نفى الأستاذ عبد الرحمن مزيان، في هذا اللقاء الذي جمعه بجريدة ''الحوار''، أن يكون لموسيقى الديوان علاقته بالسحر والشعوذة كما يزعم البعض . هذا ويتوقف مزيان، عبر هذا اللقاء، عند الأهمية الاجتماعية لهذا النوع من الموسيقى وأمور أخرى تكتشفونها في ثنايا الحوار يفسر عامة الناس دائما موسيقى الديوان والطقوس المصاحبة لها على أنها سحر وشعوذة . لماذا برأيك ؟ هذا غير صحيح لان غير المختص في الديوان يعتقد أن الذي يدخل في الحضرة هو مصاب بالجن أو به مس، ولهذا يذهب هؤلاء الى هذا الاعتقاد، ولكن الواقع غير ذلك اذا ما عرفنا أن موسيقى الديوان روحية تتطلب تركيزا. وهناك مجموعة من المؤثرات الخارجية أساسها الاستعداد النفسي لراقص الديوان ونوعية البخور المستعملة والبرج الذي يرقص عليه فيدخل الراقص شيئا فشيئا في حالة من اللاوعى مثله في ذلك مثل الصوفي، ولهذا نجد ارتباطا كبيرا بين الصوفية والديوان. وهنا اشير الى انه لما خضعت الظاهرة الصوفية للدراسة العلمية توصل الباحثون الى انها آلات نفسية خاصة روحية، ولم يقولوا عنها انها شعوذة او خرافة، وهذا ما نحاول ان نصل اليه من خلال الديوان حتى يفهم الجميع سواء المتفرج او لاعب موسيقى الديوان. بصفتك متخصصا في موسيقى الديوان، كيف ترد على أولئك المختصين في هذا النوع الموسيقي الذين يعتقدون أن الديوان يفقد خصوصيته في حال خضع للتحليل والدراسة ؟ لا توجد اكثر من النفس الانسانية التي افردها علم النفس، الفرق بين لاعب الديوان والباحث شاسع جدا لان هذا الاخير يعتقد ان الدراسة تسلبه سر الديوان لكن الباحث يرى غير ذلك، حيث يحاول دراسة الديوان وفق المنهج الذي يراه اهل الاختصاص، لذلك فهناك من الباحثين من اعتمد على المنهج التاريخي لتقفي نشأة وتطور وانتشار الديوان فيما التزم باحثون آخرون بالمنهج الانثروبولوجي، لكن الملاحظ ان دراسة الديوان قليلة ان لم نقل نادرة وذلك راجع لكون هذا النوع من الرقص الشعبي اهمل كثيرا، لكن ومنذ تنصيب المهرجان الوطني لموسيقى الديوان في بشار بدات الابحاث في هذا المجال تعرف انتعاشا نسبيا. والملاحظ ان الاربع سنوات التي تمثل عمر المهرجان قليلة لكى تصل بالدراسة الى ما هو منشود وباستمرار تنظيم هذا المهرجان مستقبلا ستعرف الأبحاث تقدما كبيرا وهذا ما لاحظناه من خلال الطبعات السابقة. الديوان منذ المراحل الأولى لظهوره كان يعبر عن الشعور الخاص بالمجتمعات التي تمارس طقوسه . فهل مازال الديوان يحافظ على نفس الدور في وقتنا الراهن ؟ الديوان جزء من الذاكرة الثقافية له دور يلعبه ضمن هذا الكل، ومن بين أهدافه هو المعالجة النفسية بالطرق التقليدية منها ان الراقص يجعل من الديوان الوسيلة التي تفرغ من خلالها مكبوتات الامه واحزانها لذا نجده ينظم عند فقدان عزيز وفي اربعينية فهو الذي يخلص الاحياء من الام فراق الموتى، كما انه يمارس في حفل الختان حيث تتخلص الام من الالام الناتجة عن ختان ولدها.. هذا هو الجانب العلاجي الروحي لموسيقى الديوان. وماذا عن الآثار التي تتركها موسيقى الديوان من حيث الجانب الاجتماعي ؟ الجانب الاجتماعي لموسيقى الديوان يتجلى في انه يكلف احد اعضاء الفرقة بالاعلان عن شهر رمضان عن طريق الطبل يدور في الحي ويخبر الناس برمضان . يتكفل احد اعضاء الفرقة طيلة شهر رمضان بايقاظ الناس في السحور وهو المبشر بحلول عيد الفطر، كما يوجد في الديوان ما يسمى بالڤناوي الفجري وهو الذي يقوم بدورة سنوية في كل البلدان والقرى والمداشر لجمع المؤونة من اجل الوعدة السنوية لاحد الاولياء الصالحين، فهذا الجانب الاجتماعي هو من بين النقاط الايجابية في الديوان، بالاضافة الى انه لما يكون هناك عابر سبيل فانه يسال عن بيت الديوان ويقيم هناك مجانا الى ان يغادر. وللديوان جانب اجتماعي آخر هو الحفاظ على الترابط والتماسك الأسري، حيث ان لاعب الديوان حين توافيه المنية يرد الى بيت جده ومن هناك يخرج به الى المقبرة وهذا معناه العودة الى الاصول