استحوذت الشاورما على قائمة الأكلات السريعة، واستطاعت في مدة قصيرة أن تتربع على عرشها، وأن تجلب لها الكثير من المعجبين الذين دفعهم الفضول في أول الأمر لتذوقها وانتهى بهم الأمر إلى التعلق بها، وبالبعض الآخر إلى حد الإدمان عليها والحرص على أن تكون جزءا لا يمكن الاستغناء عنه في قائمة طعامهم. دخلت الشاورما إلى الجزائر واستطاعت أن تستولي على معدة الجزائريين لذوقها المتميز والمكونات اللذيذة التي تدخل في تحضيرها من لحم وتوابل وأشياء أخرى حسب الطلب. وتعتبر الشاورما أكلة مشرقية مميزة نافست بقوة المأكولات الأخرى، وفرضت سيطرتها على العديد من الأكلات السريعة الغربية كالبيتزا والهامبورغر وغيرهما. والملاحظة التي نخرج بها في جولة بسيطة في شوارع المدن الجزائرية هي استحواذ آلات صنع ''الشاورما'' على مداخل محلات بيع الأكل السريع، فحين تدور هذه الأخيرة تأخذ معها أنظار المارة وشغفهم بهذه الأكلة والمتأخرون عن الطابور لن يجدوا نصيبهم من الشاورما. وقد بدأت ''الشاورما'' تعرف ازدهارا في الجزائر وانتشارا واسعا خاصة وأن الأكلة معروفة في المشرق، وقد ساهمت وسائل الإتصال والإطلاع على الثقافات الأخرى في الترويج لها، يقول ''نور الدين'' صاحب محل للأكل السريع بالعاصمة، إن إقبال الناس على محلات الأكل كبير جدا، وما يكثر الطلب عليه عندنا هي الشاورما ويقبل على شرائها الشباب والاطفال بصورة كبيرة لذوقها المتميز، وقد استطاعت فعلا وبدون مبالغة أن تزعزع مكانة البيتزا والهامبورغر. شاورما بجنسيات مختلفة يلحظ المتجول عبر شوارع العاصمة، ويثير انتباهه تلك العبارات المميزة على واجهات محلات بيع الأكل السريع، شاورما لبنانية وسورية وشيش كباب وغيرها، والكل يتنافس من أجل جلب أكبر عدد من الزبائن وما لاحظناه أن الشاورما السورية أو اللبنانية أو حتى الجزائرية لا تختلف إلا في التسمية أو النسب إلى بلد معين، إلا أن التسمية كانت كافية لزيادة عدد زبائن محل على الآخر، وكل بائع يروج لمنتوجه ويدعي أنه الأحسن والألذ، ويبقى الطعم وحده كفيلا بزيادة أو نقصان عدد الزبائن. والمؤكد أن لا أحد يستطيع مقاومة بطنه وعدم تلبية رغباته. وقد أخذت الشاورما نصيبها من ذلك واستطاعت كسب الرهان على حساب مأكولات أخرى. وهذا ما أكده الناس الذين استفسرناهم عن سر إقبالهم على طبق الشاورما يقول ''أمين'' أنا أحرص على إقتناء وتناول الشاورما كلما سنحت لي الفرصة، لأني لا أستطيع أن أقاوم طعمها المميز خاصة الشاورما اللبنانية التي اعتبرها أكلة مميزة بحق. أما الطفل ''مروان'' ذي العشر سنوات فقد أكدت لنا والدته أنه مغرم بطبق الشاورما ويفضله على باقي الأكلات، وأكد هو بدوره أنه لا يمكنه تناول أي أكلة ثانية خارج البيت إلا الشاورما وأحيانا يقوم بإقتنائها وتناولها داخل البيت، أو يطلب من والده شراءها. أما عمي ''السعيد'' الذي يعتبر محله بشارع ''حسيبة'' بالعاصمة مزار العديد من الشباب لتميزه بإعداد الشاورما وتفوقه بكثير على غيره من المحلات، فقد أكد زبائه أنهم مولعون بالشاورما التي يحضرها ورفض إعطاءنا سر تميزه، ورغم إلحاح الشباب الموجودين بالمحل إلا أنه رد عليهم بإبتسامة عريضة أن المهم عنده هو استمتاع الناس بالشاورما، أما سر تحضيرها فهو محفوظ في قلب وذاكرة ''عمي السعيد'' ولن يخرجه للعلن، كما قال. قصة عشق الجزائريين للشاورما بدأت منذ اللحظات الأولى لقدومها ونظرا لقربها من البيئة والمطبخ الجزائري وتشابهها خاصة عند استعمال التوابل التي لم يجدها الجزائريون في أنواع الأطعمة الغربية الأخرى. ولم يقتصر الولع بالشاورما على سكان الشمال فقط، بل امتد صداها ليغزو العمق الجزائري، كما فعلتها قبلها البيتزا وغيرها، لكن الشورما استطاعت أن تؤسس لثقافة استهلاكية جديدة، ودون الحديث عن فوائدها الصحية أو الاخطار المترتبة عنها، تبقى الشاورما تزحف بقوة وتواصل فرض سيطرتها خاصة لدى فئة الشباب المولع بالوجبات السريعة. ويرى أغلب الشباب الذين التقيناهم أن سر إقبالهم على الشاورما هو البحث عن التجديد، كما أن سعرها المقدر ب021دج ليس مبالغا فيها على الإطلاق نظرا لما تحتويه من مكونات لذيذة وطعمهما المتميز الذي يجمع اللحم والبطاطا والسلطة، وهي الأكلة التي استطاعت أن تكون كاملة في مطابخ محلات الأكل السريع بتميز. ويبدو أن ثقافة الأكل السريع استحوذت على عقول وبطون الكثير من الجزائريين، ودفعتهم إلى تقبل الجديد الذي يقتحم عالم الأكل يوميا دون البحث أو الحرص على معرفة الأضرار المترتبة عن ذلك.