تعيش أغلب العائلات الجزائرية هذه الأيام حالة من الطوارئ استعدادا لاستقبال الشهر الفضيل كل على طريقتها ،فشراء الأواني الجديدة احتفاءا برمضان صفة متجذرة لدى أغلب ربات البيوت .من بعض السلع التي لاغنى عنها على موائد رمضان عادة أخرى دفعت بالسيدات إلى إعمارأسواق العاصمة ،خاصة منهن اللواتي تستغلن شهر الصيام للاسترزاق أو تغيير النشاط التجاري بشكل يتوافق مع متطلبات الشهر الفضيل ووحم الصائمين .وحتى أعراس هذه السنة تأثرت بشكل أو بآخر بشهر الصيام الذي يحل علينا هذه السنة ونحن في عز الصيف. كعادتها التي دأبت عليها لاستقبال ضيف عزيز على القلوب ،تعيش العائلات الجزائرية سباقا ماراطونيا مع الزمن قبيل أيام من حلول الشهر الفضيل .حتى أن لا حديث للناس هذه الأيام سوى عن رمضان وتحضيراته ،خاصة وأن الفترة تزامنت مع العطلة المدرسية والعطل السنوية لأغلب الموظفين والعاملات .مما أتاح الفرصة لإنجاز أغلب الأعمال المنزلية من تنظيف شامل أو تهيئة أو "البريكولاج" الذي يقضي أغلب الموظفين عطلهم فيه ولا خيار لهم في ذلك، لذا تجدهم يشتكون من نفاذ عطلهم السنوية دون استغلالها في التصييف أو الراحة والاستجمام .وهذه السنة أكثر من أي سنة يقول رابح :" انقضت ثلاثة أسابيع من عطلتي السنوية دون أن أشعر في أعمال الطلاء و الدهان وإصلاح كل ما أجلته خلال سنة إلى العطلة .وهذه السنة أكثر من أي سنة أخرى لأن العطلة تزامنت مع التحضيرات لشهر رمضان الكريم ." في حين أبدت خديجة رضاها لأن عطلتها السنوية لهذا العام تزامنت مع هذه التحضيرات وهو ما يساعدها كثيرا وكما قالت أن لهذا الشهر مكانته الخاصة والكبيرة كلما قرب موعد حلوله . حيث تحتاج تحضيراته إلى التسوق والتنظيف الشامل .ناهيك عن تحضيرات الدخول المدرسي التي لا زلنا لا ندري إذا كان في رمضان أو بعده . أما العائلات التي تستعد للعمل والاسترزاق في هذا الشهر ،فقد شرعت في التحضير لمستلزمات نشاطها .وهو حال صانعات العجائن اللواتي تشهدن طلبا كبيرا خلال الشهر الكريم نظرا لخصوصية موائد رمضان التي تتطلب وجبات مختلفة وأخرى إضافية تعود عليها الصائمون على رأسها الديول والمطلوع والقطايف و مختلف الحلويات التقليدية التي عادت بقوة كالصامصة والمقروط و"أصابع العروس" وخبزة تونس" وحتى الحلويات الشامية التي وجدت لها مكانا في سهرات رمضان وبدأت تترسخ في عاداتنا الرمضانية رغم أنها مكلفة نوعا ما .ولا يقدر على ثمنها عامة الناس الذين يفضلون الزلابية البسيطة وخاصة منهم الأطفال "انقلاب ... في ديكور الشوارع " رغم الإجراءات المتخذة من طرف الحكومة والتي منعت بموجبها ممارسة أي نشاط تجاري من دون الحصول على السجل التجاري للنشاط المرغوب في مزاولته خلال شهر رمضان ،إلا أن الأمور ليست بمثل هذه السهولة التي تتصورها السلطات العمومية . فالأسواق العمومية في الشهور العادية تعيش حالة من الفوضى وسوء التنظيم وغياب الرقابة ،فما بالك بالشهر الكريم الذي يكثر فيه الباعة الموسميون من البطالين نظرا لازدياد الطلب وكثرة الاستهلاك فشهر رمضان المبارك يعتبر موسماً خصباً للعديد من المهن الموسمية التي لا تتواجد إلا في رمضان ولا يمكن أن تنتشر بتلك المساحات والزوايا الخفية والظاهرة على الشوارع الرئيسية إلا في هذا الشهر الكريم كبيع التمر ;والزلابية وقلب اللوز وبعض الأشربة كالليمون ومختلف العصائر ، بالإضافة إلى بيع الزبيب واللوز والفستق والشوكولاته المستوردة.وأنواع الفلان الذي اعتاده الصائمون في سهراتهم . مروان خريج الإعلام لكنه يعمل في بيع الحلويات الرمضانية . وقام منذ أواخر شعبان الماضي بحجز مساحة معتبرة في أحد نواصي شارع قريب من بيتهم بالعاصمة.يقول أنه يلجأ لهذا العمل منذ أن كان طالباً في الابتدائية حيث كان يساعد والده ثم شقيقه الأكبر وأضاف أنه يجد متعة كبيرة في هذا الموسم الذي ينتظره بفارغ الصبر. أهم شئ في أنشطة رمضان المناسباتية أنها تدر على ممارسيها ربحا كبيراً و أن يشترط في مزاولها أن يكون هاويا لها ويرغب في ممارستها ليكسب حب الزبائن ويضفي لها نكهة رمضانية مميزة. كما تنتشر المهن الخاصة بالنساء في رمضان وتجد إقبالا كبير في مزاولتها من قبل النساء الماكثات بالبيوت كبيع الخبز المعروف ب " المطلوع " أو القطايف , الديول وحتى الحلويات التقليدية. تقول زهية يأنها لا تجد عيبا في مساعدة والدتها على مواجهة مصاريف ومتطلبات رمضان الكثيرة خصوصا وأن لديها 9 إخوة صغار ووالدهم متوفٍ ولا يوجد لديهم دخل إلا ما يجود به عليهم الجيران الذين يعرفون حالتهم الاقتصادية وفقرهم الكبير ثم المرتب الذي تستلمه من المدرسة والذي لا يكاد يغطي 5% من متطلبات إخوانها الصغار ولهذا تقول أنا أحاول قدر الإمكان أن أساعد والدتي سواء في طهي الخبز أو في غيره وأنا دائما اقترح عليها أشياء كثيرة شريطة أن تقوم هي بالتوزيع والبيع وأنا علي عمل البيت وهكذا نواجه الحياة الصعبة والظروف المعيشية التي لم نعد نطيقها. "أغلب الأعراس أجلت إلى ما بعد رمضان " بسبب رمضان ،أجلت الكثير من العائلات الجزائرية إقامة أعراسها إلى ما بعد شهر الصيام الذي داهم قرب حلوله مشاريع الكثير من العرسان الذين فضلوا في الأخير تمضية آخر رمضان في بيوت أهاليهم وتوديع العزوبية بعد عيد الفطر لمنح أنفسهم فرصة أكبر لتحضيرات العرس دون تسرع .خاصة وأن قاعات الحفلات اكتظت الطلبات عليها قبل رمضان ولم تعد تفي بالعدد الهائل للأعراس، لأنها ستقتطع من الصيف شهرا كاملا تحظر فيه أعراس الزواج طبقا لعاداتنا الاجتماعية وتقتصر الحفلات على الختان . في حين صارعت عائلات أخرى الزمن ودخلت في سباق ماراطوني مع رمضان وأقامت أفراحها قبيل شهر الصيام نظرا لظروف كل منها ولعل أهمها هو العطل التي أوشكت على النفاذ .أوإذا تعلق الأمر بتلك العائلات التي مازالت متمسكة بالعادات والتقاليد بحيث تفضل إتمام الأعراس قبل رمضان لتمضي العروس هذا الشهر الذي له مكانته بيننا في بيت زوجها تدعيما للصلات الاجتماعية . وهكذا وجدت العائلات الجزائرية نفسها هذه السنة في سباق مع رمضان الذي تزامن مع صيف هذا العام وأحدث عدة تعديلات على العطل الصيفية هي أيضا . بحيث فضلت ربات البيوت والأسر اغتنام فرصة رمضان لأخذ عطلة الصيف والاهتمام بشؤون المطبخ وطلبات الأسرة المتزايدة خلال رمضان . وحتى بعض الرجال الذين يعانون من الكسل الرمضاني فضلوا أن يستمتعوا بالكسل في رمضان فبرمجوا عطلهم السنوية على توقيته عوض أن يقضوه في بطالة مقنعة ومدفوعة الأجر بسبب الكسل والتحايل وهو حال الكثيرين منا