صدر للأستاذ الطيب ولد لعروسي، مؤخرا، عن مطبوعات دار الحكمة وبالتنسيق مع وزارة الثقافة كتاب جديد بعنوان ''أعلام من الأدب الجزائر المعاصر'' يقع في 256 صفحة. تتمثل الدوافع الحقيقية وراء تأليف هذا البحث، حسب ما صرح به المؤلف لجريدة ''الحوار''، في محاولة لإثبات الذات وتقديمها بطريقة موضوعية وذلك أمام أشقائنا في المشرق العربي، والفرنسيين أو من يحذو حذو ما قدمه الأديب الجزائري في الإبداع الأدبي والشعري لتجاهله إما عن عمد أو عن جهل ''لقد اخترت هذا الموضوع بكل صدق وأمانة ورأيت أنه من الضروري إثبات الذات الجزائرية، أي إعطاء القارئ فكرة مغايرة تماما لما كان يحوم حول الشخصية الجزائرية من أحكام قاصرة أو مسبقة ومن عقم العقول الجزائرية في الإبداع، وبالتالي تصحيح اعتقادهم الخاطئ بعدم وجود أدب عربي جزائري مكتوب باللغة العربية''، وهو يسعى بذلك إلى البحث عن إيجاد ميادين التفوق أو السبق لكل منهم. يقول الأستاذ الطيب ولد العروسي في مقدمة كتابه: ''حاولت أن أدرس كل علم وأقف على أهم المراحل التاريخية والفكرية التي مر بها، واعتمد على ما كتبه وما كتب عنه قدر المستطاع، من أجل أن يكون للقارئ نظرة شاملة عن كل مبدع من هؤلاء، مشيرا إلى المصادر والكتب التي اعتمدها في متن النص، وهي طريقة أملتها عليه أمانة الكتابة، يقول ولد لعروسي. قسم المؤلف كتابه إلى فصلين، تناول في القسم الأول مجموعة من الكتاب الرواد، أولئك الذين كان لهم فضل السبق في معالجة مواضيع جديدة، إما على المستوى العربي، كما هو الحال بالنسبة لمحمد بن إبراهيم الذي ألف روايته ''حكاية العشاق في الحب والاشتياق'' 66 سنة قبل رواية زينب، ومحمد بن أبي شنب الذي تطرق إلى مواضيع مختلفة أدبية شعرية اجتماعية، وبحكم أنه كان يحسن العديد من اللغات أهله ذلك لأن يكون أول من وضع ولو بطريقة غير مباشرة اللبنة الأولى في الأدب المقارن، إضافة إلى الأديب الجزائري رضا حوحو الذي أدخل فن القصة القصيرة إلى الجزائر. كما قدم الأستاذ ولد لعروسي دراسة حول مفدي زكريا، عبد الحميد بن هدوڤة ومالك حداد. أما الفصل الثاني فخصصه للقاء الذي جمعه بالعالمين، الأول مع المرحوم رابح بلعمري الذي كان من ضمن المتأهلين إلى جائزة ''غونكور'' سنة ,1987 وكتب الشعر والقصة والحكاية الشعبية والدراسات الأدبية، أما اللقاء الثاني مع علي بن عاشور هذا الأديب الجزائري الذي كان معروفا في المشرق العربي أكثر منه في المغرب العربي، لأنه ورغم تجاوز مرحلة مهمة من دراسته الطبية، إلا أنه وجد نفسه في عمق النضال الفلسطيني، وراح يكتب في الصحافة، فكان من الأوائل الذين يرجع إليهم الفضل في ترسيخ العمل على التحقيقات الصحافية. وهنا نلاحظ أن كل مبدع، على حد تعبير الباحث، يتميز بتفوقه في مادة أو عدة مواد وكان هذا التميز، حسب المؤلف، ''قاسما مشتركا بين جميع المؤلفين وهناك قاسم مشترك ثان يجمعهم، أنهم كلهم في دار الحق''.