ما حدث خلال حفل توزيع جوائز ''الأوسكار'' لم يترك هامشا للشك، بأن تسييس الفن في هوليوود، صار أداة ضاغطة يحسب لها ألف حساب، تهيمن على العقول والأفكار، ولا تسمح لأي كان باختراق عوالمها، بعدما بدا واضحا للعيان كيف تلاعبت الأكاديمية الأمريكية للعلوم والفنون السينمائية في الحفل ال 82 للأوسكار بعدة أعمال درامية قوية، لأجل منح دلال مميز واستثنائي لفيلم أريد به غاية سياسية محضة، وتكريم ضمني لمجرمي حرب يسطون بالقوة ودون شرعية على ممتلكات الغير بطريقة عدائية وإجرامية لا نظير لها، ليتحول ومع سبق الإصرار والترصد، الجاني إلى ضحية ويصير المجرم والجلاد ''ملك رحيم'' جاء ليؤنس ضحيته ويواسيها...فيفرض عليها عنوة عالما من الدمار الشامل... فيلم كاترين بيغلو الذي دخلت بفضله المخرجة عوالم الشهرة استحوذ على أرفع وأفضل جوائز ''الأوسكار'' وترشيحاته، جاء ليمجد الاستعمار الأمريكي في العراق وأفغانستان، فهو يحكي قصة مفككي الألغام العاملين في العراق، أنتج تكريما للجنود والجيش الأمريكي، سعى من منحه سلسلة الألقاب تلك، ليس ''الأوسكار'' فحسب، بل كذلك جوائز ''بافتا'' البريطانية، إلى تمجيده لأجل إقناع الجميع بأن أمريكا تعمل على ''مواصلة الجهود لتحقيق السلام''، سلام مثلما تنشده أمريكا،... كله دمار وخراب، لن يتأتى إلا بالعقاب والإجرام وتوظيف أشباه المجانين المفطورين على القتل، وابتكار سجون العار على شاكلة ''أبو غريب''...، ولكم أن تتصوروا البقية الباقية.... زخزانة الألم'' لبيغلو، أسقط ''أفاتار'' كامرون من العالي، رغم كونه آلة حصد المال الحقيقي في تاريخ الفن السابع، فلم ينل ''أفاتار'' ما كان يترجاه رغم كثرة ترشيحاته، ... ''أفاتار'' الذي عرف بالفعل كيف يسقط آلام الأمة العربية حين تسلب أموالها وخيراتها من قبل معتد هدفه ابتلاع خيراتها، ما يشبه لحد بعيد الطريقة الاستيطانية الإسرائيلية في القدس...، يحمل مضمونه أبعادا سياسية قوية، مثله في ذلك مثل ''خزانة الألم''، لكنه على خلاف ما قدمته بيغلو، وجه وبامتياز رسالة قوية لجميع محبي السيطرة في هذا العالم بأن ''كل من عليها فان''، فلماذا العناء إذا. ورغم أنني لست هنا لإقناع البعض بأن ''أفاتار'' أفضل حالا ورأفة بنا نحن العرب عن غيره، إلا أن الحق يقال، كان يستحق أفضل بكثير مما منحته أكاديمية العلوم والفنون السينمائية الأمريكية، التي حاول من ينضوي تحت لواءها وهم قرابة ال 6000 ممثل، النيل جماعيا من ''أفاتار'' الذي سلب الفنان مكانته وفتح المجال واسعا أمام تقنية ''الغرافيكس'' والأبعاد الثلاثة.