يشكل ميثاق الأخلاقيات والآداب الجامعية الذي أعلن عن صدوره وزير التعليم العالي والبحث العلمي رشيد حراوبية أداة مرجعية لتوجيه الحياة الجامعية وأرضية تستلهم منها القوانين الضابطة للآداب والسلوكيات في إطار الحرم الجامعي. وقد اقتضت التغيرات العميقة التي طرأت على الجامعة الجزائرية ضرورة إعادة ترسيخ مبادئ عامة وإرساء قواعد تسيير من شأنها تعزيز المصداقية البيداغوجية والعلمية للجامعة، حيث ''بات لزاما على أفراد الأسرة الجامعية الاتفاق على المسعى الأخلاقي والمنهجي المؤدي إلى إقرار ممارسات جامعية مثلى، ومحاربة ما يلحقها من انحرافات''. ومن بين المبادئ الأساسية التي جاء بها هذا الميثاق --الذي استغرق إعداده ما يفوق السنة بإشراك كل الفاعلين في المحيط الجامعي-- النزاهة والإخلاص والحرية الأكاديمية والمسؤولية والكفاءة والاحترام المتبادل، بالإضافة إلى وجوب التقيد بالحقيقة العلمية والموضوعية والفكر النقدي، بحيث يجب على البحث العلمي أن يقوم على الأمانة الأكاديمية. كما تنص هذه الوثيقة التي سيشرع في العمل بها ابتداء من الموسم الجامعي المقبل على احترام الحرم الجامعي بحيث ''تساهم جميع فئات الأسرة الجامعية في إعلاء شأن الحريات الجامعية والتمنع عن المحاباة وعن تشجيع الممارسات التي قد تمس بمبادئ الجامعة وحقوقها، كما أنه يتوجب على الأسرة الجامعية تجنب كل نشاط سياسي متحزب في رحاب الفضاءات الجامعية''. وتعرض الميثاق أيضا بالتفصيل إلى حقوق والتزامات جميع الشرائح التي تضمها المنظومة الجامعية بحيث خصص الباب الأول منه لفئة الأساتذة. ففيما يتعلق بحقوق الأستاذ الباحث أكد الميثاق على ضرورة أن يستفيد من شروط عمل ملائمة مع توفير الوسائل البيداغوجية والعلمية الضرورية التي تسمح له بالتفرغ لمهامه وكذا من الوقت الكافي الذي يتيح له الاستفادة من التكوين المستمر والتجديد الدوري لمعلوماته. كما تعرض الميثاق لمسألة الراتب الذي يتعين أن يكون ''متماشيا مع الأهمية التي تكتسيها هذه الوظيفة ومع من يضطلع بها من المجتمع في إطار تكوين النخبة''. فيما يخص الالتزامات المنوطة بالأستاذ الباحث فقد حددها الميثاق في مجموعة من النقاط أهمها احترام مبادئ أخلاقيات وآداب المهنة الجامعية المذكورة مع التصرف بكفاءة ونزاهة وأمانة خلال ممارسته لمهامه وهذا خدمة للمصلحة العليا للمؤسسات الجامعية. وفي حال ما ارتكب الأستاذ الباحث خطأ مهنيا ومثوله أمام الهيئات التأديبية المخولة يمكن لهذه الأخيرة أن تقر وحسب درجة الخطأ المرتكب عقوبات قد تصل إلى تجريده من صفة الأستاذ الباحث. كما فصل الميثاق مجمل المسؤوليات الملقاة على عاتق الأستاذ الباحث والتي تشمل الجانبين البيداغوجي والعلمي وكذا العلاقة القائمة بينه وبين زملائه الأساتذة والطلبة. أما فيما يتعلق بفئة الطلبة فقد شدد الميثاق الأخلاقي للجامعة على ضرورة توفير كل الشروط الممكنة له للارتقاء في مؤسسات التعليم العالي مع لفت النظر إلى أن ''هذه الحقوق لا تأخذ دلالاتها إلا إذا رافقها التحلي بالمسؤولية التي تتجسد في عدد من الواجبات''. فبخصوص الحقوق أقر الميثاق مسألة تمكين الطالب من تأطير نوعي يستعمل الطرق البيداغوجية العصرية والمكيفة مع حقه في أن يحظى بالاحترام من قبل الأسرة الجامعية والتمتع بحرية التعبير وإبداء الرأي على أن يتم كل ذلك في إطار احترام التنظيمات التي تحكم سير المؤسسات الجامعية. كما أبرز أيضا حق الطالب في أن تسلم علاماته مرفقة بالتصحيح النموذجي مع سلم التنقيط الخاص بموضوع الامتحان، كما له الحق عند الاقتضاء في الاطلاع على وثيقة الامتحان ضمن الآجال المعقولة التي تحددها اللجان البيداغوجية وكذا اللجوء إلى الطعن في حال ما أحس بالإجحاف. كما تعرض الميثاق أيضا إلى حق الطالب في اختيار ممثليه في اللجان البيداغوجية دون قيد أو ضغط وتأسيس جمعيات طلابية على أن لا تتدخل هذه الأخيرة في التسيير الإداري للمؤسسات الجامعية. أما عن واجباته فتتمثل --حسب ذات الوثيقة-- في احترام التنظيم الساري وأعضاء الأسرة الجامعية وكذا نتائج لجان المداولات. كما يتعين على الطالب استيفاء التزاماته الإدارية تجاه مؤسسته الجامعية مع الاتصاف بالحس المدني وحسن الخلق والمحافظة على أماكن الدراسة والوسائل الموضوعة تحت تصرفه. ومن جهة أخرى يتم إعلام الطالب بشكل رسمي بالأخطاء المنسوبة إليه، حيث يعود اتخاذ الإجراءات وإقرار العقوبات المناسبة للمجلس التأديبي والتي قد تصل إلى الطرد النهائي. وبالنظر إلى الارتباط الوثيق بين الأساتذة والطلبة من جهة وموظفي الإدارة والتقنيين من جهة أخرى حدد الميثاق حقوق وواجبات هذه الفئة والمعايير التي يتوجب احترامها من طرفهم وعلى رأسها الكفاءة وحسن الأداء وعدم التحيز والتحلي بالنزاهة والحفاظ على عنصر السرية.