يتحدث مصطفى ولد لمام الشافعي الوسيط في المفاوضات بين الجماعات الإرهابية في الساحل تحت إمرة بلعور عن عملية وظروف اعتقال الرهائن الإسبان من قبل عناصر القاعدة، ويكشف لأول مرة عن الشروط التي تم وضعها من أجل التفاوض على إطلاق سراح الرهائن، ويؤكد أن القاعدة سعت إلى ارتكاب مجزرة ضد الرهائن لولا ليونة تعامل الحكومة الإسبانية مع الموضوع. 4 شروط وضعها المفاوض البوركينابي لمباشرة المفاوضات ''أولا لا يمكن قتل الأسبان. وثانيا: يمنع إرسال أدلة على أنهم أحياء إلى وسائل الإعلام. ومن غير المقبول، ثالثا، إعلان إنذار يتعلق بإنهاء حياتهم. كما يجب، رابعا، تمكينهم، بين الفينة والأخرى، من الاتصال بذويهم''. كانت هذه هي الشروط الأربعة التي وضعها مصطفى ولد لمام الشافعي على خلية تنظيم ''قاعدة المغرب'' التي يقودها مختار بلمختار، من أجل مباشرة المفاوضات لتحرير المتطوعين الأسبان آليثيا غاميث وآلبرت بيلالتا وروكي باسكوال، الذين خطفوا في 29 نوفمبر 2009 في موريتانيا بينما كانوا يشاركون في قافلة لمنظمة ''برشلونة للعمل التضامني'' غير الحكومية. ووقع اختيار الطرفين على الموريتاني ولد الشافعي، مستشار الرئيس البور كنابي ابليز كومباوري، كوسيط من أجل البحث عن اتفاق يستعيد به المتطوعون حريتهم. وقد رشحته لهذه المهمة إدارته الناجحة، في أفريل ,2009 لإنقاذ الدبلوماسيين الكنديين اللذين كان يختطفهما أيضا بلمختار. وقد وافق ''الأعور'' على كافة شروط الشافعي، وأكثر من ذلك، سمح له بتحقيق رغبته في مقابلة الرهائن، وهو أمر غير عادي بالمرة في مثل هذه الاختطافات، حصل ذلك تقريبا بعد شهر من اختطاف غاميث وباسكوال وبيلالتا، وهي عملية كان من الممكن، كما يحكي ولد الشافعي، أن تنتهي بحمام دم. ''كانت القافلة محظوظة بشكل لا يوصف، لأن القاعدة كانت تريد قتل جميع أفرادها تقريبا. كانت تريد اعتراض السيارة الأخيرة من القافلة، واحتجاز عدد غير محدد من الرهائن والتقدم إلى بقية القافلة وإطلاق النار على راكبي السيارات الأخرى'' كما يوضح. لحسن الحظ، حصلت مفاجأتان أحبطتا المخطط الكارثي. الأولى هي ظهور شاحنة تحمل رقما مغربيا تسير في الاتجاه المعاكس. أما الثانية، والأهم، فكانت رد فعل آلبرت بيلالتا. ''لم يشأ ألبرت النزول من السيارة كما أمروه، بل أخذ جهاز الاتصال وحاول إنذار القافلة، كما يشرح الوسيط. ولهذا أطلقوا عليه النار فأصابوه في الكاحل والركبة والساق. لكن اتصاله كان حاسما في إجهاض حصول مجزرة، لأنه جعل الإرهابيين يخافون من رد فعل بعض أفراد القافلة وقرروا الهرب بسرعة بالرهائن''. وحسب المعلومات التي لدى ولد الشافعي، فإن عدد الإرهابيين الذين نفذوا العملية أربعة إلى خمسة أفراد، اثنان منهم موريتانيان، ومالي واحد. ولم يواجهوا صعوبة في معرفة مسار قافلة المنظمة غير الحكومية الكتالونية. ففي موريتانيا، كما يشير إلى ذلك المفاوض، يوجد على الأقل 300 شخص مرتبط بالقاعدة ''يتحركون بحرية'' ويراقبون حركة الرعايا الغربيين. عناصر القاعدة يدفنون الوقود تحت الأرض ليتزودوا منه في الصحراء بعد نجاح الاختطاف، فر الإرهابيون نحو مالي، بمساعدة دليلهم عمر الصحرواي، الناشط الذي اعتقل وأدين باثني عشر عاما سجنا والذي سهل إطلاق سراحه تحرير بيلالتا وباسكوال. كانوا يسيرون طوال الليل ويتزودون بالوقود والأغذية من خلال نقاط تابعة لخلايا القاعدة موزعة على الطريق ومدفونة تحت الأرض. ومن ثم تم نقل المتطوعين إلى مخبأ في الساحل، حيث قضوا الأشهر الأولى من فترة أسرهم الطويلة. وبعد الهجوم بقليل، بدأ ولد الشافعي في الحصول على معلومات حول الاختطاف. ''بعد يومين كنت على علم بأن أحد الأسبان جريح. وقد طلبت الحكومة الأسبانية مساعدة كل دول الساحل، وحين وصل مبعوثها الخاص إلى بوركينافاسو اجتمعنا وشرحت له ما وصل إلى علمي. كان ذلك هو الوقت الذي أكدوا لي فيه أن المسؤول هو بلمختار، ومن حينها نظمنا الرحلة الأولى إلى المعسكر''. وكانت زيارات الوسيط تنظم بذات الطريقة. ''كانوا هم من يتصل عن طريق عناوين هاتفية مختلفة، ويعطون إحداثيات مكان الموعد الذي عادة ما يكون على الحدود بين بوركينافاسو ومالي. وحين نصل هناك، يتكفلون بالنقل حتى نقطة الاجتماع ببلمختار'' كما يوضح. ويقول الشافعي إن الإرهابيين ينامون نهارا تحت ظلال سياراتهم أما في الليل ''فيبيتون في فندق الألف نجمة'' أي في الهواء الطلق. الأرز والعجائن والرغيف غذاء الإرهابيين في الصحراء في الرحلة الأولى كان المفاوض يصطحب معه بعضا من ورق التواليت والعصائر والحلويات والكثير من الأدوية التي وفرتها الحكومة الأسبانية. ''أرسلت الحكومة الأسبانية طائرة تحمل الكثير من الأدوية كما يتذكر ولد الشافعي وبدون شك فقد كانت الحكومة الأسبانية هي الأفضل من حيث معاملة رهائنها الذين وفرت لهم منذ اليوم الأول كل أشكال الأدوية والألبسة والغذاء''. وساهمت الأدوية الأولى، من بين أمور أخرى، في تجنب أن تلتهب جراح بيلالتا. إضافة إلى ذلك، فقد أوصلت آليثيا غاميث من الخاطفين إلى ولد الشافعي ورقة تضم لائحة طلبات بمواد يحتاجها الرهائن لأجل نظافتهم الشخصية. كان الرهائن يأكلون نفس غذاء خاطفيهم المكون أساسا من الأرز والعجائن والرغيف. وفي أحيان نادرة من اللحم. ''هناك في الصحراء لا يوجد شيء. لا توجد حيوانات والإرهابيون ليسوا على اتصال بالسكان من أجل التزود. لديهم أكياس من الأرز والعجائن والطحين وهذا هو ما يأكلونه. وفي حالات استثنائية قد يحصلون على خروف'' كما يشرح ولد الشافعي. بعد مرور أكثر من شهر تلقى ولد الشافعي نبأ مثيرا للقلق، فقد كان باسكوال يعاني من مشكلة في القلب وكانت حالته سيئة. حينها أصر ولد الشافعي على مقابلة الرهائن. وهو ما كان له في النهاية. كانت تلك هي أصعب اللحظات بالنسبة إليه. ''إنه من المؤلم جدا مشاهدة أبرياء محتجزين ظلما''. يكرر ولد الشافعي وهو يغض طرفه ''إنه مؤلم جدا''.