قدم الدكتور حاتم الغطناسي، وهو أستاذ جامعي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة بتونس، في مداخلته حول الشعر وثقافة المقاومة، نموذجين مختلفين يتعلق الأمر بشاعر الثورة الجزائرية مفدى زكريا وأبوالقاسم الشابي. وقال المتحدث إن مفدي تأثر بالشابي في بعض صوره وخطاباته ''تأثرا مباشرا'' غير أنه ظهر في شعره خافة ينتمي الى مجال المرجعيات، مشيرا إلى انه بحث في موضوع التعلق بين الشعر والمقاومة باعتبار الشعر ''خطابا فنيا تخيليا'' والمقاومة موقفا من الحياة، موقفا من الوجود والذات بين الشعر والشعار أي بين الفن والأيديولوجيا. وأكد الغنطاسي بأنه على علم بالدعوات التي تقتصر مهمة الفن في الفن وهي رؤية أيديولوجيا، ولكن ثمة مقاربة أخرى تجعل الفن لصيقا بمشاغل الإنسان من حيث الإبداع والتخييل والتصوير لهيئات شتى. وخرجت من هذه الدراسة كما - يضيف المحاضر -بأن الشابي ''كان شاعرا للإنسانية لكنه احتضن قضية شعبه''، داعيا إلى المقاومة والنظر في إرادة الحياة والوعي وفعالية الإنسانية. لكن مفدى زكريا حقق معادلة صعبة عصية هي الجمع بين الشعر فنا خطابا آسرا خطابا جميلا وبين الموقف والأيديولوجيا. مفدي زكريا بالنسبة له ''كان ينشر قضية شعب وطن ويحضنها ويتمثل أبناء وطنه في حياته الطويلة في مدحياته وفي قصائده التي مدح الكثير من زعماء المغاربة العرب لأن نزعة الثورة كانت فيه موجودة لأنه تغنى بكل مقومات الثورة بالقيم النبيلة وبثقافة الفعل لا بثقافة الإحباط والرضي .