''غريب أمر السلطات المعنية ودواوين الترقية والتسيير العقاري، إذ يفضلون ترك السكنات والأقبية شاغرة عرضة للمتسكعين والسكارى وأصحاب النفوس الدنيئة على أن يمنحوها لأشخاص معوزين أجبرتهم ظروف المعيشة الصعبة على اتخاذها مأوى لهم تحميهم رفقة أولادهم بدل افتراش الشارع والتعرض للخطر'' بعبارات كهذه تلفظت بها أفواه عائلة ''لشهب عبد الكريم'' والتي كانت تقطن بأقبية حي ''الموز 82 مسكن'' بالمحمدية بضواحي الجزائر العاصمة بعدما بلغها قرار تنفيذ عملية الطرد في حقها من طرف ديوان الترقية والتسيير العقاري للمحمدية. هذا القرار الذي اعتبرته عائلة ''لشهب عبد الكريم'' ظلما في حقها وحق أفراد عائلتها بعد مرور فترة طويلة على اتخاذها من هذا المكان مأوى لها، حيث عاشت عشر سنوات داخل أقبية غير صالحة للسكن، مهترئة تنبعث من أسقفها وجدرانها مياه قنوات الصرف الصحي ويشكو قاطنوها من الرطوبة العالية الكفيلة بجعل حياتهم تتحول إلى جحيم حقيقي ومعاناة لا تطاق. من داخل قبو كان يأوي ممارسي الرذيلة .. إلى الشارع توجهنا في حدود الساعة ال 9.00 صباحا إلى حي ''الموز 82 مسكن'' بالمحمدية للبحث عن عائلة ''لشهب '' في جو صباحي تحت أشعة الشمس المحرقة، أين وجدنا ربة العائلة غارقة في دموعها وتسرد لنا قصة حياتها منذ أن وطأت قدماها تلك الأقبية التي كانت فيما سبق مأوى للمتسكعين والفئران، ربة البيت أبدت خوفها وخشيتها من المصير المجهول الذي ينتظرها هي وعائلتها المتكونة من ستة أفراد مرمية خارج القبو الذي كانوا يقطنون به بعدما تم تشميع الباب من طرف أعوان الأمن وإخراج أثاث العائلة، دون أن يسألوا عن هذه العائلة أين ستنام، أين ستذهب بأفرادها خاصة وأن لديها بنتين في مقتبل العمر تقول ربة العائلة: ''هل أترك بناتي في الشارع لتتعلمن الرذيلة أو أقسم عائلتي بين الجيران والأحباب''. العائلة تقطن القبو منذ 2001 وتعود حيثيات القضية حسب ربة العائلة أنهم اتخذوا القبو كمسكن منذ سنة 2001 بعدما اتجهوا إلى ديوان الترقية والتسيير العقاري لإعلامهم بالوضع إلا أن الأمور تداخلت فيما بينها إلى أن سلكوا طريق العدالة وتم الحكم لصالح العائلة سنة 2007 ، حيث حكمت المحكمة بضرورة بقاء عائلة لشهب داخل القبو وتمت الهدنة بينها وبين ديوان الترقية والتسيير العقاري لحين تغيير منصب المدير الذي شن الحرب من جديد وبدأت قرارات الطرد تصل مثل دعوات الأفراح وليس بوسع العائلة إلا الطعن إلى أن تم النطق بالحكم النهائي في افريل 2010 فقامت هذه الأخير بتقديم إشكال إلى المحكمة والمطالبة بالبقاء إلى أن غاية انتهاء الموسم الدراسي حتى لا يؤثر الطرد على المشوار الدراسي لأفراد العائلة، إلا أن المعاناة الحقيقية بدأت يوم الثالث عشر من الشهر الجاري عندما تقدم كل من المحضر القضائي والقوة العمومية لإخراج العائلة من مقر سكناها، مع كل ما كان يحتويه ذلك القبو الصغير من أثاث، إلا أن عائلة لشهب عادت مع غروب الشمس من جديد إلى داخل القبو حتى لا تبيت في العراء ، الأمر الذي حرمتها منه القوة العمومية التي عادت من جديد على حدود الساعة الرابعة صباحا لإخراجها فطلبت هذه الأخيرة المتضررة انتظار الصباح والخروج من القبو فكان لها ما أرادت، وبعد أن خرجت العائلة في الصباح الباكر قامت القوة العمومية بتشميع الباب الرئيسي، حارمة بذلك الأطفال والسيدات من إعادة اقتحام البيت نهائيا. بدون تهوية وإنارة وقنوات الصرف أفضل من العراء حقيقة أخرى وقفنا عليها ونحن متواجدون هناك، حيث لم تتوقف معاناة عائلة لشهب عند حدود انعدام متطلبات وضروريات الحياة الكريمة كالتهوية والإنارة الداخلية وقنوات الصرف الصحي والمياه الصالحة للشرب وقنوات غاز المدينة، بل تعدت ذلك إلى وجود حيوانات أخرى تقاسمها المعيشة وتشترك معها في أركان البيت المحل وتعبث بأغراضها وأثاثها وطعامها كالجرذان، الفئران، الحشرات الضارة كالعنكبوت والبعوض الذي ينتشر بكثرة داخل المحلات الرثة القديمة لإنعدام التهيئة وللروائح الكريهة المنبعثة من قنوات الصرف الصحي، ولنا أن نتصور ما يمكن أن تحدثه هذه الحيوانات من عمليات تخريب وأضرار صحية بليغة في حق العائلات القاطنة هناك وفي حق ممتلكاتها كالأغطية والأفرشة، المواد الاستهلاكية، حيث تأتي على الأخضر واليابس ولا تدع شيئا حتى تحدث فيه خرابا ودمارا، الوضع الذي استاءت له العائلة، حيث أكدت أنها تقوم بعمليات تنظيف بشكل يومي غير أن ذلك لم يشفع لها لدى هذه الحيوانات المخربة، لا سيما وأن الرطوبة عالية وتزداد حدتها يوما بعد يوم، مما أدى إلى إصابة أفراد العائلة بأمراض الحساسية والأمراض الصدرية والتنفسية كالربو.. الخ، غير أن لسان حال العائلة: '' قبو بدون ماء، ولا غاز، ولا تهوية أفضل من لا شيء والعراء''. التهميش يطالهم .. لم يستفيدوا من أية عملية ترحيل عائلة لشهب عبد الكريم أن الإهمال يطالهم، حيث لم يستفيدوا من أي مشروع خاص بالسكنات الجديدة التي تبنى هنا وهناك رغم أنها الأولى بتلك السكنات وهي التي هربت من جحيم الإيجار الذي أنهك جيوب رب العائلة، وأثقل كاهله ليجدوا أنفسهم يخوضون في مصاريف القضاء التي قللت من ميزانياتهم تقول ربة العائلة ''بعدما صرفنا مصاريف الإيجار بتنا نتخبط في مصاريف القضاء''، ليجدوا أنفسهم في دائرة التهميش والإقصاء الممارس ضدهم من قبل السلطات المعنية، وحملوا مسؤولية ذلك لمصالح بلدية المحمدية، هذه الأخيرة التي تعلم بوجودها إلا أنها لم تكلف نفسها عناء التنقل إلى مقابلتهم من أجل الرد على وضعيتهم وملفاتهم التي باتت مثل الأرشيف بغية تمكينهم من الاستفادة من سكنات لائقة في إطار برنامج رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. الأسوأ.. ديوان الترقية للمحمدية يهددهم بالطرد وإخلاء المكان هذا الأخير الذي أقدم بحر الأسبوع الفارط رفقة القوات الخاصة، على طرد عائلة لشهب عبد الكريم لاسترجاع ذلك الوعاء العقاري، غير أن هذه الأخيرة بعد أن رفضت الانصياع لأوامره والخروج من منزلها كانت لها السلطات المحلية بالمرصاد أين وجدت نفسها بالشارع الكفيل بتحويل حياتهم إلى جحيم أكثر مما هي عليه اليوم، وبالأخص أطفالهم الذي يجدون أنفسهم مجبرين على مواجهة مستقبل مجهول يشوبه الكثير من المخاطر. العائلات تستنجد بالسلطات قبل تنفيذ الطرد قصدت عائلة لشهب عبد الكريم القاطنة ب حي'' الموز 82 مسكن'' المحمدية (الجزائر العاصمة) وكيل الجمهورية الذي طلب منا الرضوخ لأمر والحضور يوم 22 سبتمبر من السنة الجارية بعد تجاهلها من قبل سلطات بلدية المحمدية، حيث فضلت رفع صوتها من خلال منبرنا الإعلامي ''الحوار'' بعد حدوث الكارثة التي لم تكن متوقعة، خاصة وأنها قطنت بالقبو لمدة عشر سنوات في انتظار طرد بقية العائلات التي باتت مهددة بالطرد لمدة لا تقل عن شهر. عائلة لشهب تناشد السلطات المعنية رغم أن كل الأبواب أغلقت في وجهها، إلا أن ربة عائلة لشهب لا تزال ولحد الساعة تطالب بحقها بسكن خاصة وأنها قد أودعت آلاف الملفات لدى البلدية، مضيفة أنها ابنة العاصمة عن الأب والجد وليست غريبة عن العاصمة ومن حقها الحصول على سكن مثل الغرباء الذين جاءوا من هنا وهناك وحصلوا على بيوت لائقة دون أن يتعبوا في ذلك. راضية. ب