تشهد العاصمة ازدياد في عدد مواكب الأعراس هذه الأيام، فلا يمر يوم إلا وعبرت شوارعها عشرات المواكب التي تصنع فرحة العائلات، وما يفسر كثافة الأعراس في هذه الفترة وتسارع وتيرتها هو قرب حلول شهر رمضان، فبانقضاء آخر أيام شهر أوت الجاري سينقضي معه موسم الأفراح الذي لازال متواصلا إلى آخر اللحظات سيما وأن تاريخ أول أيام رمضان قد تحدد مسبقا بالفاتح من سبتمبر. أهازيج الشباب الذين يرقصون على أنغام الزرنة، وأصوات أبواق السيارات في كل وقت، أعراس تقام في الصباح وأخرى بالليل، فالمهم هو التسابق مع الزمن وإتمام العرس قبل حلول شهر رمضان، إنها حال غالبية الأسر الجزائرية التي حظيت بالمراتب الأخيرة في قائمة كراء قاعات الحفلات التي تناقص عددها منذ قرار سنة .2005 يسارعون بإحضارها لتذوق طبخها مشهد العائلات التي تقيم أفراحها في الأسبوع الأخير قبل حلول رمضان يدفع بالكثير من الناس إلى التعليق بطريقة هزلية وفكاهية عليها حتى وهم في ضيافتهم داخل قاعة الحفلات، فكما عبرت لنا إحدى السيدات التي كانت مدعوة قبل أربعة أيام إلى زفاف أحد جيرانها،'' أصرت جارتي على إحضار عروس ابنها قبل رمضان مع أنه كان بإمكانها تأجيل الأمر إلى ما بعد رمضان، حتى تتذوق بنفسها الطبخ وتتأكد مما تردده والدتها باستمرار أن ابنتها طباخة ماهرة، ولا أحد يعد طبق الشوربة بنفس اللذة التي تعده بها''، وأضافت هذه السيدة ''جارتي سيدة عجوز ومريضة لا تقوى على إعداد خبز الدار والمطلوع يوميا لابنها، ما دفعها إلى المسارعة في إقامة العرس قبل هذا الشهر مهما كلف الأمر حتى ولو اقتضى ذلك إقامة العرس فوق سطح العمارة إذا لم تتمكن من إيجاد قاعة حفلات شاغرة قبل الموعد المحدد، كما أنها تعبت من المصاريف الباهظة التي تبددها في كل مرة لتقديم المهيبة لعروس ابنها''. لا يردن أن يمضي رمضان آخر السباق مع الزمن والتمسك حتى بالساعات الأخيرة قبل رمضان يعد الطريقة الوحيدة لتحقيق رغبة العديد من الفتيات اللواتي طالت مدة خطوبتهن وتجاوزت السنتين في الكثير من الأحيان، في الهروب من العنوسة المقنعة، فحتى وإن كن مخطوبات إلا أنهن لا زلن في عداد العوانس في نظر المجتمع الجزائري. هذا ما يدفع بالكثيرات منهن إلى إقامة حفلة العرس يومين أو يوما واحدا قبل رمضان، كما هو حال''آمال'' التي مرت 4 سنوات على خطوبتها وظلت تنتظر كل سنة أن يتحصل خطيبها على الشقة التي قدّم عليها لدى وكالة عدل وبما أن السنوات مرت كالأيام، رضخت ''آمال'' للأمر الواقع وفضلت إقامة عرسها يومين قبل رمضان والسكن مع أهل زوجها على أن يمر رمضان آخر وهي لا زالت ببيت أهلها، فكما قالت ''آمال'' في حديثها معنا ''في السنوات الأربع الماضية، كنت كلما جاء رمضان أشعر وكأن عاما كاملا من حياتي ذهب سدى''. ما قالته لنا ''آمال'' هو تقريبا نفس الطريقة التي تفكر بها غالبية الفتيات اللواتي أصررن على الزواج قبل انقضاء أوت الجاري.