها عنه ثروات، وهو ثمرة زرع من حقها أن تحصده من داخل حقلها وليس من خارجه فلا عيب في ذلك، فبقدر ما فهمت الماجدة جميلة شعبها ولجأت إليه ففهمها هو أيضا والتف حولها في صورة تضامنية أكدت أنه شعب مواقف وبطولات محتضن الثورات لا شعب الاحتفال بالمناسبات، ومن قال حاد عن أصله أو قال مات فقد كذب، وخيرات بلادي ورجالها مثل مآقي دموعي على مآل بوحيرد لا ولن تنضب.