أحاطت وزارة الثقافة عناية كبيرة بقطاع التراث المادي من الناحيتين الهيكلية والتشريعية، وقد حظيت المتاحف بحصة الأسد من إصلاحات القطاع. وحسب ما أفاد به بطروني رئيس مديرية الحفاظ على التراث الثقافي بوزارة الثقافة ل''الحوار'' فقد نص المرسوم الصادر شهر جوان 2007 على إمكانية إنشاء متاحف خاصة. هذا القانون يجرنا لطرح أسئلة عديدة فيما يتعلق بمستقبل المتاحف الخاصة وعلاقتها بالمتاحف العمومية وهل سننجح فعلا في تجسيد هذا المشروع في بلادنا في وقت تعرف العديد من البلدان الأوروبية والأمريكية وحتى العربية ارتفاعا في عدد المتاحف. متاحف حكومية بلا زوار.. حسب السيد طويل، أحد المسؤولين على مستوى متحف الباردو، فإن المتاحف الجزائرية لازالت تعاني من قلة إقبال الزوار إذا ما قارنها بالدول المجاورة. ويستند ذات المصدر في تفسيره لقلة الإقبال على المتاحف إلى بعض الإحصاءات الرسمية والتي تشير إلى أن عدد الزوار في السنة الماضية لم يتجاوز ال 90 ألف زائر، في وقت تشهد متاحف بعض الدول المجاورة استقطاب ما يزيد عن المليون زائر سنويا. ويرجع طويل هذا الضعف إلى غياب حملة توعية بأهمية التراث ويذهب محدثنا إلى أبعد من هذا حين يعتبر أن سبب التراجع في نسبة الزوار راجع إلى ما أسماه بغياب ثقافة زيارة المتاحف عند الجزائريين ''غياب الثقافة المتحفية لا يقتصر فقط على عامة الشعب بل يشمل حتى النخب المثقفة رغم ما تضمه المتاحف من مرافق ومكتبات، وهنا تطرح عدة إشكاليات حول سبب هجرة المتاحف''. خواص يمتلكون قطعا أثرية ويجهلون طريقة حفظها وترميمها ما لفت انتباهنا ونحن نبحث في موضوع إشكالية غياب الثقافة المتحفية في الجزائر تلك الفئة من هواة جمع التحف القديمة والمقتنيات التاريخية، خاصة ما يتعلق بتراث المجتمع. حيث يتوارث البعض مجموعات خاصة تعود للآباء والأجداد من ملابس وأسلحة وأدوات تقليدية بينما يتحصل البعض الآخر على آثار منهوبة من بعض المواقع الأثرية في وقت ينفق آخرون جل ما يملكون لشراء التحف التاريخية والأثرية. وهوما يؤكد تلك العلاقة القوية التي تربط المهتمين بالتراث ورغم أهمية ما يقوم به هؤلاء من حفظ لهذه المقتنيات ومنع اندثارها، إلا أنهم يعانون من مشاكل كثيرة، منها غياب الوعي لدى الكثيرين منهم حول كيفية حفظ تلك المقتنيات وترميمها وطريقة عرضها. ويقول أحد هواة جمع القطع التراثية بالعاصمة في تصريح ل''الحوار'' بأنه شرع في جمع التحف التراثية منذ ما يقارب الأربعين عاما وشارك بإمكانياته الخاصة في عديد المعارض للتعريف بالتراث، حيث تحول بيته إلى مخزن للقطع. كما اعتبر احد الهواة أن المتاحف الخاصة يمكن أن تكون حلا مناسبا بالنسبة للذين يمتلكون تحفا وآثارا ومخطوطات ويرفضون تسليمها إلى المتاحف او الجهات المختصة، ليكون مشروع المتاحف الخاصة بمثابة الحل الوسط من شأنه أن يساهم في حفظ ملكياتهم تحت مراقبة الدولة وفي شروط حفظ مناسبة مع تمكين المختصين من دراستها. تشريعات قانونية تسمح بإنشاء المتاحف الخاصة بعد صدور عدة مراسيم تنفيذية في قانون حماية التراث الثقافي رقم 98 -04 ضمن الإصلاحات القانونية التي أفرزت صدور مرسوم جوان ,2007 أصبح إنشاء المتاحف الخاصة ممكنا في الجزائر من الناحية القانونية. حيث تنص المادة السادسة من نفس القانون على إمكانية إنشاء متاحف خاصة بترخيص من وزارة الثقافة وباقتراح وموافقة وزير القطاع وتأتي التشريعات المتعلقة بالمتاحف لتستكمل القوانين الموجودة في هذا المجال ومن أبرزها: مرسوم رقم 85 277 مؤرخ في 29 صفر عام 1406 الموافق 12 نوفمبر سنة 1985 يحدد القانون الأساسي النموذجي للمتاحف الوطنية. مرسوم رقم 88-07 مؤرخ في7 جمادى الثانية العام 1408 الموافق 26 جانفي سنة 1988 يتمم المرسوم رقم 85-277 المؤرخ في 12 نوفمبر سنة 1985 الذي يحدد القانون الأساسى النموذجي للمتاحف الوطنية. قرار وزاري مشترك مؤرخ في 21 ذي الحجة عام 1422 الموافق 5 مارس سنة ,2002 يتضمن إنشاء اللجنة المكلفة باقتناء الممتلكات الثقافية. قرار مؤرخ في 14 جمادى الثانية عام 1424 الموافق 13 أوت سنة 2003 يتضمن تعيين أعضاء اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية. مرسوم تنفيذي رقم 03-311 مؤرخ في 17 رجب عام 1424 الموافق 14 سبتمبر سنة .2003 مرسوم تنفيذي رقم 03 - 322 مؤرخ في 9 شعبان عام 1424 الموافق 5 أكتوبر سنة 2003 يتضمن ممارسة الأعمال الفنية المتعلقة بالممتلكات الثقافية العقارية المحمية، بالإضافة إلى مراسيم أخرى.. المتاحف الخاصة مكمّل للمتاحف الحكومية في الدول المتقدمة تعتبر بعض الدول المتاحف الخاصة ظاهرة إيجابية تسعى إلى تنظيم أصول هواية جمع التحف الأثرية وحفظها ورصدها ومتابعتها ومساندتها والتحكم فيها، من خلال القيام بإصدار تنظيم خاص لهؤلاء الهواة المهتمين بجمع التراث والمتاحف الخاصة، يتولى حمايتهم وتقديم العون المعنوي والمادي وبث الوعي لديهم في هذا المجال المتخصص، وكذا إجراء دراسة مسحية وميدانية لهذه المتاحف في أنحاء البلاد من أجل التعرف على أسباب الاهتمام والمشكلات التي تواجه المهتمين ومتطلباتهم ورؤاهم حول هذه الهواية. كما تسعى الى العمل على رصد هذه المتاحف الخاصة وتسجيل مقتنياتها ورصدها في قاعدة متخصصة للبيانات يمكن الرجوع إليها والتعرف على القطع وأماكنها حتى يسهل تبادلها وشراؤها وإهداؤها، إضافة إلى تعزيز المتاحف الخاصة وتقويتها من خلال دعم المناسب منها في كل منطقة لتصبح متاحف مساندة للمتاحف الحكومية أو بديلاً لها في الأماكن التي لا يوجد بها متاحف.