حمّل وزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله العلماء جزءا من المسؤولية في ظاهرة الإرهاب كنتيجة حتمية لشيوع الفتاوى المهجورة، وقال في هذا الخصوص ''النفوذ العلمي الذي كان للعلماء لما انحسر خلف فراغا أغرى المتحدثين باسم الدين ممن ليسوا مؤهلين باستيراد مناهج هي أصلح للبيئات التي أفتاها علماؤها بمقتضاها، وهكذا شاعت فتاوى مهجورة الباعث إلى إحيائها هو حب التميز والصدارة، وكان من الحتمي أن تتمخض هذه الأفكار الدخيلة عن سلوك متطرف في التكفير والتفسيق وعن ظاهرة الإرهاب الذي استباح الدماء واستحل هتك الأعراض والفساد''. قدم الوزير غلام الله أحد أهم أسباب إطالة أمد الفكر المنظر للإرهاب والذي يعود إلى المعالجة السطحية للفكر التكفيري المتطرف من طرف العلماء، حيث يرى الوزير أنه كان من الحكمة بل الواجب أن ينتهجوا بالموازاة مع تبرئته للدين من الإرهاب وتركيزهم على التكفير والتفسيق وبيان العقاب الشديد الذي يلقاه المفسد أن ينتهجوا ''أسلوب الاستمالة والتأثير لإنقاذ المغرر بهم وكسبهم بعد إقناعهم بأنهم في ظلال مبين''. وقدم غلام الله إدانة صريحة لبعض العلماء خلال الكلمة الافتتاحية في ملتقى ''الأمن الفكري ودور مؤسسات المغرب العربي في إرسائه'' المنظم بسكرة أول أمس السبت، إلا أنه استدرك ذلك بقوله تصدوا لهذه الظاهرة في إشارة إلى الإرهاب والفكر التكفيري ب''إيمان وشجاعة''، ورغم إدانته الشديدة والمطلقة للإرهاب الذي قال عنه ''الفكر الديني المتطرف أثمر إرهابا وحشيا فاق التصور''، لكن الوزير غلام أشار إلى أحقية المغرر بهم والمخدوعين على العلماء في النصح والوعظ كون أن العلماء وحدهم القادرون على إعادتهم إلى رشدهم وإقناعهم بالحجة والبرهان، في إشارة واضحة من غلام الله على استمرار الدولة في سياسة المصالحة وفتح الباب في من يرغب بالعودة إلى جادة الصواب. وفي ذات الاتجاه ذكّر أن الأمن الفكري في مجتمع إسلامي يعني ''ارتباط هذا الفكر المجتهد والمبدع بالمرجعية الدينية للمجتمع''، مضيفا بأن أولى علامات اضطراب هذا الأمن الفكري تكون عندما يبتعد عن مرجعية الاعتدال وبالمقابل بروز ظاهرة التطرف الديني والفكر التكفيري الناتج عن التعصب وإلغاء الآخر والتأويل الباطل لنصوص الشريعة ولوقائع التاريخ الإسلامي ولمنهج السلف الصالح. وشدد الوزير غلام الله في توجيهاته للمجتمعين في الملتقى على ضرورة إبراز أن الفكر التكفيري الإرهابي دخيل على المجتمع الجزائري وغريب عنه وليس له أي سند في مرجعيته الدينية والثقافية والحضارية وإظهار الإرهاب أنه ''إرهاب أعمى'' متنكر لأهداف الشهداء والمجاهدين وتضحيات الجزائريين من أجل استرجاع الإقلال وإقامة دولة على مبادئ الإسلام. وأوضح في سياق متصل بأن الأمن الفكري له مفهوم شامل متعدد الأبعاد النفسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والعقيدية والسياسية، مشيرا إلى أن تعريف المصطلح الأكثر دقة يعني ''الانسجام القائم بين ما يؤمن به المجتمع وبين ما يعيشه وما يتطلع إليه''. واستطرد بالقول ''إن الأمن الفكري هو أن يحس كل فرد في المجتمع بأن منظومته الأخلاقية والقانونية والفكرية التي تنظم علاقاته بمجتمعه وبدولته هي منظومة متماسكة ومتناسقة غير مهزوزة ولا مضطربة''، مشيرا إلى أن كل ذلك يفيد بأن ''صيانة مختلف مؤسسات المجتمع من الانحراف بسبب تعدد المرجعيات هو أمر أساسي لضمان هذا الأمن الفكري''.