كشف تقرير أنجزته وزارة التضامن الاجتماعي حول وضعية الأسرة الجزائرية مجموعة من الحقائق مدعمة بالأرقام حول واقع المسنين في الجزائر، مع الإشارة إلى أنها المرة الأولى التي يهتم فيها إحصاء رسمي بهذه الشريحة المغيبة، على اعتبار أن الإحصاءات المتداولة في العموم تخص شريحة الشباب التي تشكل الغالبية العظمى لتركيبة المجتمع الجزائري. أشار التقرير إلى أن عدد المسنين في الجزائر يقارب الثلاثة ملايين، إذ يصل بالضبط إلى حدود 2,530,713 نسمة، من ضمنها أكثر من مليون و255 ألف رجل مقابل مليون و275 ألف امرأة الجدير بالذكر أن المقصود بالمسنين في تقرير وزارة التضامن كل من تجاوز ال 60 سنة، ومع أن هذه الشريحة ليست بالعريضة، إلا أن الواقع الذي يرسمه التقرير يركز على الواقع المتردي لها، حيث تستمر في المعاناة بين إهمال السلطات العمومية وبين تغير المفاهيم في المجتمع الجزائري واقع الشيخوخة التي وصفها التقرير بأنها رمز السلطة والنزاهة في الأسرة، يزداد خطورة بالنظر لارتفاع معدلات الحياة، حيث إن العناية الصحية المتوفرة سمحت بتجاوز معدل الحياة عتبة الثمانين السنة، في حين أن السن القانونية للتقاعد يبدأ في سن الستين بالنسبة للرجال و55 سنة بالنسبة للنساء، ما يعني أن المسن في الجزائر يقضي أكثر من عشرين سنة في الفراغ، على اعتبار غياب الهياكل التي تستوعب هذه الشريحة، ما يجعلها غير فاعلة في المجتمع، الأمر الذي يؤكد بخصوصه الدكتور بن عبد السلام فتحي، طبيب عام ''أن يشعر الفرد أنه دون أهمية وغير قادر على تأدية أي دور يساهم بشكل كبير في ظهور الأمراض، فقد بدأنا في الفترة الأخيرة نسجل ارتفاع حالات الزهايمر وغيرها من الأمراض التي تؤكد انعزال المسنين وابتعادهم عن الحياة اليومية الفاعلة''، هذا الحديث الطبي يتماشى مع تلك الأرقام التي تشير إلى غياب شريحة من جاوزوا 60 سنة عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. 2123 من نزلاء المؤسسات التي تعدت 32 مركزا عبر التراب الوطني تشير الأرقام الأخيرة التي قدمتها مديرية حماية وترقية المسنين إلى أن عدد المسنين في الجزائر البالغ قرابة 3 ملايين شخص، منهم 2123 من نزلاء المؤسسات، حيث تبين نفس الإحصاءات أن أكثر من نصف هذه الشريحة التي تحظى بالرعاية داخل مراكز متخصصة مصابة بإعاقات ذهنية، إذ تم إحصاء .644 أما فيما يخص المسنين المصابين بمختلف الإعاقات، فوصل عددهم إلى 301 شخص، وبما أن فئة الأشخاص المسنين الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة، فالأرقام بينت أن هناك 219 شخص مصاب بهذه الأمراض مثل السرطان، القلب، السكري، يقضون ما تبقى من حياتهم بمراكز الشيخوخة وفيما يخص التكفل بهذه الشريحة في المجتمع الجزائري، خاصة من الجانب الصحي، خصصت وزارة التضامن المنحة الجزافية التضامنية التي يستفيد منها الذكور والإناث، كما أنها سهّلت عملية العلاج واقتناء الأدوية? ومن بين المشاريع التي سطرتها الحكومة للتكفل بهذه الشريحة خاصة التي ليس لها مأوى، إنشاء ثمانية مراكز جديدة في طور الإنجاز في مختلف ولايات الوطن منها بسكرة، تمنراست، تبسة، الجزائر، وهران وولايات الجنوب كغرداية، إضافة إلى 32 مركزا متواجدا في مختلف مناطق الوطن من جانب آخر، وفيما يخص نشاط المجتمع المدني في التكفل بهذه الشريحة، هناك أربع جمعيات تنشط في الميدان، منها جمعيتان بولاية البليدة وغليزان وواحدة بمستغانم سن الستين هو سن العجز والتهميش في بلادنا أكد التقرير الرسمي الذي خص شريحة المسنين بالدراسة على الغياب التام لهذه الشريحة العريضة نسبيا والمهمة من الحياة الاجتماعية والاقتصادية بالبلاد، حيث إن الأرقام المذكورة تشير إلى بلوغ سن الستين في الجزائر في طريقه لأن يتحول لمرادف للعجز وعدم القدرة على تحقيق أي إنجاز يذكر، بالنظر للوضعية التي يوضع فيها كل من جاوز عقده السادس يحدث هذا في الوقت الذي تشير فيه المعطيات الصحية إلى تحسن نوعية الخدمات والتكفل المقدم، غير أن هذا التكفل الصحي لا يقابله تكفل اقتصادي اجتماعي، في إشارة إلى أن البلاد لا تستفيد من أكثر من مليونين شخص ما زال معظمهم قادرا على تأدية دور في المجتمع، غير أن غياب الأطر والهياكل التي تستوعبها بات يحكم عليها بالجمود من بين الأرقام تلك المتعلقة بمن استفادوا من مزايا الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر، حيث إن نسبة لا تتجاوز 3 من المشاريع المقترحة على الوكالة الوطنية للقروض المصغرة، ما يؤكد هامشية الفرص المهنية المتوفرة أمام هذه الشريحة من جهة أخرى، تشير الأرقام إلى أن عدد الرجال الذين تجاوزت أعمارهم العقد السادس المستمرين في العمل لا يتجاوز 223 ألف شخص من ضمن أكثر من مليون رجل جاوز الستين سنة? في حين أن عدد النساء الفاعلات في سوق العمل، قد تم تقديره بحوالي 27 ألف امرأة مع ضرورة التأكيد على غالبية المهن التي تلجأ لها المرأة بعد هذا السن، بسبب الحاجة في المقام الأول، وغالبا ما تكون مهن هشة تكرس الوضعية المتدهورة للمسنات في المجتمع الجزائري. الاكتئاب يلازم 40 بالمائة من المسنين في الجزائر تبين الأرقام الرسمية المتعلقة بالمسنين في الجزائر أن 40 بالمائة من المسنين يعانون من الاكتئاب، وهو رقم يكشف عن الوضعية السيئة التي بات يعاني منها المسنون ببلادنا، مع ضرورة الإشارة إلى أن سلسلة الأمراض المتعلقة بالشيخوخة في تزايد مستمر، بداية من داء الخرف، بالإضافة إلى مرض الزهايمر، حيث يتم تسجيل ما لا يقل عن 100 ألف حالة جديدة من مرضى الزهايمر سنويا، مردها في المقام الأول الفراغ الذي تعيش فيه هذه الشريحة ويحوّلهم إلى أجساد بلا روح.