من حياته وسيرته صلى الله عليه وسلم نرى حسن أخلاقه حتى مع أعدائه، فعن عائشة رضي الله عنها :( أن يهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا السام (الموت) عليكم، فقالت عائشة رضي الله عنها : عليكم، ولعنكم الله وغضب الله عليكم، فقال صلى الله عليه وسلم : مهلا يا عائشة عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش، قالت: أولم تسمع ما قالوا؟، قال: أولم تسمعي ما قلتُ؟، رددت عليهم فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم في ) ( البخاري ). بل انظر إلى شفقته صلى الله عليه وسلم مع من آذاه.. فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:( كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء (يعني نفسه)، ضربه قومه فأدموه، فهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) ( البخاري ).. وحينما تعرض له أهل الطائف بالضرب والإيذاء، جاءه ملَك الجبال ليطبق عليهم الجبلين، فرفض النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : ( بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا )( البخاري ) . قال القاضي عياض رحمه الله: وأما الأخلاق المكتسبة من الأخلاق الحميدة، والآداب الشريفة التي اتفق جميع العقلاء على تفضيل صاحبها، وتعظيم المتصف بالخلق الواحد منها فضلا عما فوقه، وأثنى الشرع على جميعها، وأمر بها، ووعد السعادة الدائمة للمتخلق بها، ووصف بعضها بأنه جزء من أجزاء النبوة، وهي المسماة بحسن الخُلق، فجميعها قد كانت خلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .. نسأل الله الكريم ربّ العرش العظيم أن يوفقنا جميعا للتخلق بأخلاق هذا النبي الكريم، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وأن يمن علينا بالتوفيق لاقتفاء آثاره، والسير على نهجه، وأن يميتنا على سنته، ويحشرنا في زمرته، ويجعلنا من الفائزين بشفاعته .