وجدت "الشاورما" لنفسها مؤخرا مكانة معتبرة في غذاء الجزائريين، مثلما أصبحت الطبق الأكثر تحضيرا تقريبا في كل مطاعم ومحلات الأكل السريع بالعاصمة، فلا يكاد يخلو شارع من الشوارع من صور رقائق لحم الديك الرمي المتبلة وفوقها شرائح الطماطم والبصل، موضوعة على سلك حديدي خاص تدور حول فرن خاص أيضا طوال الفترة الصباحية، حتى تحمر وتنضج عند منتصف النهار، موعد إعلان بدء الغذاء وبيع الساندويتشات، والملاحظ أن كمية شرائح الشاورما وحجمها ووقت الطهي كذلك، تختلف باختلاف المطعم أو محل "الفاست فود"·· فاذا كان المحل يعرض الى جانب الشاورما أطباقا أخرى، فحجم الشاورما قد ينفد ساعات قليلة بعد موعد الغذاء، خاصة اذا قدمت البيتزا والكوكا ذات الأثمان البخسة مقارنة بالشوارما، أما إذا كانت أسياخ الشوارما هي الطبق الوحيد المقدم في طبق أو ساندويتش، فإنك تلاحظ لا محالة الكمية الكبيرة من شرائح اللحم تلتف حول نفسها حتى النضج، بحجم يجعلك تتساءل كيف قطعت شرائح الديك الرومي حتى بلغت ذلك القطر الكبير الذي يشبه قطر خلاطة الاسمنت الدائرية المتنقلة عبر شاحنة خاصة·· ذلك ما تبادر الى ذهني وأنا أمر بشارع حسيبة بن بوعلي يوما أمام مطعم صغير وضيق جدا لا يمكن حتى الجلوس في طاولاته لضيقه ولعدم احساسك بالراحة، ورغم ذلك يصطف حشد من المواطنين أمامه مشكلين تجمعات غير منتظمة ولكنها متوالية··· طبعا لتذوق الشاورما العملاقة، التي يقول طابخها أنه بدأ في تحضيرها بعد الفجر، ويعد الى جانبها الصلصة البيضاء بنكهة الأجبان المختلفة وصلصة الطماطم ورقائق الزيتون وشرائح الطماطم وأوراق الخس وشرائح البصل وحبات الفلفل (المرقد)، وكلها تضاف إلى الشاورما مع أصابع البطاطا المقلية، ويوضع الكل بساندويتش، بحيث يخيل لك أنك تأكل الخبز بكل تلك الخلطة وليس العكس، ولا عجب أن تسأل الطباخ عن سر النكهة، فيجيبك "سر المهنة" خوفا من أن تفكر في فتح محل لبيع شاورما مماثلة، وهو تناسى أن الشاورما قد أضحت تحضر محليا أكثر من طبق الكسكسي العريق، وبنكهات كثيرة ومختلفة وبشرائح اللحم والدجاج أيضا، إلى درجة أن سعرها قفز في ظرف وجيز من 80 دينار ليصل سقف 150 دينار بوسط العاصمة، ومرد هذا طبعا شعبية هذا الطبق المشرقي الدخيل، الذي تراجعت أمامه ساندويتشات "الفريت أوملات"· نشير أن طبق الشوارما الأصلية تحضر من لحم الدجاج بعد نزع العظام منه وتغليته بفصوص الثوم ثم تتبيله ووضعه في الثلاجة طوال الليل ليحضر في الغد، ولأن للجزائريين دائما بصماتهم الخاصة، فإن البعض يحضرها بشرائح اللحم المجمد غالبا، نظرا لتدني سعره مقارنة بالطازج، وبتوابل الأكل الجزائري المعروفة مثل الفلفل الأسود والكثير من الحار··· وفي انتظار ساندويتش جديد يستحوذ على ذوق الجزائريين، تظل صيحات الشاورما تتربع على موضة الأكل السريع حاليا·