مرة أخرى تبرهن السياسة الإسرائيلية عنجهيتها وصلفها اللامحدود، كما أنها ليست المرة الأولى التي تخرق فيها القوانين والأعراف والاتفاقيات الدولية، ولكن لحد الآن بقت بمعزل عن المحاسبة والمسؤولية وشجعها الموقف الدولي الضعيف تجاهها إلى ارتكاب المزيد من الجرائم التي ترتقي إلى مرتبة جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب.. فلقد كشف الكيان الصهيوني مطلع هذا الأسبوع عن رفضه للتعامل مع لجنة حقوق الإنسان التي عينتها الأممالمتحدة لبحث تفاصيل مجزرة أسطول الحرية، سياسة الهروب إلى الأمام التي تنتهجها الدولة العبرية صارت واقعا مفروضا على المجتمع الدولي لكونها ''دولة'' فوق القانون مدعومة بحلف وثيق يتغنى يوميا بدعمها المطلق، رغم أن الحاضر ووقائع التاريخ تؤكد بأنه كيان غاصب ومحتل يضرب بقرارات الشرعية الدولية عرض الحائط، وهو من يرتكب الجرائم والمجازر دون رادع أو عقاب، وهو أيضا من يحقق بها.. فأراد لنفسه دون مراعاة الآخرين أن يكون قاضيا وحكما بينما الحقيقة تثبت أنه الجلاد وليس الضحية.. تجربة تقرير غولدستون ما زالت ماثلة أمامها في عدوانها على غزة، وقبل ذلك محكمة لاهاي التي حكمت بهدم جدار الفصل العنصري الذي تقيمه إسرائيل ومازالت، لتقطع به أوصال الضفة الغربية، وتفصل عرى عائلات بأكملها، وقبل ذلك ما أسفرت عنه لجنة التحقيق في جنين، وقبلها الكثير من لجان التحقيق في عشرات الجرائم والمجازر الإسرائيلية، الأمر الذي يجعل كل المؤسسات الدولية من وجهة نظر عبرية متحاملة على ''واحة الديمقراطية'' في المنطقة. وهذا ما دفع بأكبر مسؤوليها إلى التصريح بأن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة منحاز ومتحامل ضد إسرائيل وأن التعاون مع هذا المجلس سيمنحه شرعية العمل بثبات ضدها، وعلى هذا الأساس قررت إسرائيل عدم العمل مع أية لجنة تحقيق تطال جنودها الذين نفذوا المجزرة ضد متضامنين آمنين من أصقاع الأرض، أتوا ليكسروا حصارا ظالما على أطفال ونساء وشيوخ ومرضى، محمولين على سفن مجردة من أي سلاح إلا سلاح الإنسانية. صدقت إسرائيل هذه المرة وهي التي اعتادت الكذب حين قالت إن كل المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة عدوة لها باستثناء مجلس الأمن وقراراته التي تؤخذ في ظل الفيتو الأمريكي، فهذا شيء طبيعي، لأن تكوين إسرائيل في الأساس هو غير الطبيعي وغير الإنساني. نقول إذا مرت هذه الجريمة كما مرت جرائم إسرائيل الأخرى ولم يتحرك المجتمع الدولي كما ينبغي وبصورة تشعر معها إسرائيل أنها على وشك العزلة وأنها قد تصبح دولة منبوذة، يباح للكيان الصهيوني التشدق بأنه فوق القانون ...