إذا لم نكن طباخين ماهرين لا يمكننا أبدا تسيير مطعم، هي فلسفة السيدة فوزية يولماز التي ارتكزت واستندت عليها لتحقيق هدفها وحلمها في فتح مطعمها الخاص بقلب العاصمة وفي حي شعبي ناضلت كثيرا لإقناع سكانه بتقبل مشروعها الذي بدا غريبا عنهم في ذلك الوقت، خاصة وأنها جاءت بتغيير من الناحية الجمالية لواجهة المحل. وخاضت فوزية يولماز في لقاء خاص استقبلت فيه ''الحوار'' في مطعمها الخاص على مستوى شارع بيشون، في تفاصيل تجربتها في عالم تسيير الولائم والمأدبات، بين مجموعة من المنافسين ذوي السمعة والشهرة في المجال. لم تكن السيدة يولماز صاحبة المطعم الذي يجمل نفس التسمية، تولي أهمية لتنبؤات الغير في فشل مشروعها في افتتاح مطعم من شاكلته على مستوى حي شعبي، وواصلت نشاطها بالرغم من كل الصعوبات التي واجهتها، بداية من تهيئة المحل والحصول على رخصة من قبل بلدية الجزائر الوسطى وصولا إلى رفض بعض سكان الحي لمشروعها ذاك. عراقيل كثيرة مرت بها إلا أنها لم تحبط يوما من عزيمتها وزادتها إرادة أكبر تضاهي الإرادة التي جعلت منها تكون أول امرأة تفتح وكالة إشهارية سنة .1995 من le gris mexicain إلى ال yulmaz حوّلت فوزية يولماز محل le gris mexicain إلى مطعم جد مميز اختص في بداية الأمر في إعداد الأكلات الشعبية التقليدية، وقالت في حديثها معنا أنها كان بإمكانها سنة 2002 لدى افتتاحها مطعمها الانسياق وراء موجة محلات الأكل الخفيف والربح السريع، غير أنني فضلت، أوضحت فوزية، أن أنتظر نتائج عملي الجاد والمتقن، فافتتاحي لهذا المطعم عبارة عن استثمار طويل المدى، عكس ما هو حال مطاعم الأكل السريع التي تعتبر موضة لا غير. تحديت كل ما وقف في طريقي من عقبات بفضل الإرادة القوية التي تحليت بها منذ طفولتي، وحتى أتمكن من إنقاذ محلي من تنبؤات بعدم صمودي طويلا في مجال يقل الإقبال عليه من قبل الجزائريين إلا القلة القليلة التي تفضل الأكل الصحي والتقليدي، وهذا ما زادني ثقة بالنفس، فما يهمني في مجال عملي هذا ليس الأرقام بقدر ما تهمني مشاعر وأحاسيس الزبائن الذين يكونون راضين على كل ما تذوقوه واستمتعوا بطعمه لدى خروجهم من المحل، فلا شيء يضاهي لدي لحظة مشاهدتي الابتسامة العريضة التي ترتسم على وجوه زبائني خاصة الأجانب منهم وهم يغادرون مستمتعين بالطعام مؤكدين أنه أفضل ما تذوقوه على الإطلاق. التسوق اليومي سرّ طعم أطباقها المميزة كان طعم الأطباق التي تذوقناها بمطعم yulmaz مميزا جدا ومختلفا عن كل الأطباق المشابهة التي تعودنا أكلها حتى في أفخم المطاعم بكبريات الفنادق، وحتى بطبخ الجدات وربات البيوت الماهرات، حاولنا معرفة السرّ والتعرف على المكوّن السحري الذي اعتمدته فوزية في إعدادها لها، لكنها أكدت أنها لم تخرج في وصفاتها عن الوصفات التقليدية الجزائرية المعروفة لدى العام والخاص، فلا يوجد سرّ وراء ذلك الطعم والرائحة الشهية التي تعبّق بها المحل الصغير، فالمحل لا تتجاوز طاقة استيعابه 30 شخصا. وفسرت فوزية سرّ نجاحها في استعمال كل ما هو طازج سواء إذا ما تعلق الأمر بالخضر أو الفواكه أو حتى اللحوم، حيث تشدد فوزية على الطهاة وعمال المطعم باستعمال الخضر الطازجة والذهاب يوميا إلى السوق، فلا يمكن لذوق الأكلات المعدة بخضر غير طازجة أن يضاهي ذوق ما هو طازج ومقتنى في يومه، كما أن القيمة الغذائية لا تكون نفسها أيضا، أوضحت فوزية. تكوينها في الهندسة لم يبعدها عن عالم الطبخ تلقت السيدة فوزية يولماز تكوينا جامعيا في هندسة الإعلام الآلي، ألا أن هذا لم يبعدها عن مجال أحبته منذ الطفولة ولا يبتعد كثيرا عن هوايتها وموهبتها في الفن التشكيلي، ففن الطبخ صار فيم بعد الهواية المهنة للسيدة يولماز عندما تغلب عليها الفن الذي ورثته وأشقائها عن والدتهم، وتفرغت منذ 2007 إلى العمل في المطعم، مبدعة فيه إلى أقصى الدرجات، فدخلت عالم جديدا ألا وهو عالم تسيير الولائم والمأدبات، وتمكنت من أن تصنع لنفسها بعد الاسم المكانة المرموقة والسمعة الطيبة لدى أهل الاختصاص، ما فتح لها سوقا واسعا في تلبية طلبات مأدبات العشاء والغذاء في المحاضرات والندوات الكبيرة، وحتى استراحات القهوة في الندوات الصحفية، متفننة بذوقها الفريد في صنع ديكورات جد جميلة، تحاول في الكثير من المرات أن تعرف من خلالها بالتقاليد والتراث الشعبي الجزائري لمختلف ربوع الوطن باستعمال أزياء تقليدية يرتديها المضيفون والمضيفات خلال إشرافهم على تقديم الوجبات.