أصبحت السمة البارزة التي تميز الإدارات المتواجدة في الجزائر اليوم التماطل والعمل في نصف الدوام، وأهم عنوان هو البيروقراطية التي أدت إلى كره العديد من الأشخاص عالم الإدارة لما فيها من تضييع للوقت والتأخير في الحصول على وثائقهم الإدارية ومواجهة إداريين بلا لباقة يصرخون هنا وهناك ولا يجد المواطن من يتكلم إليه أو يشتكي، له فالكل غائب أو يرفض الاستقبال. أضحى المواطن الجزائري، اليوم، عندما يقرر إنجاز وثائق إدارية مجبرا على طلبها والقيام بها في الدوام الصباحي لعل الحظ يسعفه ولا يجد عوائق من طرف العاملين في المصالح الإدارية الذين، وللأسف، لا يكنون أدنى احترام لأوقات عملهم ولا حتى للمواطنين المتعاملين معهم. المعاملة السيئة والتماطل في إنجاز الأوراق هاجس المواطن في الإدارة كثيرة هي الشكاوى التي نسمعها من طرف أشخاص أضحت الإدارة عندهم هاجسا وكابوسا حقيقيا لما فيها من تماطل وبيروقراطية ولا تختلف إدارة عن أخرى إلا من رحم ربي، تقول فوزية في هذا الخصوص: ''عندما يستوجب علينا إخراج وثيقة من الوثائق الإدارية سواء من البلدية أو الإدارة أو المحكمة أحس وكأنني سأدخل في دوامة، ذلك أنه في كثير من الأحيان أقصد أماكن لا أعرفها جيدا وإن حدث وأن سألت إداريا أو إدارية واستفسرت عن المكان فإنني أواجه عبوسا وتأففا أو أسمع إجابة عشوائية لا تحدد لي المكان جيدا، وأسمع كلمة ''ماعلاباليش''. وللأسف فإن أغلبيتهم لا عمل لهم سوى الضحك والتسامر وتمضية الوقت حتى موعد انتهاء ساعات العمل وفي الغالب قبلها بساعة عن موعد الخروج وهكذا وكأنهم يقومون بتأدية مهامهم على أكمل وجه''. من جانبه يشير محمد إلى وضعية مصلحة الحالة المدنية التي في الغالب تشتغل فيها النساء اللواتي لا يتوقفن عن الأحاديث والضحكات التي تؤدي في الكثير من الأحيان إلى وقوع أخطاء جسيمة في نقل معلومات من الدفتر العائلي إلى الأوراق المخصصة، ما يؤدي إلى تضييع المزيد من الوقت في التصحيح، ناهيك عن استخراج شهادة السوابق العدلية والجنسية فحدث ولا حرج فأنا منذ مدة قررت استخراج شهادة الجنسية لملف عمل فتطلب مني الأمر أسبوعين ولم أستخرجها نظرا لشهادة ميلاد جدي الذي ولد في البدو بعيدا عن العاصمة ولا أملك عائلة هناك، مما يضطرني للذهاب، فلجأت لأحد المعارف حيث بعثها لي عن طريق الفاكس لأجد العاملة بالمحكمة تواجهني بالرفض رغم أنني شرحت لها الوضعية بأن جدي مولود في مكان بعيد ومتوفى في البقاع المقدسة، لكن هذا لم يشفع لي فأولا وآخرا المواطن هو من يدفع ثمن ذلك من تضييع في الوقت والجهد اللهم إذا كانت عندك وساطة فهذا شأن آخر''. حتى الطلبة الجامعيون مستاءون من الإدارة والمعاملة السيئة لا يختلف الأمر كثيرا في إدارات الجامعات فهي نفس الوضعية والمعاناة الموجودة في باقي إدارات العاصمة التي تشهد وجود عدد هائل من الإداريين والمتصرفين، فجل الجامعيين يشتكون من هذا الوضع الكارثي، ذلك أن الطلبة يواجهون صعوبات في التوقيت الذي يتعارض كثيرا ما أوقات دراستهم، فأهم ما يميز إدارات الجامعة هو الطوابير الطويلة والتزاحم مع ما يرافقها من شجارات وسب وشتم. تقول وسيلة طالبة علوم سياسية وعلاقات دولية ''العمال عندنا لا يعرفون شيئا اسمه الدوام المسائي فالكل يتوقف في منتصف النهار بالرغم من أن القانون المتعارف عليه أن نهاية الدوام هو الرابعة والنصف، لكن لا حياة لمن تنادي. فالطالب هو من يضيع مصالحه ويدخل في سباق ماراطوني لاستخراج الوثائق والشهادات الجامعية يمتد لأشهر في وقت تغيب فيه الرقابة الداخلية عن هذه الإدارات''.