''صبرنا صبر أيوب في هذي الدارّ''، '' الناس تموت والحجر يطيح عليها والمير يجوز الريفيو مع حبابو''، هي عبارات خرجت من أفواه 4 عائلات كادت أن تفقد أرواحها وأرواح فلذات أكبادها في رمشة عين لولا إرادة الخالق، على إثر تعرض بيتها أو كما يطلق عليه ناس القصبة ب''الدويرة'' يوم الخميس المنصرم، على الساعة ال5.00 مساء بممر النخيل رقم ''''04 بحومة ''بئر جباح''، إلى انهيار جزئي للسطوح والأسقف وجدارن ''الدويرة'' الذي يعود تاريخ إنجازه إلى العهد العثماني. فور سماع ''الحوار'' إحدى صيحات العائلات المنكوبة بحومة ''بئر جباح'' ممر النخيل رقم ''''04 بالقصبة، والتي قضت ليلة رأس السنة في العراء تحت برودة الطقس، لم نتردد ولو ثانية واحدة، لنقل معاناة هؤلاء السكان، عسى أن تسمع بها السلطات المحلية وتسارع لإنقاذها من الجحيم الذي تعيشنه وسط هذه الغرف التي لا تتعدى ال07 غرف تتقاسمهما 04 عائلات منذ أزيد من نصف قرن. 04 عائلات منكوبة تقضي ليلة رأس السنة في العراء توجهنا في حدود الساعة ال 11.00 صباحا من نهار الجمعة للتحدث مع هذه العائلات وباقي الجيران أي بعد مرور ليلة سوداء عن العائلات التالية ''مسيح الدين جوهر'' المتكونة من 6 أفراد وعائلة ''بوسواليم بلقاسم '' و''لعلالي بوساعد'' المتكونة من 5 أشخاص و''زيرغ محمد'' متكونة من 5 أولاد والام والأب وذلك بمجموع 7 أفراد، وجدناهم في حالة أقل ما يقال عنها صعبة، نظرا للحالة الكارثية التي آلت إليها ''الدويرة'' الوحيدة التي كانت تضمهم منذ سنوات طويلة تجاوزت ال50 عاما، والتي انهارت جزئيا بعد طول فترة صمود وخمود، آخر هذه الانهيارات حدثت يوم الخميس في حدود الساعة ال5.00 مساء، وأولها كان سنة 1989 على إثر الزلزال الذي ضرب الولاية، وثانيها كان بتاريخ 21 ماي 2003 إثر الزلزال الذي ضرب ولايتي بومرداس والجزائر العاصمة، هذا الأخير الذي ساهم بشكل كبير على حد تصريحات هذه العائلات في انهيار سطح البناية وتصدع الجدران والأسقف لتبدأ منذ ذلك الوقت رحلة المعاناة والشقاء الطويلين. ''نجونا من الموت أما الأثاث فبقي عالقا بباقي الغرف'' إذا كانت هذه العائلات الأربعة تمكنت من الإفلات بجلدها وبأرواحها ومن إنقاذ نفسها قبل حدوث كارثة إنسانية في حق أفرادها، فليس معنى ذلك أن الأمور تجري على ما يرام والوضع عادي، بل على العكس من ذلك تماما، حيث بقي معظم الأثاث عالقا بباقي الغرف لاستحالة الدخول إلى هذه الأخيرة لما تشكله من خطر شديد، بعدما انهارت أجزاء منها والسطح الذي يقود إلى هذه الغرف، وهذا ما يعني أن الوضع بات لا يطاق واستحالة العيش مرة أخرى وسط هذه السكنات، حتى لا تحدث خسائر بشرية فور انهيارها مثلما حدث مع إحدى العائلات المجاورة لها، والتي فقدت 03 من أفرادها '' الأم والأب والابن'' . ''هل سنطلّق المزيرية ونودع المعاناة بانتهاء سنة 2009؟'' لا يختلف اثنان في قوله عز وجل '' ... وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شرّ لكم و الله يعلم وأنتم لا تعلمون'' من سورة البقرة الآية رقم ,216 هذه الآية الكريمة جعلت العائلات المنكوبة بحومة ''بئر جباح'' تتفاءل خيرا وتقول عسى أن يكون انهيار البناية في آخر شهر ويوم من سنة 2009 تطليقا للمزرية وتوديعا لرحلة الشقاء والمعاناة التي بدأت منذ سنة 2003 على إثر الزلزال الذي ساهم بشكل كبير في انهيار جزئي للبناية أدى بالمصالح التقنية ومصالح الحماية المدنية إلى تصنيفها في الخانة الحمراء للخطر الكبير الذي تشكله على الأشخاص القاطنين بها والعائلات المجاورة لها، هاته الأخيرة التي لم تسلم بيوتها أيضا من التشققات والتصدعات، حسب ما وقفنا عليه وسجلناه بأنفسنا بعائلة ''حجيمي سليمان'' التي وجدناها هي الأخرى في حالة لا يحسد عليها على الإطلاق، فالغرفة الواحدة يتقاسمها الأب والأم والأولاد، والغرفة الأخرى عبارة عن مطبخ تتقاسمها ربة العائلة مع جارة أخرى. اليوم دور هذه العائلات وغدا دور من يا ترى؟ سؤال حير جيران العائلات الأربعة وجعلها في دوامة ''غدا دور من يا ترى؟''، فكل الجيران بحومة ''بئر جباح''، أصبحوا متخوفين من مستقبلهم في هذه السكنات الهشة، ينتظرون دورهم في انهيار بنايتهم المتصدعة للإفلات والهروب بأرواحهم، أما الأثاث ف''لله العوض وعليه العوض''، لاسيما أوقات نزول الأمطار وهبوب الرياح في فصل الشتاء، حيث يزداد الوضع سوءا ويكبر الخطر، وتزداد المعاناة، فعائلة ''حجيمي سليمان'' مثلا لا تنام الليل فور نزول الغيث نظرا للتسربات التي تحدثها تشققات البيت، والأمر يقاس بناء على كميات الأمطار المتهاطلة وسرعتها، فإذا كانت الكمية المتهاطلة كبيرة ازداد الوضع سوء وتدهورا، حيث تغمر مياه الأمطار الأثاث والفراش، وليت الوضع يتوقف عند هذا الحد فقط، بل يزداد أكثر خطورة، إذ يصبح الناس يترقبون لحظة موتهم وسط هذه الكهوف إن صح إطلاق هذه التسمية عليها للمواد المنجزة بها، المتمثلة في التراب والحجارة والتي تعود إلى فترة العهد العثماني وفترة الاحتلال الفرنسي، ضف إلى ذلك معاناة أخرى تمثلت في الضيق وعدم الاتساع، ما أدى إلى تقاسم الغرفة الواحدة مع عدة أفراد من جهة، ومن جهة أخرى أدى إلى عزوف الشباب الذين هم في سن الزواج عن أداء السنّة ونصف الدين، وجعل عملية السكن بالنسبة إليهم حلما لا يمكن أن يحلم به إلى من استطاع في إشارة من السكان إلى توزيعه عن طريق المحسوبية والرشوة. الرطوبة والجرذان تقاسم العائلات بيتهم معاناة عائلات ''مسيح الدين جوهر'' المتكونة من 6 أفراد وعائلة ''بوسواليم بلقاسم '' و''لعلالي بوساعد'' المتكونة من 5 أشخاص و''زيرغ محمد'' من 7 أفراد، لم تقتصر على التشققات والتصدعات والانهيارات فقط، بل سبقها من قبل حالة العيش الضنكى وسط نسبة الرطوبة العالية والجرذان الخطيرة والفئران المؤذية لسنوات طويلة، أدت إلى إثارة الكثير من المتاعب والمشاكل لدى هاته العائلات. شكاوى لا تعد ولا تحصى... والسلطات تغض البصر على الرغم من الشكاوى العديدة التي قامت بها هذه العائلات والعائلات المجاروة لها نسخة من هذه الشكاوى رأيناها ، لإيصال صوتها إلى السلطات البلدية للقصبة والسلطات الإدارية لمقاطعة باب الواد، غير أن ذلك لم يأت بأي ثمار، حيث ذهبت وعود المسؤولين المحليين بشأن عمليات الترحيل أدراج الرياح ولم تنفذ ولا واحدة منها، بالرغم من علم واطلاع هذه الأخيرة بالمشاكل العويصة التي تتخبط فيها هذه العائلات القاطنة بحومة ''بئر جباح'' ببلدية القصبة العتيقة التي يعود تاريخ إنشائها إلى العهد العثماني.