بدأت باكستان رسميا مرحلة جديدة من مراحل العمل السياسي تنتقل بموجبه من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني، بعد يوم من توقيع الرئيس آصف علي زرداري على مرسوم يشتمل على إصلاحات دستورية تاريخية كبرى تجرده من صلاحية حل البرلمان وإقالة رئيس الوزراء. ووقع الرئيس زرداري مرسوما ينص على تعديل دستوري كبير يقضي بنقل سلطاته التنفيذية إلى رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني ويعيد النظام البرلماني الذي كان قائما قبل الانقلابين العسكريين الأخيرين، وبمقتضى هذه التعديلات، سيحتفظ رئيس الوزراء جيلاني بجميع الصلاحيات، ليصبح الرجل الأقوى في التركيبة السياسية بعد المؤسسة العسكرية، حيث يمكنه حل الجمعية الوطنية كما يمنحه الصلاحيات لتعيين المناصب الأساسية مثل رئيس هيئة أركان الجيش الذي يحظى بنفوذ كبير ويعتبر بمثابة ''الرجل القوي'' الفعلي في البلاد، وسيصبح زرداري رئيسا فخريا للباكستان، وسيكون بوسعه فقط تعيين قادة القوات المسلحة وحكام الولايات، ويعيد هذا التعديل النظام البرلماني التقليدي الذي نص عليه دستور 1973 قبل الانقلابيين العسكريين اللذين قام بهما الجنرال ضياء الحق في 1977 والجنرال برويز مشرف في ,1999 وقد أصبح كل من الجنرالين بعد ذلك رئيسا يتمتع بصلاحيات كاملة، وتم التوقيع على التعديلات الدستورية في حفل أقيم في القصر الرئاسي بحضور القيادات السياسية، من ضمنهم نواز شريف رئيس حزب الرابطة الإسلامية، وقال رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني ''إنه حدث لا سابق له في التاريخ السياسي لباكستان، أن يقوم رئيس بنقل صلاحياته طوعا في عملية لم تعترضها مشكلات''، ويلغي التعديل الدستوري أيضا بندا يمنع انتخاب رئيس وزراء لأكثر من ولايتين مما سيتيح لنواز شريف الذي يحظى بشعبية في البلاد وأقاله مشرف في 1999 أن يتولى منصب رئيس الوزراء مجددا، ورغم أن التعديل الدستوري لا يؤثر على حصانة زرداري، فقد ألغت المحكمة العليا عفوا كان يتمتع به منذ أكتوبر 2007 في قرار يمكن أن يسمح بالاعتراض على شرعية انتخابه في 2008 عندما كان يواجه اتهامات خطيرة، وشهدت باكستان أربعة انقلابات عسكرية نفذها في كل مرة رئيس هيئة الأركان وعاشت أكثر من نصف سنواتها ال63 منذ استقلالها خاضعة لسيطرة الجنرالات.