لقد أظهر الواقع عدم كفاية الجهد الحكومي في تحقيق الانضباط في المجتمع، ومن ثم أصبح الجهد غير الحكومي الذي يقوم به أصحاب المصالح وقوى التأثير والمخلصون للوطن ضرورة لا غنى عنها، ومن هنا يتضح لنا الدور البناء والفعال الذي يمكن أن تساهم به المنظمات الأهلية أو الشعبية أو الجمعيات في تخفيف عبء التنفيذ الكامل للبرامج الحكومية عن كاهل الحكومة، ويعتبر مجال الملكية الفكرية من أهم المجالات التي يتضح فيها أهمية وتأثير الحركات الجمعوية في تحقيق التطوير وتحسين الأداء نظرا لكونها ذات جذور عميقة في المجتمع، فهي تشتمل على المنظمات الشعبية، والنقابات العمالية والمهنية، والتعاونيات، والاتحادات الطلابية وتنظيمات الخدمات الاجتماعية...الخ، مما يؤهلها لاكتساب تراث طويل وخبرات واسعة للحركة النقابية في مجالات التعبئة وحشد القوى، وكذا توفرها على وسائل وكوادر مدربة على ذلك، إضافة إلى الخبرات الهامة في المجال المطلبي، والإمكانيات البشرية التطوعية والقدرة على التأثير بالاستناد إلى قاعدة اجتماعية واسعة، هذه القاعدة الكبيرة التي تحوزها الحركات الجمعوية تدفعنا لأن نعول على مساهماتها الفعالة في حماية الملكية الفكرية من هذه الناحية، أي من ناحية التأثير بما تملكه من آليات تمكنها من ولوج أعماق المجتمع، ولعل أهم الأدوار التي تناط بها الحركات الجمعوية بهدف حماية الملكية الفكرية هو الآتي اعتماد برامج التوعية وذلك بأن تتناول بأبسط المصطلحات والتراكيب اللغوية التعريف بالملكية الفكرية بشقيها الأدبي الفني والصناعي، وتحديد القرصنة بأنواعها وكيفية التميز بين المنتج أو المصنف الأصلي أو المقلد، وتبيان مخاطر القرصنة على الفرد بكبح جماح إبداعاته وعلى الشركة والمجتمع بإهدار ثرواته وذهابها لغير مستحقيها، مع توضيح الموقف القانوني الذي يعاقب المنتهك لهذه الحقوق والتركيز على الوازع الديني والأخلاقي بالقول إن الاعتداء على الملكية الفكرية يماثل الاعتداء على الملكية المادية والتي حرم انتهاكها والمساس في القران الكريم والسنة النبوية المشرفة. نشر الوعي بضرورة حماية الملكية الفكرية وذلك من خلال القيام بحملات إعلانية منظمة ومتكاملة بالصحف والوسائط الإعلامية، المرئية والمسموعة، للتوعية بحقوق الملكية الفكرية والتحذير من النسخ المقلدة وبيان أضرارها الاقتصادية والأدبية على الفرد والدولة والمجتمع على المدى القريب والبعيد.اعتماد البرامج التكوينية من خلال تنظيم الأيام الدراسية والدورات التدريبية وحلقات النقاش والمؤتمرات والملتقيات وورش العمل، بإقحام المختصين والفاعلين في ميدان الملكية الفكرية من باحثين جامعيين وهيئات مختصة للوصول إلى انسجام بين دور كل المهتمين بالملكية الفكرية وحمايتها. المساهمة في استحداث وتعديل التشريعات المتعلقة بحماية الملكية الفكرية وذلك بتقديم مقترحات مبنية على دراسات ميدانية من عمق المجتمع تبرز أسباب لجوء الأفراد للمساس بحقوق الملكية الفكرية وكيفية ذلك واقتراح الحلول الكفيلة للحد من ذلك. إعداد وإصدار مطبوعات دورية وغير دورية ومطويات ونشر البحوث والدراسات الخاصة بمجالات حماية الملكية الفكرية وإتاحتها للعامة بلغة بسيطة سهلة. التعاون مع الجمعيات والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية ذات النشاط المماثل عن طريق تبادل المعلومات والنشرات والبحوث والزيارات وعقد الندوات والمؤتمرات المشتركة بالإضافة إلى التعاون في دورات التدريب والتكوين للمعنيين بشؤون الملكية الفكرية. إن تبني الحركات الجمعوية لهذا الدور وسعيها لتحقيق هذه الخطوات يجعل منها أداة ذات فعالية ممتازة في التأثير على المجتمع من خلال ترسيخ ثقافة احترام وحماية الملكية الفكرية، مما يبؤها مكانة هامة ضمن آليات حماية الملكية الفكرية التشريعية، الوقائية والردعية منها والتقنية مما يمكننا من تسميتها اصطلاحا آلية اجتماعية لحماية الملكية الفكرية. المراجع المعتمدة - حسام عبد القادر الملكية الفكرية ودور المجتمع المدني في الحفاظ عليها. ورقة عمل قدمت للمؤتمر العربي الأول للثقافة الرقمية. طرابلس مارس 2007 - حسن جميعي إرساء ثقافة الملكية الفكرية دور منظمات المجتمع المدني والمعاهدة الاكادمية. دراسة مقدمة لحلقة الويبو التدريبية القاهرة من 13 إلى 16 ديسمبر 2004 شرين الريس منظمات العمل الأهلية ودعم ثقافة الملكية الفكرية. ورقة عمل مقدمة لمركز الملكية الفكرية وتكنولوجيات المعلومات القاهرة أبريل 2006.