يستمر العدوان الإسرائيلي ضد غزة بوحشية لأسبوعه الثاني بلا انقطاع غير عابئ بالنداءات الدولية والتظاهرات المنددة المطالبة بوقف حرب الإبادة الأخرى المرتكبة من قبل الدولة العبرية. وهي حرب تضاف إلى المجازر المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني الذي يرفض الاستسلام على تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة عاصمتها القدس الشريف. وتحمل المجازر الإسرائيلية التي ترتكب بضراوة وتمس بالأعراف والقوانين الدولية أبشع الصور وأكثرها مروعة وفضيعة دون ملاحقة ومتابعة من المحاكم الدولية. والأمثلة تقدمها مجازر دير ياسين، صابرا وشاتيلا، والحرم الإبراهيمي، وقانا ، وغزة في هذا الظرف. والغريب أن العدو الإسرائيلي الذي ينفذ الجرائم بلا انقطاع لم يبال بدعوات المنظمات الحقوقية وممثلي المجتمع المدني والتنظيمات السياسية الملحة بمحاكمة الدولة العبرية المسؤولة الأولى والأخيرة عن جرائم الحرب ضد الشعب الأعزل في غزة الجريحة الصامدة التي قررت رفع السلاح في وجه المحتل الذي لا يعترف بغير القوة اسلوبا وخيارا في استرجاع الأرض المغتصبة والوطن المسلوب والحرية المفقودة. وتعد هذه المسالة، قناعة مرسخة في ذهن المقاومة الفلسطينية بغزة التي أدركت حقيقة الأشياء وقدسيتها. وتبين لها بالملموس أن العدو المحتل الذي أدار ظهره للاتفاقات المبرمة تمهيدا للسلام المنشود،لا يريد الالتزام قيد أنملة بما تقرر وتوصلت إليه المفاوضات في انتظار تسوية كبريات الملفات حول مستقبل الدولة الفلسطينية وطبيعتها وحدودها المرسومة، وحق العودة للاجئين تطبيقا للقرار الاممي ,149 والقدس. وهي ملفات لم يفرط فيها أب الثورة الفلسطينية وقائدها التاريخي أبو عمار. وظل يتمسك بها رغم الضغط المركز. وتصب هذه الملفات في مسالة جوهرية واحدة عدم التخلي عن الحق الفلسطيني، والتفريط في عودة اللاجئين ورفض التوطين التي تناور إسرائيل وتسعى جاهدة لاستبداله بالتوطين لإبقاء الفلسطينيين المقيمين بالدول العربية في مواقعهم ومكانهم. ويساعد النهج الإسرائيلي هذا الذي يدوس على المقدسات والثوابت، تأييد الدول صاحبة الحل والربط ومنها تحديدا الولاياتالمتحدة التي صرح رئيسها جورج بوش في بداية العدوان الاسرائلي الذي حضر له كما ينبغي ومهدت أرضيته كما يجب، بشرعية العدو المحتل في هذه العملية. وكرر ما ردد خطا بان العوان صنعته صواريخ حماس ضد الدولة العبرية التي لا تتوقف. ونسي بوش الذي تجاوب معه هذا الطرح الكثير من القادة الغربيين منهم ساركوزي ، التصعيد الإسرائيلي الدائم والمجازر المنفذة بوحشية وتباهي الآلة الحربية العبرية، والحصار الطويل لشعب اعزل بغزة الذي واجه الجنون والهمجية لقوى الاحتلال فاقت حدود النازية والفاشية ولا احد يحرك ساكنا. وشجع العدوان الإسرائيلي الذي يوظف آخر تكنولوجيات الحرب في الجريمة ضد غزة المحيط الإقليمي الذي يعد حبلى بالتناقضات والانقسامات والاختلاف الجوهري حول هدف واحد وحيد يربك العدو الإسرائيلي ويعيده إلى موقعه ومكانه دون الإقدام على المغامرة التي تضع المنطقة كلها على شفرة حفرة من الاضطرابات وتولد فيها روح المواجهة والمقاومة بدل السقوط الحر في المشروع الاستسلامي . وساعد العدوان الإسرائيلي تشتت الصف الفلسطيني وغياب الحوار الوطني الذي ينطلق منه العمل السياسي حامل الرؤية الإستراتيجية حامية القضية المقدسة. وهو الوضع الذي تسللت منه إسرائيل وتمادت في ارتكاب الجرائم المرعبة الأكثر وحشية في التاريخ الإنساني تطبيقا لسياسة فرق تسد. ------------------------------------------------------------------------