دافع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على خصوصية الاقتصاد الجزائري، وأكد أن هذه الخصوصية هي التي ''وقتنا شر'' الأزمة الاقتصادية العالمية التي ظهرت مع انهيار البنوك الأمريكية العام الماضي جراء نظام المراهنات، وتأتي هذه التصريحات بعد تشكيك الكثيرين في نمط تسيير المؤسسات الجزائرية الذي ما يزال يعطي حصة الأسد للشريك الجزائري وكذلك الانتقادات التي تابعت سن قانون المالية التكميلي للعام 2009 والذي أبدت بعض الجهات الاقتصادية في داخل وخارج الجزائر امتعاضها منه. وتأتي هذه التصريحات التي ستكتب وفقها التقارير الدولية لخبراء المال والأعمال بخصوص الوضع الاقتصادي للجزائر لاسيما شركائها التقليديين والمهتمين بمجال الاستثمار في البلاد بعدما تم تخصيصه من غلاف مالي للمخطط التنموي الخماسي 2010-2014 والذي يبلغ 286 مليار دولار أمريكي سيوزع على الكثير من القطاعات الحيوية. وكان رئيس الجمهورية قد أعرب في لقائه بوزير المالية كريم جودي عن ارتياحه لتمكن الجزائر من تجاوز الأزمة المالية والاقتصادية العالمية بدون تبعات سلبية كبيرة على الاقتصاد الجزائري الذي اعتبره في وضع مريح. وقال الرئيس في معرض جلسة الاستماع مع وزير المالية إنه و''بفضل الإجراءات التي تم اتخاذها خلال السنوات الأخيرة سيما إنشاء صندوق ضبط الإيرادات والتسديد المسبق للديون الخارجية والتخلي عن أي استدانة أو اقتراض من الخارج تمكنت الجزائر بدون تبعات سلبية كبيرة من مواجهة الآثار الأخيرة للأزمتين المالية والاقتصادية العالميتين والشروع هذه السنة في برنامج خماسي جديد مكثف للاستثمارات العمومية. وكان بوتفليقة قد اتخذ العام 2005 قرارا بعدم الاستدانة من الخارج والسداد المسبق للديون التي استقرت في حدود 3.92 مليارات دولار أمريكي العام 2009 مقابل 29 مليار دولار العام .1999 وتبلغ الفوائض المحتفظة في صندوق ضبط الإيرادات نحو 60 مليار دولار أميركي، تلجأ إليها الحكومة لتغطية العجز المسجل في الموازنة العامة. وشدد بوتفليقة على ''ضرورة تنشيط عملية تنويع الإنتاج الاقتصادي للبلاد من أجل التقليص من التبعية الوطنية المفرطة للمحروقات من خلال الإجراءات المهمة التي تم اتخاذها من أجل تشجيع ودعم ازدهار المؤسسات الوطنية سواء كانت عمومية أو خاصة. يذكر أن رئيس الجمهورية كان قد ترأس أيضا اجتماعا مصغرا يدخل في إطار الجلسات التي يعقدها سنويا للاطلاع على مختلف الأنشطة الحكومية حيث خصص لقطاع الطاقة والمناجم. وكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قد أكد في مداخلته عقب تقييم قطاع المحروقات ''أن الأزمة المالية الأخيرة وآثارها على أسعار المحروقات في الأسواق الدولية قد أبرزت مجددا مدى خصوصية اقتصادنا سيما هذا المورد الطبيعي، ونبه قائلا ''يتعين علينا بذل جهود أكبر في مجال الاستثمار والموارد في تثمين طاقاتنا في مجال المحروقات من خلال تكثيف جهود البحث والتنقيب عبر كامل التراب الوطني، ويجب أن نولي اهتماما كبيرا لتطوير الطاقات الجديدة والمتجددة وأنا أنتظر أن يتم تقديم برنامج عمل فعلي وأؤكد أن الاقتراحات التي ستتم الموافقة عليها ستحظى بالدعم المالي العمومي الملائم''. كما طالب رئيس الدولة بإجراء تقييم آخر لمشاريع الصناعات البيتروكيمياوية مع الأخذ بعين الاعتبار قدراتها على استحداث صناعة فعلية وتثمين أحسن لمداخيل الغاز المتوفرة، مبرزا أهمية مواصلة الجهود العمومية الرامية إلى ربط السكنات الريفية بشبكات الكهرباء والغاز الطبيعي. وفي سياق حديثه عن السياسة المنجمية تطرق بوتفليقة إلى التطور الذي تم تحقيقه في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة سيما في استحداث مجمع وطني للاستغلال المنجمي وإنشاء مؤسسة عليا للتكوين المنجمي مؤكدا على ضرورة تعزيز الجهود في هذا المجال. وأضاف قائلا ''يجب علينا أن نعمل بشكل فعال على بعث عمليات التنقيب عن ثرواتنا المنجمية وهي مهمة الخدمة العمومية، كما يتعين علينا تجنيد التمويلات الوطنية وتشجيع مساهمات الشركاء الخارجيين ذوي المستوى الرفيع لاستغلال مخزوننا الهام من الحديد والفوسفات مثلا. وباختصار يجب علينا استغلال طاقاتنا المنجمية بشكل عقلاني لما يتيحه من فرص للعمل وما يقدمه من نشاطات بعدية وكذا لإسهاماته في صادراتنا''. ومن جهة أخرى اغتنم رئيس الدولة فرصة تقييم هذا القطاع الاقتصادي ذو القيمة المضافة العالية لإعطاء تعليمات لأعضاء الحكومة بالسهر على تثمين المؤسسات العمومية أو المختلطة كل في مجال اختصاصه. وأخيرا أكد رئيس الجمهورية أن ''هذه المسؤولية التي لا تحتمل أي استثناء تتطلب أن تتم دراسة كيفية تطوير المؤسسة واستغلال مواردها والموافقة عليها من قبل صاحب الأسهم فيها وهو الدولة. وبنفس الطريقة يجب لضمان ديمومة المؤسسة العمومية أن يتم تقييم منتوجها بشكل موضوعي لتفادي الصعوبات المالية ومكافحة التهريب الذي يتم بسبب الأسعار المنخفضة''.