شرعت دائرة الحراش على غرار 64 دائرة موزعة عبر كامل التراب الوطني في العملية النموذجية المتعلقة بتوزيع استمارات جديدة على المواطنين بهدف استخراج جوازات سفر وبطاقات تعريف بيومترية استعدادا للمرحلة القادمة التي تفرض التعامل بهذا النوع الجديد من الوثائق سواء كان ذلك على المستوى المحلي أو الدولي، في وسط هذا المد والجزر يجد المواطنون أنفسهم مجبرون على التأقلم مع معطيات جديدة والتعاطي مع وضعية غير مسبوقة للحصول على وثائقهم، بين مؤيد ومعارض للمبادرة الجدية، بين ساخط على بيروقراطية الإدارة ومتفائل بالتكنولوجيا الحديثة، الخيار البيومتري يبقى طريق لا مفر منه. استعدت دائرة الحراش في إطار تجربة نموذجية لاستقبال عدد هائل من المواطنين ابتداء من تاريخ 4 أفريل الجاري، بهدف تمكينهم من الحصول على جوازات سفر وبطاقات تعريف بيومترية، وبهدف الإطلاع عن قرب على العملية تنقل فريق »صوت الأحرار« على عين المكان، أن التقينا بموظفين ومؤطرين تم تعيينهم لضمان حسن سير العملية، كما التقينا بمواطنين وحاولنا استطلاع آرائهم حول هذه المبادرة التي تبقى جديدة النسبة لهم. وكانت أول محطة لنا بمصلحة جوازات السفر وبطاقات التعريف البيومترية الالكترونية، هناك قدم لنا القائمون على المشروع بعض التفاصيل المتعلقة بالتجربة، حيث أكدوا أن العملية التي انطلقت بداية الشهر الجاري سبقت بمرحلة تحسيسية دامت ما يقارب 15 يوم سعى الطاقم العامل بالدائرة من خلالها إلى توعية المواطنين الوافدين على الدائرة وتحسيسهم بضرورة الانتقال إلى البيومترية كحتمية تفرضها قوانين الدولة، كما يفرضها وضع دولي قائم بذاته ليست الجزائر بمعزل عنه. واستنادا لما أفادت به نفس المصادر، فإن تشغيل البيومترية سيسمح بتقديم خدمات أفضل للمواطن وترقية مستوى الأداء عبر كل الدوائر، ومن هذا المنطلق فقد تم تحديد عدد من المراحل التي يجب السير وفقها لتمكين الجميع من هذا الحق وفي أحسن الظروف. يحتوي ملف الإيداع على 12 وثيقة ابتداء من الاستمارة، مستخرج شهادة ميلاد الأب، مستخرج شهادة الأم، شهادة الجنسية الجزائرية، شهادة الإقامة يقل تاريخ إصدارها عن ثلاثة أشهر، شهادة شخصية للحالة المدنية أو شهادة عائلية بالنسبة للمتزوجين، شهادة عمل أو شهادة مدرسية بالنسبة للطلبة، أربع صور شمسية مأخوذة بالوجه مباشرة ولا تخفي مواصفاته من أسفل الدقن إلى قمة الرأس، تحمل على الظهر اسم ولقب وتاريخ ميلاد المعني وكذا توقيع الضامن. ويضم الملف كذلك قسيمة جبائية محددة ب 2 ألفين دينار جزائري بالنسبة لجواز السفر و100 دج بالنسبة لبطاقة التعريف، بالإضافة إلى رخصة أبوية أو رخصة الوصي بالنسبة للطالبين القصر أو الموضوعين تحت الوصاية، نسخة من بطاقة فصيلة الدم، وكذا جواز السفر أو بطاقة التعريف المنتهيين الصلاحية أو التصريح بالضياع أو بالسرقة في حالة التجديد. دائرة الحراش تمنح مواعيد عبر الهاتف لإيداع الملفات وبالنظر إلى العدد الهائل المتوقع استقباله في الأيام المقبلة، فقد عمدت الإدارة إلى تمكين المواطنين الراغبين في استخراج جوازات سفر أو بطاقات تعريف بيومترية من استمارات توزع على مستوى الدائرة، وبعد ملئها واستيفاء الشروط الخاصة بالملف، يتصل الشخص المعني بمصلحة الدائرة، علما أنه يحصل على رقم الهاتف مسبقا، عندها يتقرر تحديد موعد خاص بالإيداع، في وقت يفترض فيه أن يستقبل الطاقم العامل ما يقارب 30 شخص يوميا. التكنولوجيا لوحدها ستبقى عاجزة على استيعاب كل هذا العدد الهائل من الوافدين على الدائرة، ولهذا الغرض تم تجنيد عدد من الشباب وتكوينهم ، وتقرر بالفعل تعيين 18 موظف في هذا الإطار لتسهيل العملية التجريبية وتمكين المواطنين من تسوية وثائقهم في أسرع وقت ممكن وبأقل جهد. الحصول على جواز السفر البيومتري لن يكون قبل نوفمبر 2010 يتقدم الشخص المعني في الموعد المحدد باليوم والساعة -الذي يمكن تغييره أو التنازل عنه- مصحوبا بالملف كاملا غير منقوص، علما أن العمل بالبطاقات العادية قد انتهى بتاريخ 4 أفريل الجاري، حينها يستقبل المواطن من طرف أحد الأعوان على مستوى الشبابيك أين يتم فحص الملف، ومن ثم ينتقل إلى أول مكتب لمراقبة الملف، هناك يتم نسخ الصور الشمسية التي يتقدم بها المعني بالإضافة إلى نسخ شهادة الميلاد الخاصة وكذلك التوقيع، مباشرة بعدها يعود المواطن إلى قاعة الانتظار، لينتقل مرة أخرى إلى مكتب الحجز، أين يتم تسجيل كل المعطيات الخاصة به على الحاسوب، ومن ثم مكتب التصديق بهدف إعطاء الوثائق صيغتها القانونية والتأكد منها، وتعد مرحلة أخذ صورة الشخص المعني على مستوى الدائرة وأخذ بصماته من أهم المراحل، حيث أن العملية مرتبطة ببنك معلومات على مستوى وزارة الداخلية. ويتم إرسال قسيمة الشرطة الخاصة بالشخص المعني إلى مركز الشرطة في نفس يوم الإيداع، علما أن المدة المحددة من طرف وزارة الداخلية لتسليم جواز السفر هي شهر كأقل تقدير، فيما تبقى المهلة مجهولة بالنسبة لبطاقة العريف البيومترية، وبعد الحصول على قسيمة الشرطة تنقل إلى مركز حجز المعلومات بالدار البيضاء أين يصدر الجواز الالكتروني الذي يحمل شريحة تضم كل المعلومات الخاصة بالمواطن. وتؤكد الجهات المعنية أن الحصول على جواز السفر البيومتري لن يكون إلا ابتداء من شهر نوفمبر المقبل، حيث أن العملية النموذجية متواصلة من اجل إصدار جوازات سفر عادية خلال الفترة الحالية، أما بالنسبة لبطاقات التعريف البيومترية فلن يكون من الممكن تسليمها إلا بعد تاريخ جانفي 2011، حيث تسلم البطاقات العادية للمواطنين طيلة العام الجاري، فيما تعمل الدائرة وفق نظام تحضيري نموذجي خاص بالوثائق البيومترية تحضيرا للسنوات المقبلة. ومن بين ايجابيات هذه المرحلة هو أن إيداع ملف معقد يضم أكثر من 12 وثيقة يسمح من جهة باستخراج بطاقة تعريف وجواز سفر بيومتريين دون اللجوء إلى ملف ثاني، كما أنه في حال تجديد أي وثيقة من الوثيقتين لن يكون الشخص المعني مطالبا بنفس الكم الهائل من الأوراق. *الاستمارات تخيف المواطنين، ...الخمار واللحية محل إشكال خلال اللقاء الذي جمعنا بعدد من المواطنين الذي قدموا إلى دائرة الحراش بهدف الاستفسار عن كيفية الحصول على جواز سفر أو بطاقة تعريف بيومترية، عبر عديد منهم عن تذمرهم وتخوفهم من الاستمارات التي تمنح الراغبين في الحصول على هذه الوثائق التي تعبر عن بيروقراطية ، حيث عبرت سميرة وهي مواطنة وتشغل في الوقت ذاته منصب متصرف إداري عن رأيها الرافض لهذه الإجراءات وقالت إن العملية لا تعجبني ومن غير المعقول أن نجد كل هذه البيروقراطية في جزائر 2010، وبالرغم من أنها لا تردي الحجاب إلا أنها عبرت عن رفضها القطاع لان يكون هناك مساسا بالخمار أو اللحية أثناء أخذ الصورة الخاصة بالشخص المعني لأنها عبارة عن حريات شخصية تعكس ثقافة الشعب الجزائري. بدوره عبر محمد، أحد المواطنين الذين كانوا ينقلون العناصر المكونة للملف بقاعة الدائرة عن ارتياحه لمثل هذه المبادرة التي سترقى في رأيه لا محال بالجزائر نحو الأحسن، فيما قال إن الاستمارة الممنوحة للراغبين في إيداع الملفات والتي نجد واحدة منها خاصة بالبالغين والأخرى بالقصر عبارة عن بيروقراطية، وستفرض على الأشخاص غير المتعلمين أو المثقفين الذين سيستعصي عليهم ملئها اللجوء إلى بعض الأشخاص الذين سيتاجرون في الظرف وستغلون الوضع القائم لربح الموال من خلال ملئ الاستمارات للآخرين. إحدى الآنسات التي رفضت أن تفصح عن اسمها أكدت أنها ستجد نفسيها محرجة في حال إن تحتم عليها نزع الخمار من أجل التقاط صورة بيومترية لا سيما وأنها تستعد للسفر خارج الجزائر، كانت تملئ في استمارات لإيداع ملف وقالت إن ملئ هذه الاستمارات حقيقية أمر متعب وليس بالسهل. بدورهم مجموعة من الشباب اعتبروا نزع الخمار أو اللحية مساسا بالحريات الشخصية للآخرين وأنه غير منطقي، فيما قال أحدهم إننا غير مؤهلين للعملية التي تبقى غريبة على ثقافتنا وممارساتنا اليومية بالنظر إلى ما عودتنا الإدارة الجزائرية عليه وفضل البعض الآخر العودة إلى المسؤول الأول على البلاد الذي يتحمل مسؤوليته أمام الله وما على الرعية إلا إتباع ولي الأمر أو اللجوء إلى فتوى يصدرها الإمام حول الخمار واللحية. الإشكال حول الخمار واللحية يبقى مطروحا بقوة وفق ما أكدته بعض المصادر على مستوى الدائرة، لا سيما وأن هذه المفاهيم ترتبط ارتباطا وثيقا بثقافة الجزائريين، في وقت لم تتلق فيه الغدارة أي تعليمة رسمية لتحديد طرق أخذ الصورة أو طبيعة اللحية التي ستظهر على جواز السفر وبطاقة التعريف البيومتريين، والنتيجة هي أن الواقع قد يفرض اصطداما صريحا بين الإدارة والمواطن. »الضامن« ممارسة غريبة وشهادة ميلاد خاصة؟ لم يتردد احد المواطنين في إبداء استغرابه حول صفحة »الضامن« يقوم بملئ جزء خاص ويتم تصديقه في البلدية، حيث أن الشخص المعني يجد نفسه بحاجة إلى هذا الضامن والذي قد يكون صديق، أو فرد من أفراد العائلة وذلك بهدف تفادي أي تزوير أو انتحال شخصية، الممارسة تبقى غريبة بالنسبة لعديد من المواطنين لكن لا مفر منها. أما بالنسبة لشهادة الميلاد الأصلية والخاصة التي تكون مرفوقة في الملف فيتم الحصول عليها بالبلدية وهي تصدر في إطار التجارب النموذجية، حيث يودع الشخص المعني دفتره العائلي ونسخة من بطاقة التعريف الوطنية وينتظر قرابة يومين للحصول عليها، لكنها تتميز بكونها دائمة ويحتفظ بها مدى الحياة، حيث تطلع عليها المصالح الإدارية، تقوم بنسخها ثم تعيدها إلى المواطن لاستعمالها في ميادين ولأغراض أخرى. أمام هذه المعطيات يطمئن موظفو دائرة الحراش على لسان الوالي المنتدب محمد حطاب كل المواطنين بان العملية ستجرى في أجواء عادية وظروف حسنة تمكن الجميع من أن يجدوا ضالتهم دون تعسف للغدارة وخارج غضب المواطن الذي أرهقته العراقيل البيروقراطية، التجربة جديدة ولعل عمال الدائرة الذين استفادوا من تكوين على مستوى وزارة الداخلية، هم على أتم الاستعداد لخوض هذه التجربة بأيادي جزائرية 100 بالمائة.