صدرت هذا الأسبوع معلومتان اقتصاديتان في غاية من الأهمية، لكنهما لم يثيرا أي اهتمام أو هكذا أريد لهما أن يمرا في صمت حتى لا يقف عنهما أحد. الأول جاء في إحصائيات مركز الإحصاء للجمارك ويتعلق بتراجع في انخفاض فاتورة الاستيراد في ظرف قياسي بأكثر من 2 مليار دولار، والثاني أعلنت عنه وزارة الفلاحة ويخص إطلاق الجزائر لمناقصة دولية قصد بيع مادة الشعير، وقلما حدث في السابق نظير ذلك ، مما يعني أن الجزائر تملك من الإمكانات والقدرات الكثير لتطوير الصادرات خارج المحروقات . ما يدفعنا للوقوف عند هذه المعطيات، هي ردود الفعل الداخلية التي أعقبت قرارات الحكومة المتخذة في قانون المالية التكميلي لسنة 2009 لإعادة النظر في فاتورة الاستيراد، حيث صعدت الكثير من الأصوات في الداخل والخارج من لهجتها وانتقاداتها بحجة أن الحكومة تريد '' تجويع '' الشعب الجزائري من خلال تضييقها على المستوردين الذين كانوا يدخلون للجزائر ما قيمته 40 مليار دولار من سلع تايوان، ومن '' قش بخته وفناجل مريم ''. وأقسم هؤلاء بأن الحكومة لن تنجح في مرماها لكونها حسبما قالوا تراهن على الإمكانات الوطنية والقدرات الذاتية، والتي لا يمكن بها مواجهة الاحتياجات الغذائية للجزائريين . غير أن تمكن الحكومة من اقتصاد 2 مليار دولار، وهو رقم كبير جدا كان يتسرب سنويا من خزينة الدولة لتغطية فاتورة الاستيراد، دون أن يشعر الجزائريون بوجود ندرة في السوق الوطنية لأي مادة غذائية، يكشف مدى صوابية الإجراءات المتخذة من طرف الدولة لوقف نزيف العملة الصعبة الذي كان يهرب للخارج من وراء استيراد أصناف المايونيز وأنواع '' القوفريط '' وما إلى ذلك من الكماليات . كما أن إعلان وزارة الفلاحة عن مناقصة لتصدير الفائض المحقق في إنتاج مادة الشعير ، بعدما كانت إلى وقت ليس ببعيد تستورد بآلاف الأطنان من الخارج ، لا تترك مجالا للشك في أن الجزائر بإمكانها تحقيق الاكتفاء الذاتي في ميدان إنتاج الحبوب ، وهي مادة إستراتيجية تستعملها الكثير من الدول كورقة ضغط سياسي في مفاوضاتها مع الدول المستوردة لحملها على التنازل عن جزء من سيادتها . هذه المعطيات تكشف لماذا شرعت الكلاب في النباح لما كانت قافلة الحكومة بصدد تمرير إجراءات ضبط التجارة الخارجية بإعطاء الأولوية لتشجيع المنتوج الوطني، وهو ما يعني أنه عندما يكثر الحديث بالسوء عن الجزائر في الخارج ، فمعناه ببساطة أنها في الطريق السليم والصحيح.