الشرق الأوسط الكبير بين الصهيونية العالمية و الامبريالية الأميركية كتاب جديد لمؤلفه الدكتور غازي حسين صدر مؤخراً عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق، و يتألف من أربعة أبواب وعدة فصول تعالج كيفية بروز مصطلح الشرق الأوسط على أيدي تيودور هرتزل وزعماء الحركة الصهيونية وتبني الولاياتالمتحدة الأميركية للفكرة وللمخطط الذي وضعته إسرائيل للمنطقة العربية و الإسلامية. الفصل الرابع : دور بعض الشخصيات اليهودية في سياسة الإدارة الأمريكية المعادية للعرب والمسلمين في هذا الفصل يقوم الدكتور حسين غازي بتوضيح دور بعض الشخصيات اليهودية في سياسة الإدارة الأمريكية، حيث يؤكد أنه قد انتشرت العديد من الأقاويل حول دور اليهود وجهات أمريكية يمينية عليا في أحداث 11 سبتمبر انطلاقاً من مخططاتهم، ونظراً لقدرات الموساد والمخابرات المركزية في اختراق جهات إسلامية حاربت الاتحاد السوفييتي في أفغانستان بدعم أمريكي وتمويل من بعض دول النفط العربية. وظهر بجلاء فيما بعد أن إسرائيل هي الوحيدة التي استفادت من إعلان الرئيس الأمريكي الحرب الصليبية العالمية على العرب والمسلمين، وتأتي بعدها الولاياتالمتحدة التي قررت الهيمنة على العالم وأمركته ونهب النفط العراقي. لعب ديك تشيني، نائب الرئيس، ورامسفيلد وزير الحرب ونائبه ولفوويتس، ومجلس سياسة الدفاع الذي شكله رامسفيلد في أوت 2001 للقيام بالتخطيط الاستراتيجي الأمريكي العالمي دوراً أساسياً في الحرب على العراق. وعين رامسفيلد الإسرائيلي الأمريكي ريتشارد بيرل رئيساً له. ويهيمن على المجلس المحافظون من معهد هوفر ومؤسسة التراث. وكان جميع الأعضاء اليهود فيه يضغطون من أجل شن الحرب على العراق، مما دفع بالمفكر الإسرائيلي يوري أفنيري إلى وصف إدارة بوش واليهود فيها ''بالشارونيين الصغار''. عيّن الرئيس بوش اليهودي المتطرف آليوت ابرامس، وهو واحد المتورطين في فضائح الأسلحة كونترا وايران جيت، مسؤولاً في مجلس الأمن القومي الأمريكي عن شؤون الشرق الأوسط كأخصائي في الأديان وحقوق الإنسان، وبالتالي أصبح يقرر الموقف الأمريكي من الإسلام ومن الحكومات في المنطقة للتدخل في شؤونها وممارسة الضغط والابتزاز عليها باسم حقوق الإنسان لصالح إسرائيل، أسوأ دولة إرهابية وعنصرية واستعمارية في التاريخ البشري. ويرتبط ابرامس بعلاقات قوية مع شركات ومؤسسات صناعة السلاح الإسرائيلي ومن المؤيدين لرئيس الوزراء الإسرائيلي مجرم الحرب شارون. واعتبرت بعض الأوساط الأمريكية أن تعيين هذا الصهيوني المتطرف يعني نجاح اللوبي الصهيوني في تحديد السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. ويرفض ابرامس معادلة ''الأرض مقابل السلام'' وتوجيه الانتقادات لممارسة إسرائيل الهولوكوست على الشعب الفلسطيني. ويرفض أيضاً توجيه الانتقادات لتهويد ''إسرائيل'' لمدينة القدس العربية والأماكن العربية المقدسة فيها ومحاصرة المسجد الأقصى ومنع المصلين المسلمين من الصلاة فيه، بوصفها انتهاكاً فظاً ووقحاً للحرية الدينية. ووصل تطرف ابرامس حداً انتقد فيه بعض الأصوات اليهودية لدعوتها إلى استئناف المحادثات مع السلطة الفلسطينية ووقف العنف بعد اندلاع انتفاضة الأقصى. وأعلن تأييده للاستراتيجية الإسرائيلية القائمة على تسخير القوة العسكرية وفرض الأمر الواقع الناتج عنها وتستند إلى طغيان القوى العسكرية للولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة، كما يحدث في فلسطين والعراق وابتزاز بقية الحكومات العربية. وطالب بدعم التحالف العسكري بين إسرائيل وتركيا ضد الدول العربية خصوصاً سورية ضمن محيط استراتيجي واسع يضمن بأن تكون دولة فلسطينية مستقبلية صديقة للولايات المتحدة ومصالح ''إسرائيل'' وألّف كتاباً يظهر فيه عنصريته وحذر فيه من أن اليهود في الولاياتالمتحدة يواجهون خطر الانقراض عبر الزواج المختلط مع الأديان الأخرى تماماً كموقف النازية في ألمانيا برفضها للزواج المختلط حفاظاً على نقاء العرق الآري. وبالتالي يريد هذا الصهيوني المتطرف المحافظة على ما يسمى ''بنقاء الدم اليهودي''. و هناك يؤكد صاحب الكتاب أن المراقبون السياسيون يعتبرونه في ''واشنطون'' أقذر سياسي عرفته واشنطون منذ عقود'' وأن أكثر ما يتفوق به هو نفي المجازر الجماعية وبث الأكاذيب لتغطية سفاحي الكونترا في نيكاراغوا وجرائم الإبادة وانتهاكه حقوق الإنسان التي قامت بها الحكومات الصديقة للولايات المتحدة في السلفادور وغواتيمالا، وما قامت وتقوم به إسرائيل في الأراضي الفلسطينية والعربية الأخرى المحتلة. واتهمته ''منظمة العفو الدولية'' و''هيومان رايتس ووتش'' بتغطية الجرائم المروعة التي ارتكبتها الحكومات المدعومة من الولاياتالمتحدة في السلفادور وغواتيمالا، والقوات المتمردة كمقاتلي الكونترا وجماعة اونيتا في انغولا. وأكدت صحيفة واشنطون بوست الدور الذي يلعبه ابرامس في وضع الخطوط العريضة للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط انطلاقاً من الموقف الإسرائيلي. ويقيم علاقات وثيقة بين اليهود الأمريكيين وبين المسيحيين الإنجيليين الذين يؤمنون بتدمير المسجد الأقصى وإعادة بناء هيكل سليمان المزعوم على أنقاضه وتهويد القدسوفلسطين وهيمنة إسرائيل على المنطقة، ودعم الحروب القذرة التي شنها الرئيس ريغان على دول أمريكا الوسطى وأدانه الكونغرس لشهادته الكاذبة في فضيحة الكونترا ولكن الرئيس بوش الأب عفا عنه. ويدعم الإبادة والتدمير التي يقوم بها السفاح شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي ويؤكد المقربون منه تطابق مواقفه مع مواقف شارون. وكان من أكثر المتحمسين من مساعدي بوش بشن الحرب العدوانية على العراق للإطاحة بالنظام وفتح العراق على مصراعيها لإسرائيل ولتغلغل الموساد والشركات الإسرائيلية. و يشر الدكتور أيضا إلى أنه لعب دوراً من وراء الستار في إعادة صياغة خريطة الطريق طبقاً للمذكرة التي أعدتها إيباك أي اللوبي الصهيوني. ونصح كونداليسارايس بتقليل المشاركة الدولية في جهود السلام. وترأس في عام 2001 وفداً أمريكياً زار بعض بلدان المنطقة. ووضع تقريراً للرئيس بوش حول الحريات الدينية وهاجم فيه مصر والسعودية ولم يتطرق بكلمة واحدة لتهويد إسرائيل للأماكن الإسلامية في القدس والخليل وانتهاكاتها الدائمة لأبسط الحريات الدينية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. وكان دائماً يلجأ للكذب وتكرار الكذب لتبرير السياسات والممارسات الأمريكية والإسرائيلية. ويركز على التحالف بين اليهود والمسيحيين المحافظين (الإنجيليين)، حيث ''أصبح المسيحيون الإنجيليون أكبر قوة سياسية مؤيدة لإسرائيل، وفي بعض الأحيان يساندون فكرة ''إسرائيل الكبرى'' أكثر من اليهود باعتبار ذلك مطلباً دينياً. وقام دوغلاس فايت، مساعد وزير الحرب الأمريكي والذي يعتبر سيد الحفلات والمحافل الصهيونية بتصنيف طبيعة الصراع في المنطقة واضعاً العرب في خانة ''قوى الشر المطلق'' بمواجهة إسرائيل ''قوى الخير المطلق'' والذي يعتبر ''أن خيارها الوحيد هو قتال أعدائها العرب حتّى تتم هزيمتهم لا الدخول في مفاوضات سلام معهم''. ووضع فايت خطة أمريكية لغزو أميركي للبنان لإخراج القوات السورية المتواجدة فيه بموجب اتفاقية الطائف وبطلب من الحكومة اللبنانية وتلبية لرغبة الشعب اللبناني. ''وهو على علاقة وطيدة بالمجموعة المتطرفة المسماة ''المنظمة الصهيونية لأمريكا'' التي تهاجم حتّى اليهود الذين لا يتفقون معها في الرأي''. وحث دائماً الحكومة الأمريكية على اتباع سياسة معادية للعرب. ولهذا الصهيوني مكتب محاماة ''مكتب فايت وتسل'' له فرع خارجي واحد في إسرائيل ويقوم مكتبه بتمثيل معظم المصالح الإسرائيلية. وكان يطالب الولاياتالمتحدة بتزويد إسرائيل بأحدث أنواع التكنولوجيات العسكرية وتعميق التعاون العسكري معها، ''مشيراً إلى أنها تملك عدداً من التكنولوجيات العسكرية الفريدة ينبغي للقوات الأمريكية أن تحصل عليها، كالطائرات من دون طيار وصواريخ جو أرض''. ويعمل فايت على بيع الأسلحة الإسرائيلية للقوات الأمريكية ويقول إنه ''يمثّل الصناعة الحربية الإسرائيلية''. ويقوم مكتبه بتمثيل شركات تصنيع السلاح الإسرائيلية في الولاياتالمتحدة، وحذر رئيس المعهد العربي الأمريكي ''د.جيمس زغبي'' من خطورة وجود اليهودي دوغلاس فايت في هذا المنصب الحساس (مساعد وزير الدفاع) كواضع للسياسة الدفاعية الأمريكية ومشرف على خطط وسياسات البنتاغون، رغم انحيازه الواضح لإسرائيل ضد العرب، وصلاته بحزب الليكود والحركة الصهيونية في أمريكا، واختصاص شركته القانونية في تسويق صناعات السلاح الإسرائيلية''. وأغرق فايت الصحافة الأمريكية بمقالاته المعادية للعرب والإسلام والمنتقدة بشدة كل من يسعى للمساومة على حساب قوة إسرائيل وتفوقها المعنوي على العرب ويؤكد باستمرار أن إسرائيل تجسِّد القيم الأمريكية، لذلك من الضروري أن تتحد الولاياتالمتحدة مع إسرائيل في محاربتها لقوى الظلام، العرب. ولذلك طالب بمنح إسرائيل القوة العسكرية الطاغية والدعم السياسي المطلق، كما أنه ينبغي على أمريكا برأيه ألا تضغط على حليفتها لتسليم اراض تحتلها أو المساومة على موقعها المهيمن في المنطقة. وطالب إدارة الرئيس كارتر بعدم تسليم الضفة الغربية للعرب لأن ذلك يضعف إسرائيل وبالسيادة الإسرائيلية الكاملة على كل فلسطين. وعلل فايت موقفه هذا للاعتبارات التالية: أن ليس للعرب حقوق شرعية في فلسطين. الفلسطينيون ليسوا مجموعة قومية وبالتالي لا حقوق لهم في الضفة الغربية. الأردن هي دولة الفلسطينيين. عدم ممارسة الضغط على إسرائيل لوقف بناء المستعمرات اليهودية. انتقد إدارة كارتر لمعارضتها سياسية الاستيطان الإسرائيلية. ويشير هنا الدكتور غازي إلى أن مساعد وزير الدفاع الأمريكي يعتقد ''أن الرفض العربي للصهيونية هو جوهر الصراع، وأن الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة لن يحل النزاع، بل خضوع العرب وقبولهم لإسرائيل''. وقدم فايت توصياته لإدارة الرئيس كارتر في مقال نشره عام 1979 جاء فيه: التخلي عن اعتبار يهودا والسامرة صلب الصراع العربي الإسرائيلي. الإقرار بأن رفض العرب تقبل دولة يهودية في فلسطين هو صلب المشكلة. التبرؤ من الجدل القائم حول حقوق إسرائيل في الضفة الغربية لأنه يعزز التصلب العربي ويدمر الروابط الأمريكية الإسرائيلية. تجديد دور الإدارة الأمريكية كوسيط في الصراع، لا كطرف مشارك. إبلاغ دمشق وعمان والرياض والفلسطينيين بأنهم إذا رغبوا في تغيير سياسة إسرائيل ينبغي عليهم البدء بمفاوضات معها، كما فعل السادات. واقترح على إدارة بوش الأب عام 1991 سحب شعار ''الأرض مقابل السلام'' الذي يهدف برأيه تفكيك إسرائيل على مراحل. وعارض مساعد وزير الدفاع الأمريكي حتّى اتفاقات الإذعان في أوسلو والخليل ووادي بلانتيش. واعتبر اتفاق أوسلو تنازلاً إسرائيلياً من جانب واحد، وتضخمياً لآمال الفلسطينيين، ومكافأة أمريكية لتعنتهم. ووجه رسالة مشتركة مع الصهيوني ريتشارد بيرل عام 1996 إلى نتن ياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الإصرار على حق إسرائيل في الأراضي المحتلة يرفض مقولة الأرض مقابل السلام والسعي لتعزيز طاقات إسرائيل العسكرية في مواجهة سورية والعراق. الدكتور : حسين غازي