الجرائم غير المسبوقة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة تحت سمع وبصر العالم العربي والعالم اجمع لا يمكن وصفها إلا بالإبادة الجماعية عندما تطال البشر والحجر وتحدث هذا الكم الهائل من الموت والدمار في زمن قياسي , ولا يمكن وصف الموقف العربي الحائر بين الإذعان والتواطؤ والتستر عليها سوى انه مخجل وعار على جبين أولئك المفترض أنهم قادة لخير امة أخرجت للناس . وعار على جبين المجتمع الدولي العاجز عن وقف المجازر وإدانة السفاحين في إسرائيل ومحاسبتهم وتقديمهم للجنائية الدولية كمجرمي حرب. جرائم إسرائيل البشعة هذه ضد الشعب الفلسطيني الأعزل هي جرائم ضد الإنسانية والمجتمع الدولي وهي خرق لكل القوانين والأعراف الدولية , فما يحدث في غزة هو جريمة حرب خططت لها إسرائيل منذ وقت طويل بهدف قتل الشعب الفلسطيني وإرادته بعد سنوات من الحصار والتجويع والعقاب الجماعي . لم يعد السكوت ممكنا ولم يعد هناك متسعا من الوقت للمهازل والإدانة والشجب ، فقد دفع الشعب الفلسطيني غاليا ثمن هذه السياسات وقد آن لها أن تتغير , فهي لم تردع إسرائيل بل استغلتها لتنفيذ المزيد من الجرائم . إن ما يجري في غزة اليوم من مجازر يستدعي من العرب وقفة تأمل في أسباب عجزهم وذلهم وإذلالهم وما وصلت إليه أحوالهم من هوان وهم القادرون . وعليهم الشروع بعمل جماعي حقيقي ليس من بينه الحرب ضد إسرائيل بالطبع فيكفينا هزائم , وإنما العمل على إنقاذ مليون ونصف المليون فلسطيني يواجهون الموت الجماعي والحصار والدمار , وإصلاح ذات البين وهذا اضعف الإيمان . لقد تخلف القادة العرب كثيرا عن نبض الشارع الذي تحرك من اجل إنقاذ الفلسطينيين وتخلفوا أكثر عن تجاوز خلافاتهم بعمل مشترك يحفظ كرامتهم , وسواء عقدت القمة العربية أو لم تعقد فالمطلوب قرارات عاجلة وحاسمة لإنقاذ غزة من الإبادة الجماعية سيما وان قادة إسرائيل يقولون أن ما يحدث من مجازر هو مجرد البداية ، فالقادة العرب وفي مقدمتهم قادة فلسطين أمام امتحان حقيقي ومحك وليس أمامهم لإعادة الاعتبار لآمتهم ولأنفسهم سوى مواجهة التحديات . فالوقت ليس وقت الإغراق في الخلافات الجانبية ولا التشفي ولا المهاترات . من المؤكد أن الموقف بالأراضي الفلسطينية سواء كانت غزة أو الضفة خطير وحساس ولا يتحمل المماطلة والتسويف , فكل تأخير أو تأجيل لعمل عربي مشترك يعني منح إسرائيل المجال لتدمير قطاع غزة بالكامل وتحويله إلى أشلاء ومن ثم الانتقال إلى الضفة الغربية ، وان التأخير يعني أن العرب ساهموا بوعي فيما يجري في القطاع ومكنوا إسرائيل من تنفيذ المزيد من الجرائم التي خططت لها منذ وقت طويل بهدف واحد وهو تحطيم الشعب الفلسطيني واستغلت انشغال العرب والفلسطينيين بخلافاتهم الداخلية وبدأت تسعى لفرض سياسة الأمر الواقع على الجميع . ليس هناك بديل أمام الجميع لمواجهة هذه الكارثة التي أدخلتهم فيها مواقفهم المخزية من إسرائيل هذه المرة، إلا موقف عربي جماعي جاد ومسؤول خاصة وان مجلس الأمن الدولي قد فشل في اتخاذ قرار يلزم إسرائيل بوقف هذه المجازر وان ذلك يعني منحها المبرر للقيام بمزيد من العمليات الانتقامية وان أي تراخ عربي يعني إبادة شعب غزة بأكمله باعتبار أن إسرائيل لا تهمها الإدانات العربية والدولية لأن هناك واشنطن التي تحميها وتبرر لها جرائمها كما هي العادة . كما إن فشل المجتمع الدولي ومجلس الأمن في اتخاذ قرار دولي لإنقاذ غزة من الإبادة يعني أن القادم أسوأ , خاصة وان الدولة العبرية قد حشدت المزيد من الجنود عند الحدود مع غزة تمهيدا لاجتياحها برا بعدما دمرت كل المؤسسات الأمنية والسياسية والاقتصادية في غزة , وعليه فإن القادة العرب مطالبون بالاستجابة السريعة لنبض الشارع العربي الذي تحرك من أجل إنقاذ الفلسطينيين وان ذلك لن يتحقق إلا من خلال موقف عربي مشرف وقرارات مصيرية ، فالوقت ليس وقت تصفية خلافات أو حسابات خاصة باعتبار أن الجميع أمام امتحان عسير ولا خيارات , ففشلهم يعني انتصار لإسرائيل وهزيمة للعرب ------------------------------------------------------------------------