أكد رئيس جمعية ''وفاء''، سعيد حواس، أن الجزائر بصدد التحضير لمشروع جديد وضخم يتمثل في إنشاء ''نادي المسنين'' سيفك عزلة المسنين والمتقاعدين الذين يعانون من انعدام الأمكنة الترفيهية أو حتى أماكن للقاء وتبادل أطراف الحديث، مما يرسخ شعورهم بالتهميش وقلة القيمة ويوقعهم في دوامة من الأمراض المزمنة، مشيرا إلى أن النادي سيكون قبلة لكبار السن من كافة ولايات الوطن. بدأت فكرة المشروع، حسب رئيس الجمعية، على ضوء نتائج دراسة ميدانية أنجزها فريق من الأطباء والأخصائيين أظهرت أن المتقاعدين في الجزائر لا يعيشون طويلا بعد إحالتهم على المعاش ويموتون فجأة أو لأسباب صحية تتعلق بتضخم إحساسهم بالتهميش. ذلك لأن إحساسهم بالوحدة وقلة القيمة يتعمق يوما بعد يوم. وللأسف، يضيف محدثنا، أن مجتمعنا اليوم لا يعترف سوى بالمادة والمتقاعد لا يحترم إلا إذا كان جيبه دافئا ولديه مدخول يقيه الحاجة والعوز، أومركزا يحفظ له علاقات اجتماعية حتى بعد الإحالة على التقاعد. وغالبا ما يصاب المتقاعد بصدمة بسيكولوجية بسبب معاملة المجتمع الذي ما يلبث أن يحيله على الرف. كما أن بعضهم يشتاق للحديث مع أقرانه والفضفضة إليهم بما يختلج في صدره من لوعة وإحساس بالتهميش، لذا سيكون النادي بمثابة ملتقى للمسنين يفرغون فيه همومهم لمدة أقصاها 90 يوما يستضافون فيها بالهضاب العليا بمنطقة اختارتها الدولة على أساس مناخها الملائم للصحة بولاية مسيلة في غابة تسمى ''جبل مساعد'' تبعد ب30 كلم عن مدينة بوسعادة. ويحتوي مشروع النادي على كل وسائل الترفيه والتثقيف بداية من مكتبة كبيرة يجد فيها المتقاعدون ضالتهم من الكتب التي تروي نهمهم الثقافي، بالإضافة إلى قاعة فيديو لمشاهدة الأفلام. وقاعات للالتقاء وأخرى للعلاج وسيتاح للمسنين الهرمين اصطحاب أحد من أهاليهم للرعاية إذا كان لا يعتمد على نفسه. وأضاف محدثنا أن الدولة خصصت أربعة هكتارات بالهضاب العليا لجمعية مساعدة الأشخاص المسنين ''وفاء'' قصد إنجاز مشروع ''نادي المسنين'' الذي سيتم الإعلان عنه قريبا، وسيستضيف هذا الأخير المسنين من كافة القطر قصد الراحة والاستجمام أو حتى للعلاج البيولوجي أو النفسي لمدة أقصاها 90 يوما. النادي الذي سيكون بمثابة منتجع للمسنين بحاجة إلى خطوة أخيرة لإنجازه تتمثل في ''تليطون'' لجمع أموال المحسنين لتجسيد المشروع الحلم الذي لا يتعلق فقط بالفئات المهمشة من المسنين، بل يخص أيضا الإطارات المتقاعدة التي سيعوضها عن الحرمان من وسائل وأماكن الترفيه التي يفتقدون إليها خاصة في العاصمة حيث يعاني المسنون من السجن في البيوت، بعد أن افتقدوا المساحات الخضراء والحدائق العمومية التي غزاها العشاق والشباب. ولمن يحب ممارسة حرفة تقليدية يتقنها أو يدعم نفسه بها سيجد ورشات متخصصة يستفيد منها وتستفيد هي من خبرته، أي أنهم سيستثمرون أوقاتهم في أعمال مكسبة ومثمرة لهم وللنادي الذي سيعرض أعمالهم للبيع في فضاءات تجارية. وأضاف السيد حواس بأن النادي سيزاوج بمركز صحي للشيخوخة تحسبا لتعب أصحاب الأمراض المزمنة وأمراض الشيخوخة بصفة خاصة، يسهر عليه أخصائيون، والعلاج لن يكون مجانيا ولا مكلفا وإنما بأسعار رمزية تضاهي أسعار مستشفيات الدولة، وهذا سيصب في الأخير لرواتب الأطباء والمنظفات. أما لمن لا يقدر على دفع تكاليف العلاج فسيحظى به مجانا وسيحدد ذلك على ضوء تحقيقات اجتماعية حول النزلاء. نداء لوزارة الصحة بتخصيص جناح للمسنين ذوي الأمراض المزمنة وجه رئيس جمعية مساعدة الأشخاص المسنين ''وفاء'' نداء لكل من بإمكانه الإسهام في إنجاز هذا المشروع الخيري التضامني، وذلك لتكوين أربع لجان تضم الأولى رجال القانون وتتميز بطابع قانوني لدراسة المشروع والإشراف عليه، وتتكون الثانية من أطباء مختصين أو في الطب العام للإشراف على صحة المسنين. أما اللجنة الثالثة فتتمثل في خلية أعمال ويشرف عليها صحفيون وخريجو الإعلام بهدف الترويج للمشروع إعلاميا. أما اللجنة الرابعة فهي أيضا على جانب كبير من الأهمية وتتكون من أخصائيين اجتماعيين ونفسانيين وهم الذين سيشرفون على المسنين طيلة مدة إقامتهم في النادي. ودور هؤلاء يكمن في امتصاص الأحاسيس السلبية التي يشعر بها أغلب من يقصدون النادي سواء أكانوا يعانون من مشاكل مع أبنائهم أو مع محيطهم، كما أن بعضهم يعاني من الكآبة بسبب أمراض الشيخوخة أو لأسباب مادية. وأخيرا يتوجه السيد حواس بندائه إلى المحسنين وأهل البر ليجودوا على المشروع بما استطاعوا، ومهما كانت الإعانة صغيرة تصبح كبيرة مع تكاثف الجهود وتعميمها على أكبر فئة لصالح هذه الفئة المهمشة من المجتمع. كما وجه طلبا لوزارة الصحة بتخصيص جناح في أحد المستشفيات الهامة للمسنين فقط، ويشرف عليه أخصائيون في أمراض هذه الشريحة العمرية والأمراض المزمنة التي تصيب المسنين وتشرف عليه الجمعية التي ستعمل بالتنسيق مع إدارة المستشفى، وهو في انتظار الحصول على الرد.وأضاف محدثنا أن الميزانية للانطلاق في المشروع حاضرة ماديا وبشريا، لكن حجم المشروع يتطلب إمكانات أكبر لضمان نجاحه واستمراريته ولأجل ذلك ستعرض الجمعية فكرة ''التليطون'' قريبا على التلفزيون الجزائري. 27 مركزا للشيخوخة على المستوى الوطني يأوي 8000 مسن أكد صاحب مشروع ''نادي المسنين'' وجود 27 مركزا للشيخوخة عبر التراب الوطني يأوي أكثر من 8000 مسن من الجنسين، لكن الأوضاع في هذه المراكز ليست على ما يرام. والحديث عنها يقودنا للحديث عن واقع المسنين بديار الرحمة التي لم تعد حكرا على هذه الفئة الهشة والحساسة في المجتمع، فهذه الديار ضمت العديد من الفئات في وقت صعب مرت به البلاد وحقبة اختلط فيها الحابل بالنابل، فسنوات الجمر جعلت الكل يغض الطرف عن اللاجئين الذين احتموا بهذه الديار منهم ضحايا المأساة الوطنية والمطلقات والأرامل رفقة أبنائهم، اللواتي لا يملكن سقفا يأويهن، ومنهم حتى المختلون عقليا وبعض المدمنين الذين يشكلون خطرا على كبار السن. وكم من الحوادث سجلت في هذا الإطار جعلت هؤلاء الكبار يفضلون الهروب إلى الشارع لأنه صار أكثر أمنا وأمانا. وبالنظر إلى الناحية النفسية المتردية لهذه الفئة بفعل إحساسها بالتهميش والإحباط، تجد الكثير منهم يقضون نحبهم في صمت بهذه الديار التي لم تصنع فرحتهم ولا عوضتهم عما افتقدوه. وحتى فيما يتعلق بشريحة المتقاعدين، فقد صارت هذه الأخيرة عرضة للتهميش والعزلة الاجتماعية التي تحيط بالمتقاعد فيقع فريسة الأمراض المزمنة، وغالبا ما لا يعيش طويلا بعد ذلك، وإن عاش فيقضي سنوات عمره الأخيرة بين وصفات الأطباء يتخبط في دوامة من الأمراض النفسية والجسمية.