لا يسعك إلا أن تضحك ملئ فيك وأنت ترى عودة سريعة لسفير دولة طلبت من بلاد المليون شهيد أن تعتذر عما اختلقته هذه الدويلة من سيناريو درامي ، هذه الدراما التي دوخت بها العالم العربي عقودا وعقودا، وجرأت الشباب فيها على خوض حمى المشتبهات والواضحات الفاضحات، والتي تكفي صور قليلة منها لأن تفرق الأخ عن أخيه بل إنها لكفيلة حتى بتفريق الصعايدة جملة على حد زعمهم. وإلى وقت قريب كان يظن بهؤلاء الناس أنهم الكرام وأهل لشرف الخصومة ، فإذا الحقيقة التي كنا نظن أن المتنبي قد تجنى فيها على القوم لا تبعد عن وصف واقع الحال الآن لما قال : ياأمة ضحكت من جهلها الأمم. ولما ذكر في بيت آخر: وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكا وقد كان يظن أن عقلاءها سينبعثون كابحين عواء الغلمان الذين تطاولوا على الشهداء الذين دوخوا حلف شمال الأطلسي، فإذا الأعم الأغلب قداختار أن يأكل من حلوائهم ويسكت على أهوائهم. وقد طلبوا اعتذارا ، ولا أدري على أي شيء سنعتذر، أعن سيناريو الحافلة ، وقد كان يمكن المسامحة فيه ، أم على السب الذي طال حيها وميتها، وقد كان يمكن المسامحة في حق الأحياء منهم ، أما أن يسبوا شهداء ثورة القرن، ويغمزوا شعبا في أصله فدون مسامحتهم في هذا خرط القتاد، ولمن أراد أن يؤلف في هذا ذات البين فردنا عليه كلمتان''لا نقبل المصالحة'' مع المرضى بعقدة العظمة المزيفة.