لا يزال انتشار النفايات على مساحات كبيرة من إقليم بلديات ولاية الجزائر العاصمة يرمي بضلاله على نظافة ونقاء أحياء العاصمة وكذا على الوجه المعماري والبيئي اللائق بعاصمة البلاد، ولم يعد مشكل انتشار النفايات المنزلية الصلبة يستثني واحدة من بلديات الولاية، ويمكن أن نذكر: الحراش، باش جراح، جسر قسنطينة، الجزائر الوسطى، الدارالبيضاء وغيرها من البلديات التي لم تجد حلا نهائيا لهذا الوضع. وزارة البيئة وتهيئة الإقليم من جهتها شرعت بالجزائر بحر الأسبوع المنصرم في إطلاق مشروع ''من أجل حي نظيف'' يتمثل في الجمع الانتقائي وفرز النفايات وذلك بمشاركة جمعيات جوارية تنشط في هذا المجال عبر كامل التراب الوطني بدءا بالمدن الكبرى على غرار: العاصمة، قسنطينة، وهران وغيرها، خصوصا بعدما لم تتمكن المفرغات العمومية التي تم استحداثها مؤخرا من قبل مديرة البيئة لولاية الجزائر من صد تنامي الظاهرة والتي يعود السبب الرئيسي في انتشارها لتصرفات السكان والمواطنين بالدرجة الأولى، بعدما كانت بعض الأطراف تشير بأصابع الاتهام إلى عمال مؤسسة ''ناتكوم'' التي تبين أنها تقوم بمجهوداتها اللازمة على فصول السنة. إزالة ما يفوق عن 300 مفرغة فوضوية صغيرة لم ينه المشكلة ورغم انطلاق مديرية البيئة لولاية الجزائر في إزالة أكثر من 300 مفرغة فوضوية صغيرة و 06 مفرغات كبيرة واستبدالها بمراكز للردم التقني لحماية البيئة وصحة المواطنين، حسب البرنامج المسطر من قبل مصالح ولاية الجزائر، وذلك تجسيدا للمخطط التوجيهي الخاص بجمع ونقل وإزالة النفايات المنزلية وما يشابهها وعلى رأسها مفرغة ''واد السمار'' وتعويضها بمركز الردم التقني ل''أولاد فايت''، فإن الحلول تبقى عالقة، والقضاء نهائيا على مشكل تراكم النفايات وانتشار النفايات عبر ربوع أحياء وبلديات العاصمة لا يزال يفرض نفسه وبقوة، خصوصا مع ارتفاع حرارة موسم الصيف المتسببة في تعفن النفايات وانبعاث روائحها بشدة. البعض يتوقع لمركزي تسيير النفايات ب''اسطاوالي''و''معالمة'' أن يحلا المشكل وعلى صعيد مماثل أفاد مدير البيئة في إطار تجسيد مشاريع إزالة المفرغات العشوائية أنه تم أيضا الانتهاء من إنجاز مركز لتسيير النفايات صنف (2) ببلدية سطاوالي بقدرة استيعاب تبلغ 500 ألف متر مكعب، حيث يتوفر هذا المركز الذي وضع تحت تصرف مؤسسة ''نات كوم'' على كل المقاييس المعمول بها دوليا من بينها الرقابة في المدخل ووزن كمية النفايات الواردة للمركز وحفرة الردم وأحواض تصفية عصارة النفايات ووسائل ومعدات أخرى، ويسير هذا المركز مهندسون استفادوا من تكوين من طرف خبراء مختصين في تسيير النفايات، مع الشروع شهر جانفي المنصرم في إنجاز مركز لتخزين النفايات المنزلية صنف (2) بمنطقة ''خميسي'' ببلدية ''المعالمة'' بتمويل من قبل وزارة تهيئة الإقليم والبيئة والسياحة تقدر طاقة استيعابه ب 10 مليون متر مكعب من النفايات، كما أوضح مدير البيئة أن هذا المركز الذي ستدوم مدة إنجازه 16 شهرا سيتوفر على مقاييس تقنية وعلمية واقية للبيئة، حيث سيتم استعمال تكنولوجيات حديثة به في معالجة النفايات المنزلية، وهي الحلول التي تتوقع أطراف كثيرة وعلى رأسها الجمعيات المعنية بشؤون البيئة وكذا وزارة البيئة وعدد من المسؤولين المحليين وكذا السكان أن تقضي على مشكل النفايات في العاصمة نهائيا، فضلا عن انطلاق إنجاز مركزين آخرين للنفايات المنزلية الأول بمنطقة ''الرغاية'' وتقدر طاقة استيعابه للنفايات بمليوني متر مكعب والمركز الثاني بمنطقة '' قورصو'' بولاية بومرداس بطاقة استيعاب تقدر ب 6 ملايين متر مكعب وذلك في إطار ربط التعاون ما بين الولايات. سكان باش جراح يطالبون بتوفير الوسائل والإمكانات لرفع النفايات وقد عبر عدد كبير من سكان بلدية باش جراح ورغم المجهودات التي يبذلها عمال مؤسسة ''نات كوم'' عن تذمرهم الشديد للوضع الذي يسود عددا من أحيائهم بسبب الانتشار الرهيب للنفايات ومواقع الرمي العشوائي، فبالإضافة للروائح الكريهة التي تصل إلى البيوت متسببة في اختناقات حادة بالنسبة للمرضى المصابين بالربو، ترى الفضلات ملقاة على قارعة الطريق وفي كل مكان دون أدنى اهتمام لا من طرف السكان من جهة ولا مصالح البلدية من جهة ثانية، الوضع الذي بات خطيرا على صحة وسلامة سكان العديد من أحياء البلدية خاصة وأن الحرارة تعرف ارتفاعا محسوسا هذه الأيام، ونذكر منها ''باش جراح 1 ''، ''مولود برينيس''، ''واد اوشايح'' ومجمعات سكنية أخرى. وقد طالب السكان ممن تحدثنا إليهم بضرورة دعم فرق رجال ''ناتكوم'' بالوسائل والإمكانات اللازمة لرفع النفايات والتقليل من حجم انتشارها، مؤكدين جاهزيتهم للقيام بواجبهم في رفع النفايات إن اقتضى الأمر ذلك. مصالح بلدية جسر قسنطينة تجند عمالها للقضاء على الأحراش والنفايات وقد شرعت مصالح بلدية جسر قسنطينة من جهتها في تجنيد عدد من فرق التنظيف لرفع النفايات الموزعة بأحياء البلدية ونذكر منها: حي الحياة، 520 مسكن، السمار، ومجمعات أخرى، كما لا تزال ذات الفرق تعمل على القضاء التدريجي لبعض المواقع التي غطتها الأحراش والأدغال والتي يجد الشباب راحتهم فيها لتعاطي المخدرات مما يؤثر سلبا على راحة وأمن السكان. وقد استحسن السكان مبادرة البلدية في البحث عن راحة سكانها بتنظيف الأحياء وإعادة الوجه الحسن لهذه البلدية التي لا تبعد كثيرا عن قلب العاصمة. استرجاع النفايات على أنواعها يبقى الحل الأمثل وفي خضم كل هذا يبقى لعملية استرجاع النفايات على أنواعها اليد الكبرى والحل الأنسب والأمثل في القضاء والتقليل من حجم انتشار النفايات وتوسع دائرتها على محيط وإقليم ولاية الجزائر العاصمة، وكان مدير البيئة مسعود تيباني، قد كشف سابقا لوسائل الإعلام عن قيام المصالح الولائية لولاية الجزائر العاصمة بالبحث عن فضاءات تخصص لعمليات الفرز المبدئي للنفايات القابلة للاسترجاع والرسكلة يتم تزويدها بكل الوسائل اللازمة، وموازاة مع كل الإجراءات الرامية إلى إزالة المفرغات العشوائية ذكر السيد تباني بالمتابعات القضائية في حق كل متسبب في تلوث البيئة، حيث بلغ عددها سنة 2009 وحدها 311 قضية في العدالة. المجالس الشعبية البلدية مطالبة بالمشاركة الفعالة لإنجاح ''من أجل حي نظيف'' من جهتها تعمل وزارة البيئة وتهيئة الإقليم على إنجاح مشروعها الجديد ''من أجل حي نظيف''، الذي أكد بخصوصه وزير البيئة السيد الشريف رحماني أن المشروع يندرج في إطار تجسيد برنامج التسيير المدمج للنفايات المنزلية وما شابهها الذي ترتكز محاوره الأساسية حول تعميم المخططات المديرة لتسيير النفايات المنزلية على مجموع البلديات وإنجاز مراكز ردم تقني ومحطات تحويل. وتابع يقول إن عملية ''الحي النظيف'' سيتم الشروع فيها تدريجيا على مستوى المدن الكبرى ليتم تعميمها فيما بعد من خلال استحداث مراكز لفرز النفايات لحساب المخطط الخماسي 2010-.''2014 كما أوضح الوزير أن هذه الجمعيات مدعوة إلى المساهمة بمساعدة المجالس الشعبية البلدية من أجل تحسين ظروف نظافة الأحياء من خلال ''عمليات ملموسة وتساهمية'' حول مشاريع مصغرة للجمع الانتقائي واسترجاع الأنواع القابلة للتثمين من النفايات المنزلية وما شابهها. الحركة الجمعوية أفضل شريك للمجالس الشعبية البلدية ومن أجل خلق جو من التنافسية التزم الوزير بمرافقة دائرته الوزارية ماليا وتقنيا لأفضل مشروع يتم اختياره من قبل لجنة تحكيم سيتم تنصيبها على مستوى مديريات البيئة لكل ولاية من ولايات الوطن. في ذات السياق سيتم -حسب الوزير- إعداد خارطة طريق من أجل تأطير هذه الجمعيات حتى تتمكن من أداء مهمتها على أكمل وجه مع العلم أنها ستستفيد ابتداء من شهر سبتمبر المقبل من دورة تكوينية على مستوى المركز الوطني للتكوين في المهن البيئية. هذا وقد أكد وزير البيئة أن هذه العملية تهدف إلى تعزيز العلاقة بين الإدارة والحركة الجمعوية من خلال إشراك الجمعيات في تسيير الحي، مضيفا أن ''أفضل حليف للمجالس الشعبية البلدية تبقى الحركة الجمعوية''. وخلص الوزير في الأخير إلى القول بأن نجاح هذه العملية تمر قبل كل شيء باحترام ثلاثة مبادئ، داعيا الجمعيات إلى التحلي ''بالشفافية في تسييرها من أجل نيل ثقة أولئك الذين يقومون بتمويلهم والتضامن من أجل إنشاء شبكة تبادل جوارية حتى تكون أقرب من المواطنين قدر الإمكان''.