طالبت اللجنة الدولية الأولمبية نهاية الأسبوع الفارط العداء الجامايكي '' أوساين بولت '' بالكف عما أسمته '' السلوكات الاستفزازية '' التي مارسها خلال الأولمبياد الجارية أطواره ببكين، وفي حال تماديه ذكرت بأنها ستلجأ إلى طائلة الردع القانوني. قد يقول القارئ ربما أصدر هذا العداء تصريحات لاذعة في حق هيئة الرئيس''جاك روغ '' ، أو استغل الحدث للترويج لقضايا تحمل طابعا سياسيا أو عرقيا أو دينيا أو تجاريا كما يظن آخر، أو ربما اعتدى على زميل له بسبب مشاحنة ما حول أحقية أحد منهما بالمكسب الأولمبي... فماهو السبب الحقيقي لهذا الزجر الأقرب إلى التهديد؟ يوم السبت الفارط، وفي نهائي سباق ال 100م الخاص بالأولمبياد، ظفر العداء '' أوساين بولت '' بالميدالية الذهبية، والأكثر من ذلك حطّم الرقم القياسي بتوقيت قدره 9 ثوان و69 جزء من المئة، وسط ذهول المتتبعين الذين فاجأهم هذا المارد الجديد، كيف لا وهو لم يكن شيئا يذكر قبيل محفل بكين. وبعد أربعة أيام من هذا الإنجاز الخرافي، كرّر العداء ذاته '' المأثرة '' وافتك ذهبية نهائي سباق ال 200م، وزاد على ذلك كيل بعير من خلال تحطيمه للرقم القياسي العالمي للسباق بتوقيت قدره 19 ثانية و30 جزءا من المئة، وسط هذيان كل متتبعي أم الرياضات وكذا الأولمبياد، حتى أن إعلامية رياضية فرنسية وصفته '' المخلوق الفضائي! '' . والآن هل عرفتم ما يقصد بالاستفزاز؟ قام العداء '' أوساين بولت '' بالاستفزاز لأنه جامايكي أسود البشرة أشعث (لا يهم أنه حليق الرأس) أغبر يدفع عند الأبواب (لو اقسم على الله لأبرّه!)، أنجز ما عجزت عنه '' الخرفان المدللة '' للرجل الأبيض، وثالثا لأنه يقوم ببعض الرقصات الإفريقية قبيل وبعد السباق، وهو ما يثير حنق الرجل الأبيض، ورابعا لأنه عقيب سباقاته ولما يستضيفه رجال الإعلام يدلي بتصريحات ممزوجة بتحد ساخر وابتسامة ماكرة تشبه تلك التي كان يصدرها '' الصحّاف ''! حينما يتهكم من جند رعاة البقر بخطابات إعلامية ستبقى خالدة في ذاكرة '' أدب الحروب '' إن صح هذا التعبير، أما طريقة تلفظ العداء الظاهرة '' أوساين '' فهي قريبة جدا من النبرة التي تميز الممثل الأمريكي الأسود والمرح '' إيدي مورفي '' خاصة في مقالبه الشهيرة تجاه الرجل الأبيض الشرس. سؤال بريء: ماذا لو كان الذي افتك الذهبيتين السابقتين وحطّم الرقمين العالميين المشار إليهما عداء أو عداءة من اسكندنافيا أو أوروبا الغربية أو أمريكا الشمالية أو أستراليا؟ الجواب عند '' جاك روغ '' وبني جلدته.